تشهد الساحة السياسية المغربية هذه الأيام حالة حراك سياسي جديدة، أعد لها الملك محمد السادس، منذ أن أعلن في مارس الماضي عن بدء إجراء إصلاحات سياسية موسعة، تتضمن تعديلات دستورية، وصفها البعض بأنها بمثابة دستور جديد للبلاد، وقام بتعيين لجنة موسعة من الخبراء المغاربة لإجراء تلك التعديلات، والتي أفرزت مسودة جديدة للدستور المغربي، سيتم الاستفتاء عليها في الأول من يوليوز، والذي اعتبر بأنه يُشكل تحولاً تاريخياً في مسار استكمال بناء دولة المؤسسات، وتوفير المواطنة الكريمة وترسيخ مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لم يكن المشهد السياسي بالمغرب عموماً، والحزبي خصوصاً، منخرطا في صلب النقاش الدستوري، بإستثناء بعض الأحزاب اليسارية التي ترجع الأزمة السياسية للبلاد إلى نصوص دستورية تحول دون انتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي، أما بعض الهيئات الحزبية الأخرى، فقد اهتمت في مُزايدات سياسية أكثر من اهتمامها بإجراءات الاصلاح الديمقراطي والسياسي. أما المشهد الاعلامي المغربي فقد انشغل بالحديث عن انتهاكات حقوق الانسان والحريات.. لكن التحولات الاقليمية المُفاجئة في " تونس ومصر وليبيا واليمن" أو ما يسمى ب "الربيع العربي"، إضافة إلى رغبة القوى الدولية في إحداث تغييرات في البُلدان العربية نحو "الدمقرطة"، فضلاً عن تحرك الشارع المغربي عقب الثورة التونسية؛ والذي تجسد في ما عُرف ب "حركة 20 فبراير" التي دشنت احتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية وحقوقية، لعل أبرزها المطالبة ب "دستور ديمقراطي" و "ملكية برلمانية". ويبدو أن هذه الظروف جعلت النظام الملكي يستوعب الرسالة جيداً، وينصت إلى مطالب الشعب، وفي خطوة حكيمة قررت المؤسسة الملكية السير في اتجاه مواكبة المُستجدات والتحولات العالمية، فقد بلغت مرحلة الحراك السياسي والاجتماعي ذروتها بخطاب تاريخي للملك في 9 مارس والذي أعلن فيه عن محاور للإصلاح الدستوري تبدأ بإعداد مشروع دستور جديد، مما جعل كل الهيئات الحزبية والنقابية والسياسية بل والمدنية تتحدث عن نواقص وثغرات الدستور الحالي، وطبيعة التعديلات المُلحة التي تجسد أحلام وتطلعات المواطن المغربي. تكمن أهمية الحديث عن الدستور المغربي، من جهة، كونه أول تعديل دستوري يتم في عهد حُكم العاهل المغربي محمد السادس، منذ اعتلائه العرش سنة 1999، وهو التعديل السادس في تاريخ المملكة المغربية، ومن جهة أخرى، يتضمن مشروع الدستور الجديد بعض سمات دساتير الدول الديمقراطية، أهمها فرض المزيد من محاسبة المسئولين، وجعل المؤسسة التشريعية أكثر دينامية، ومنح الجهاز التنفيذي سلطات جوهرية وتقوية سلطات الوزير الأول "رئيس الحكومة"، والذي يتم تعيينه بناء على نتائج اقتراع عام مباشر. وتعد هذه التعديلات أيضاً الثالثة في فترة التسعينيات وحتى الآن، فقد تم تعديلين دستوريين متتاليين، تعديل عام 1992 والآخر عام 1996، وقد جاء التعديلان بشكل عام نتيجة للوضع السياسي الجديد الذي ارتبط بتأسيس الكتلة الديمقراطية في مايو 1992، أما فيما يتعلق بتعديلات عام 1992 على وجه الخصوص فهي جاءت نتيجة الضغوط التي مارستها الكتلة الديمقراطية كرد فعل علي الاختناق السياسي الناتج عن تهميش المؤسسة الملكية للشركاء السياسيين الأساسيين الممثلين لتيارات الحركة الوطنية، ولإعادة الثقة بين الملكية والأحزاب الوطنية، تمهيداً للموافقة الواسعة على دستور 1996، الذي