التمرد في الأيام الأخيرة على قيادة جبهة البوليساريو وقمع هذه الأخيرة لكل الأصوات المنددة بالواقع المزري في المخيمات وبخدمة القيادات لمصالحها الخاصة، يصل إلى الأممالمتحدة، رغم محاولة الجبهة والجزائر التستر على ذلك. إذ بعد الضربة الأولى التي وجهها الحزب المعارض الحديث النشأة “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير”، لجبهة البوليساريو بدعوة زعيمها، إبراهيم غالي، إلى ضرورة الحوار مع المغرب من أجل حل “يرضي مصالح الطرفين”؛ عاد ليوجه ضربة ثانية إلى قيادة البوليساريو بمراسلة الأممالمتحدة ومطالبتها بالتدخل من أجل إطلاق سراح مجموعة من المعارضين سجنهم إبراهيم غالي بسبب رفضهم لسياساته. الرسالة التي بعث بها الحزب الجديد إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تطلب من المجتمع الدولي “التدخل من أجل ضمان احترام حقوق الأشخاص المعتقلين سياسيا وإطلاق سراحهم في أقرب وقت”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء “أوروبا بريس”. وتابعت الجبهة أن “العديد من الأشخاص المنضوين تحت لواء المبادرة الصحراوية من أجل التغيير، تيار نقدي معارض للجبهة من الداخل، اعتقلوا الأسبوع الماضي، في اغتصاب واضح لحقوق الإنسان”. وأردفت الرسالة أن “كل الاعتقالات تمت دون أمر قضائي، وحتى العائلات لم تتلق، إلى حدود كتابة هذه الرسالة، أي إجابة رسمية عن الاعتقالات، ولا مكان الاعتقال، ولا حتى طبيعة التهم الموجهة للمعتقلين”. ورجحت الرسالة إمكانية أن يكون “المعتقلون، المتهمون بانتقاد قيادات الجبهة على وسائل التواصل الاجتماعي، يقبعون في السجن السري المشؤوم والمعروف ب “الراشيد”، والذي كان في السابق مسرحا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”. الحزب الجديد الذي يطالب الجبهة بالسماح له بعقد اجتماع عام بمخيمات تندوف، أبلغ الأممالمتحدة أنه “وفق شهادات من المخيمات، يقبع المعتقلون في زنازين سرية مظلمة ويتعرضون لاستجواب مشكوك فيه وهم معصوبو العينين وبدون حضور محامين”. وخلصت الرسالة إلى أن ما قامت به قيادة الجبهة ضد المعارضين في الأيام الأخيرة، يؤكد “أننا أمام إجراء سياسي متعمد لمعاقبة أعضاء المبادرة الصحراوية من أجل التغيير في خرق للقانون”. ويبدو، أيضا، أن قيادة البوليساريو متوجسة من الحزب المعارض الجديد، بعد تأكيده على أنه يجب إخراج الشعب الصحراوي من “البئر المظلمة” التي يقبع فيها منذ انسحاب إسبانيا من الصحراء، مؤكدا أن “الحل يجب أن يكون وسطيا بين ما هو ممكن وما يتمنى”. ويرى الحزب الجديد أن “الحل المعقول هو ذلك الذي تتلاقى فيه مصالح بعض المغاربة وحقوق صحراويين آخرين”، كما يعتقد أن الخروج من بلوكاج نزاع الصحراء يفرض على الطرفين “إبداء حسن النية وبناء الثقة”.