دقائق قليلة قبل مغرب اليوم الاثنين، وبينما كانت شمس الخامس من شهر غشت تشارف على الرحيل، ووري جثمان الطفلة “هبة مقروط”، بمقبرة “أيت عيسى” بسيدي علال البحراوي، مخلفة حالة من الحزن الكبير، والصدمة الكبيرة، وسط أهلها والعشرات من الأقرباء والمتضامنين الذين شيعوها إلى مثواها الأخير. مريم، أم الضحية، ظهرت في حالة صدمة شديدة وهي تلقي نظرتها الأخيرة على الصندوق حيث ترقد فلذة كبدها، ف”هبتها” رحلت بطريقة تراجيدية مفجعة، هزت دفء الأسرة وحركت جميع المغاربة معها. وإذا كان الصندوق الخشبي قد حجب جثمان هبة، فإن آخر صورة عالقة بذهن الأم كانت مشهد الحريق المهول، فيما كانت هي عاجزة عن تقديم أي مساعدة لفلذة كبدها وقد حوصرت بألسنة اللهب من جهة وبالشباك الحديدي للنافذة، من جهة أخرى. بدوره، لم يتمالك الأب عزيز نفسه طوال اليوم وهو يستقبل المعزين، إذ انهار لأكثر من مرة باكيا ومبكيا جميع من حضر. انتهى اليوم القاسي والطويل على أسرة الضحية ومحبيها بالصلاة على جثمانها ومواراته الثرى، في مكان قصي بين تلال القرية التابعة لقرية آيت جوهرة، لكن ذكراها ستبقى ندوبا غائرة في قلوب الأسرة، في انتظار فتح تحقيق في تهمة التقصير والتأخر التي تلاحق رجال الوقاية المدنية.