في سابقة من نوعها، الاتحاد الإفريقي بتركيبته الجديدة المحررة من ثقل هيمنة الجزائر وحلفائها وبعد عودة المغرب إليه في يناير 2017، يجد نفسه مطالبا بالبث في شكوى أحالتها عليه المعارضة الداخلية لجبهة البوليساريو في مخيمات تندوف، المتهمة باعتقال المعارضين وانتهاك حقوقهم، لا لشيء إلا لأنهم يعبرون عن رفضهم للسياسات التي تتبعها قيادة الجبهة. إذ راسل الحزب المعارض “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير” الاتحاد الإفريقي، يطلب منه التحرك من أجل وقف المحاكمة المفبركة للمعارضين السياسيين لزعيم الجبهة وإبراهيم غالي ومن يدور في فلكه. هذه الشكوى (مراسلة) المرفوعة إلى الاتحاد الإفريقي، تعتبر ثالث ضربة موجعة من الداخل تتلقاها البوليساريو في الأيام والأسابيع الأخيرة بعد الضربة الثانية التي تلقتها نهاية الشهر الماضي من الحزب نفسه “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير”، والذي راسل الأممالمتحدة وطالبها بالتدخل من أجل إطلاق سراح مجموعة من المعارضين سجنهم إبراهيم غالي؛ وبعد الضربة الأولى التي وجهها نفس الحزب للجبهة البوليساريو بدعوة زعيمها، إبراهيم غالي، إلى ضرورة الحوار مع المغرب من أجل حل “يرضي مصالح الطرفين”. في هذا الصدد، طالب الحزب حديث النشأة “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير”، يوم أول أمس الأربعاء، الاتحاد الإفريقي بالتحرك من أجل “تجنب المحاكمة غير العادلة” ضد ثلاثة معارضين صحراويين اعتقلوا خلال التمردات والاحتجاجات التي عرفتها مخيمات تندوف خلال شهر يونيو المنصرم، وهي الاحتجاجات التي حاولت جبهة البوليساريو التستر عليها وإنكارها. الرسالة وجهت بشكل مباشر إلى المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الإفريقي المكلفة بانتهاكات حقوق الإنسان في الدول ال55 المنضوية تحت لواء هذه المنظمة الإفريقية، تعيد التأكيد على أن الاتحاد مطالب ب”التدخل العاجل” لوقف “محاكمة جائرة ذات دلالات سياسية ضد المعتقلين”. واستندت الرسالة إلى كون الإجراءات القضائية التي اتبعت في حق المعارضين الموقوفين “مليئة بالخروقات والمخالفات التعسفية التي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان”. وتوضح الرسالة أن قيادة جبهة البوليساريو تعتمد أساليب بائدة تجرمها قوانين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، والقائمة على أن كل التهم “مفبركة لتشويه سمعة المتهمين وإعدامهم معنوياً لدى الرأي العام الصحراوي قبل تقديمهم إلى المحاكم”. لهذا تدعو الرسالة الاتحاد الإفريقي إلى الدخول على الخط لإجبار الجبهة على “احترام حقوق الإنسان، وضمان شفافية ونزاهة المتابعة القضائية، كما الحقوق الأساسية للمعارضين السياسيين”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء “أوروبا بريس”. ويوجد على رأس قائمة الموقوفين خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها الجبهة، الناشطان السياسيان مولاي أبا بوزيد وفاضل بريكة والمدون محمود زيدان. وكان حزب “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير” راسل ، كذلك، في أواخر الشهر المنصرم، المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، مطالبا إياها ب”التدخل من أجل ضمان احترام حقوق الأشخاص المعتقلين السياسيين وإطلاق سراحهم في أقرب وقت” في مخيمات تيندوف. أغلب الموقفين ينتمون إلى “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير”، وهو تيار نقدي معارض للجبهة من الداخل. وأردفت الرسالة الموجهة إلى الأممالمتحدة أن “كل الاعتقالات تمت دون أمر قضائي، وحتى العائلات لم تتلق، إلى حدود كتابة هذه الرسالة، أي إجابة رسمية عن الاعتقالات، ولا مكان الاعتقال، ولا حتى طبيعة التهم الموجهة للمعتقلين”. ورجحت الرسالة إمكانية أن يكون “المعتقلون، المتهمون بانتقاد قيادات الجبهة على وسائل التواصل الاجتماعي، يقبعون في السجن السري المشؤوم والمعرف الراشيد، والذي كان في السابق مسرحا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.