نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    رسمياً.. بلدان إفريقيان يشرعان في إنتاج الغاز الطبيعي    الدرهم يتراجع أمام الدولار بنهاية العام    برنامج الجولة 18 من البطولة الاحترافية ومواعيد المباريات المؤجلة    انتحار اللاعب الأوروغوياني أكونيا    مسرحية هم تمثل المغرب في الدورة ال5 عشرة لمهرجان المسرح العربي    انطلاق أشغال مؤتمر الألكسو ال14 لوزراء التربية والتعليم العرب بمشاركة المغرب    الإعلان في المغرب عن تأسيس المنظمة الإفريقية لحقوق الإنسان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    الناظور..جمعية مغرب الثقافات والفنون تنظم الدورة الثانية لمهرجان أنيا للثقافة الأمازيغية    وقفة احتجاجية تضامنا مع سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز    هولندا.. شرطة روتردام تحذر المواطنين بعد 3 حوادث إطلاق نار لنفس الشخص    تاوسون تتوج بدورة أوكلاند للتنس بعد انسحاب اليابانية أوساكا    برشلونة يعلن جاهزية لامين يامال    "ميتا" تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتطوير تجربة التواصل الاجتماعي    مصر تترقب بقلق صعود إسلاميي تحرير الشام إلى السلطة في سوريا    وزير خارجية سوريا يصل الدوحة في أول زيارة لقطر    عصابة للتنويم المغناطيسي تسرق ملايين الدينارات بلمسة كتف في بغداد    88 قتيلا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    انخفاض المبيعات السنوية لهيونداي موتور بنسبة 1,8 بالمائة    دوري أبطال إفريقيا: الرجاء الرياضي يفوز على ضيفه ماميلودي صن داونز '1-0'    خبراء مغاربة يؤكدون عدم وجود تهديد استثنائي من "فيروس HMPV"    المغرب يفرض "رسما مضادا للإغراق" ضد الأفران الكهربائية التركية    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة خفيفة قبالة الساحل الشرقي لأستراليا    تفاصيل متابعة جزائري بالإرهاب بفرنسا    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    فيروس رئوي جديد يثير قلقا عالميا    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات مع حماس بقطر وكتائب القسام تنشر فيديو لرهينة في غزة    آخر الأخبار المثيرة عن حكيم زياش … !    المرأة بين مدونة الأسرة ومنظومة التقاعد    هزيمة جديدة للمغرب التطواني تزيد من معاناته في أسفل ترتيب البطولة الاحترافية    5.5 مليار بيضة و735 ألف طن من لحوم الدواجن لتلبية احتياجات المغاربة    حادث سير بشارع الإمام نافع في طنجة يعيد مطالب الساكنة بوضع حد للسرعة المفرطة    أمن مراكش يحجز 30 ألف قرص طبي    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تُعلن تشغيل المسار البرتقالي من قطار الرياض    المشاركون في النسخة ال16 من لحاق أفريقيا ايكو رايس يحطون الرحال بالداخلة    جنازة تشيّع السكتاوي إلى "مقبرة الشهداء".. نشطاء يَشهدون بمناقب الحقوقي    "نصاب" يسقط في قبضة الشرطة    إحراج جديد لنظام الكابرانات أمام العالم.. مندوب الجزائر بالأمم المتحدة ينتقد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية علنًا    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من أقاليم الشمال    منيب: نريد تعديلات لمدونة الأسرة تحترم مقاصد الشريعة لأننا لسنا غربيين ولا نريد الانسلاخ عن حضارتنا    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    رالي "أفريكا إيكو ريس".. تجاهل تهديدات البوليساريو والمشاركون يواصلون رحلتهم على أراضي الصحراء المغربية    بطولة انجلترا.. الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والسياسة في الدساتير العربية الجديدة
نشر في اليوم 24 يوم 11 - 05 - 2018

مثلت المسألة الدينية إحدى القضايا الخلافية، على امتداد سيرورة بناء الدساتير العربية الجديدة، وقدمت التجربة التونسية نموذجا لافِتا للتجاذبات السياسية بين مختلف مكونات المجال السياسي، حيث عاشت شبه انقسام بين من يدعو إلى إيلاء الإسلام والشريعة الإسلامية مكانة مميزة في نص وثيقة الدستور، كما هو حال حزب النهضة ومن ناصره من التنظيمات، ومن شدد على الطابع العلماني للدولة ومؤسساتها، كما دافع عن ذلك العلمانيون بكافة ألوانهم وتياراتهم. ولعل حالة كل من مصر والمغرب لم تكن بعيدة كثيرة عن روح هذه التجاذبات.
