قضى الفقيه بينبين مدة تناهز 31 عاما يشتغل مؤنسا للملك الحسن الثاني.. ابنه ماحي بينبين، اختار توثيق هذه التجربة المثيرة في رواية «مؤنس الملك» التي تمت ترجمتها لعدة لغات.. في هذه الحلقات نجري حوارا مع الروائي والفنان ماحي بينبين، وقصته مع والده، كما ننشر أبرز فصول الرواية. هل اعتمدت فقط على الأشرطة المسجلة لكتابة رواية “مؤنس الملك” أم على معطيات أخرى؟ عندما حصلت على الأشرطة، بقيت لمدة شهرين أنصت لها، وأوثق القصص، لكن لم أعتمد عليها وحدها بل اعتمدت أيضا على ما رواه لي الفقيه بينبين طيلة لقاءاتنا، فقد كان شخصا يستحيل أن يصمت، بل إنه يكون المتحدث الوحيد عند اللقاء معه. أذكر أنه مرة التقينا في باريس وتناولنا الغداء وكان معنا الكاتب الطاهر بنجلون، ولاحظ كيف أن والدي يتحدث باسترسال، فسألني “لم يترك لنا والدك فرصة للحديث ألا يمكنه السكوت”. ما مصير تلك الأشرطة، هل لازالت تحتفظ بها؟ سمعت أنه سيتم تسليمها للخزانة الوطنية، لتبقى ضمن الوثائق التي تؤرخ لمرحلة من تاريخ المغرب، لكن التسجيل ليس واضحا بما فيه الكفاية ويحتاج لتركيز كبير. بعد وفاة الحسن الثاني سنة 1999، خرج والدك من القصر.. من الطبيعي ذلك، فقد انتهت مهمته بوفاة الملك، ولكن الملك محمد السادس لم يقصر من جهته، فقد كان يعتني بوالدي. لقد كان والدي يقف إلى جانب والي العهد، عندما كان يغضب منه والده. هل سبق أن التقيت بالملك محمد السادس؟ نعم التقينا في باريس، لقد تم استدعائي من طرف القصر لحضور عيد ميلاد شقيقته في باريس، وقد استشرت أخي عزيز، وذهبت وقد التقيت بشكل عابر بالملك في تلك المناسبة. هل يقتني الملك أعمالك الفنية من لوحات ونحت؟ نعم اقتنى الملك العشرات من أعمالي الفنية، ويمكنني القول أنه كلما كانت هناك مناسبة في القصر إلا و”تدور عندي الحركة”، لأن الكثير من الشخصيات يأتون لاقتناء أعمالي لتقديمها هدايا للقصر. كيف قضى الفقيه بينبين حياته بعد وفاة الحسن الثاني؟ كما قلت سابقا، لقد عثرت على والدي، وتعرفت عليه عن قرب، وقد كنت دائما أناديه ب”الفقيه”، ولكن عندما كتبت رواية “مؤنس الملك”، اخترت لأول مرة أن أهديها له واخترت إهدائها “إلى أبي”، وكانت تلك أول مرة أناديه بأبي. لقد عاش 94 عاما، وكانت الجلسات معه رائعة، وكان يزور كل أبنائه ال15، علما أنه تزوج ثلاث نساء، وقد بقي حاليا من أبنائه 14 بعد وفاة أحدهم. عندما أصدرت روايتك عن “مؤنس الملك”، هل تلقيت أي انتقاد أو غضب من القصر؟ هناك من لم تعجبه الرواية ومن اعتبرها تكشف أسرار القصر، لكن رسميا لم أتلق أي عتاب، بل إن الرواية تباع في المكتبات في المغرب دون أي مشكل، وقد نظمت لقاء حولها، حضرته شخصيات، واستدعيت القناة الثانية دوزيم التي غطته ولو لبضع ثواني. روايتك “نجوم سيدي مومن”، تحولت إلى فيلم أخرجه نبيل عيوش بعنوان “يا خيل الله”. هل كانت هذه التجربة وراء تأسيس مراكز ثقافية في الأحياء الشعبية؟ فعلا، كانت رواية نجموم سيدي مومن، حدثا مهما، تمت ترجمته لخمس عشرة لغة، وتحول إلى فيلم. وبعد هذه التجربة فكرنا في أن نلتفت لهؤلاء الشباب في سيدي مومن ونقدم لهم شيئا، فكانت فكرة تأسيس مركز ثقافي للشباب. قمت أولا بالاتصال بأصدقاء فنانين وجمعت منهم حوالي 100 لوحة وبعناها في مزاد علني في “حياة رجنسي”، وتوجهت لرئيس جماعة سيدي مومن (بريجة) ليساعدنا في الحصول على أرض، ولكنه اقترح علينا شراكة لتسيير مركز ثقافي قائم، وفعلا، قمنا بتجهيزه، وهو اليوم يضم حوالي 1000 شاب وطفل، يستفيدون من أنشطة في المسرح والرسم والموسيقى، ويسمى المركز “نجوم سيدي مومن”. بعد نجاح هذه التجربة، فكرت في توسيعها ففتحنا مركزا مشابها في حي بني مكادة في طنجة اسمه “نجوم المضيق”، وأيضا في أكادير فتحنا مركزا تحت اسمه “نجوم سوس”، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وبدعم من وزارة الشبيبة والرياضة حصلنا على رياضين الأول في فاس والثاني في مراكش، وافتتحنا مركز “نجوم المدينة” في فاس، وقريبا سنفتح مركزا في مراكش، حيث تتولى الشركة العامة العقارية تمويل تسييره. ونحن نعتمد على جمع المساعدات والتبرعات من أجل ضمان سير هذه المراكز التي يتم إنشاؤها من طرف “جمعية علي زاوا”، لكن مع الأسف منذ سنتين طلبنا الحصول على صفة “المنفعة العامة”، دون أن نتلقى أي رد، ما يجعلنا نتساءل هل تريدنا الدولة أن نشتغل لفائدة الشباب أم لا؟