تُمثل في الواقع علاقةُ الدين بالسياسة أو الدولة في مجمل البلدان العربية ثنائية بالغة التركيب والتعقيد، ولعلها من الحلقات الأكثر تأثيرا على الحياة السياسية لمجتمعات هذه البلدان وأحوالها. ليس بسبب أن تدخل الدين في السياسة، أو شؤون الدولة، ممارسة مُضِرة، أو غير مُحبذة، وإنما بسبب الأفهام والأطر المرجعية المؤسسة لهذه العلاقة، والناظمة لسلوك أطرافها.
ما هو ملاحظ بشكل ملموس في الواقع العملي استثمار "السياسي" ل"الديني"، وتوظيفه في أغلب الأحيان لإضفاء الشرعية على سلوكيات سياسية لا تحظى بالقبول من قبل المجتمعات، أو لا تتطابق مع الدين، كما يفهمه الناس ويمارسونه في حياتهم اليومية، أي "التدين الشعبي".
فكثيرا ما يحصل تصادم بين "الدين الرسمي"، أي الدين الذي تُسوقه الدولة وفق رؤيتها واستراتيجيتها لتدبير المجال الديني، و"التدين الشعبي"، الذي يتعاطاه الناس بتلقائية وبساطة، ودون تصنع أو أهداف مسبقة.
ففي المغرب أصبحت قضية نزع الطابع الديني عن بعض فصول الدستور، أو على الأقل التخفيف منها، مطروحة بحدة منذ الإصلاحات التي جرت بداية عقد تسعينيات القرن الماضي، في دستوري 1992 و1996.
أما لُب ما طُرح من ملاحظات واقتراحات للعلاج، فتعلقت تحديدا بالفصل 19، الذي ظل على امتداد كل دساتير المغرب (1962 1970 1972 1992 1996)، موضوع تجاذب بسبب مضمونه والتأويلات التي طالته. فالفصل يمنح، من جهة، للملك لقب "أمير المؤمنين".
وتأسيسا على هذا اللقب، تم اللجوء إليه بكثافة لتأويل مقتضيات الدستور بشكل وسَّع سلطات الملك، وضخم مجالات تدخله على حساب باقي المؤسسات الدستورية. يُضاف إلى هذا الفصل وجود أحكام أضفت على شخص الملك طابع "القداسة" Sacralité.
لذلك، كانت مطالب بعض الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والجمعيات المدنية إعادة النظر في هذا الفصل وما يرتبط به من أحكام، وهذا ما استجاب له بشكل كبير الدستور الجديد، أي وثيقة 29 يوليوز 2011.
أما في تونس، فقد كان التجاذب أكثر حدة وأبلغ ضغطا بين الفاعلين الحزبيين، وبين هؤلاء والمجتمع المدني، قبل أن يُصار في النهاية إلى صيغة توافقية لتنظيم علاقة الدين بالسياسة أو الدولة في نص الدستور(2014).
فمن أدلة التوافق الحاصل في التجربة الدستورية التونسية، انطواء الوثيقة على نصين متجاورين يُحيلان على طرفي الصراع حول المسألة الدينية عند كتابة الدستور.
فمن جهة، تم الإبقاء على الفصل الأول، كما ورد حرفيا، في وثيقة فاتح يونيو 1959، أي اعتبار "الاسلام دين الدولة". في حين قضى الفصل الثاني الذي يليه بأن "تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعُلوية القانون".
ومثله مثل الدستور المغربي، تضمن الدستور التونسي فصولا متناثرة ذات صلة بالدين، كتأكيد التوطئة، وهي جزء لا يتجزأ من الدستور، على أن "إسلام الدولة وسطي المنهج"، أو تنصيص الفصل السادس على حماية الدولة للمقدسات الدينية"، ناهيك على إجباره الدولة على رعاية حرية المعتقد والضمير.
وتنسحب الملاحظة نفسها على الدساتير المصرية الصادرة في سياق الحراك أو "الثورة".
فمن المعروف أن مصر شهدت صياغة أكثر من دستور ما بين انطلاق الحراك في يناير 2011، وصدور آخر دستور مستهل العام 2014، لاعتبارات تتعلق بتعاقب فريقين على السلطة: الإخوان المسلمون الذين قادتهم صناديق الاقتراع عام 2012، وعودة الجيش صيف 2013.
ومن المعرف أيضا أن "دستور الإخوان" جاء مفعماً بالأحكام ذات الطابع الديني، والمقتضيات المُحيلة على المرجعية الإسلامية.
لذلك، ومع تسلم الجيش السلطة أعيدت عملية كتابة الدستور بما سمح بنزع الطابع الإسلامي عن الوثيقة الدستورية.
ومع ذلك، تحتاج النصوص الدستورية إلى ممارسات جيدة، تحافظ من جهة على روح الدساتير، وتضمن، من جهة ثانية، مراكمة ثقافة تُساعد على وعي المسافة اللازمة بين الدين والسياسة في الدولة ومؤسساتها.. ودون ذلك ستختل العلاقة بين طرفي هذه الثنائية، التي غالبا ما تكون الغَلبة فيها للسياسة على حساب الدين، بمعناه النقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.