كان يُراد منه تمكين أحزاب المعارضة الوطنية في الكتلة الديمقراطية، من المُشاركة في تدبير الشأن العام على المستوى الحكومي. ونتيجة لاختلال التوازن بين مكونات الكتلة والمؤسسة الملكية في الفترة ما بين عامي 1992 و 1996، فقد انتهت هذه المرحلة من تاريخ المغرب، بتقوية أركان المؤسسة الملكية من جديد، مع تراجع دور الكتلة الديمقراطية في تحقيق الانتقال نحو ملكية دستورية بطابع برلماني، كما جاء في مذكرات التسعينيات، فقد خفضت الكتلة سقف مطالبها الدستورية، وانتهت أغلب أحزابها بالتصويت بنعم على دستور 1996. مشروع وثيقة الدستور ولجنة الإعداد وبناء على حالة الحراك السياسي التي فجرها الملك محمد السادس عيّن الملك الفقيه الدستوري عبد اللطيف المنوني ليرأس اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور لما عُرف عنه بالخبرة والدراية بالقانون الدستوري، وهي لجنة موسعة مكونة من خبراء مغاربة، وعيّن إلى جانبه رئيس لجنة آلية متابعة عملها المستشار محمد المعتصم، وقد تسلمت اللجنة عدداً من المشاريع والمقترحات الدستورية لأحزاب سياسية ومركزيات نقابية وهيئات مدنية، وقامت بإعداد مسودة نهائية للوثيقة الدستورية، سبقها مسودة أولية تأجج على إثرها نقاش حاد بين الإسلاميين "حزب العدالة والتنمية المغربي"، وبعض النخب العلمانية كاد أن يُعيد المغاربة إلى الصراع الذي كان حول خطة إدماج المرأة في التنمية بين مؤيدين ومعارضين لها، قبل أن يتدخل التحكيم الملكي ليحسم الأمر. والجدير بالذكر أن اللجنة التي عيّنها الملك كانت مثار تحفظ البعض، خصوصاً حزب اليسار الاشتراكي الموحد ومجموعات 20 فبراير، حيث طالبوا بجمعية تأسيسية مُنتخبة تسند لها مهام التعديل، لذلك اعتبروا مشروع الدستور الجديد ب "الدستور الممنوح"، بينما اكتفى البعض بالالتزام الملكي بتحقيق استشارة على نطاق أوسع تضمن مُشاركة الجميع في التعديل، وتم طرح المشروع للإستفتاء يوم الأول من يوليوز بعد أن حدد الملك محمد السادس الخطوط العريضة للدستور الجديد في خطابه للشعب يوم الجمعة 17يونيو/حزيران. ومن جانبه اتهم الدكتور محمد السوسي في جريدة العلم المغربية اللجنة القائمة على تعديل الدستور بمحاولة إنهاء المرجعية الإسلامية في الدستور، مُستنداً في ذلك إلى التصريح الذي أدلى به أحد الأساتذة لإحدى اليوميات المغربية، والذي أكد فيه ما تسرب في هذا الشأن، وكان محل انتقاد ورفض، وهو أن الهدف لدى اللجنة هو الإشارة إلى مدنية الدولة وإزالة المملكة المغربية دولة إسلامية وتعويض ذلك بلفظ آخر، لولا تدخل الكثير من ممثلي الأحزاب والهيآت لتأكيد ضرورة الالتزام بأحكام الدستور الحالي في موضوع النصوص المتعلقة بالدين الإسلامي، والذي وصفهم بالحريصين على مصلحة الوطن وثوابته الدينية والوطنية، والحريصين كذلك على عدم استغلال بناء المغرب الحداثي للدخول بالوطن في متاهات الحداثة المنحرفة عن الطرح المغربي للحداثة التي تعني بناء المؤسسات الاقتصادية والسياسية بعقلانية وبروح ديمقراطية حقيقية، وليس بعلمانية هو جاء معادية للدين وخارجة عليه شأن بعض العلمانيات التي عرفتها بعض الأنظمة في العالم الإسلامي "تركيا أتاتورك" والتي تحاول جاهدة التخلص من آثارها المُدمرة في مجالات كثيرة. قراءة موجزة لدستور 2011 ورد في الخطاب الملكي أن الدستور المعروض للاستفتاء هو من صُنع المغاربة ولأجلهم جميعاً، وقد أعده قانونيون وخبراء مغاربة "18خبيراً"، على عكس الدساتير السابقة، ويتضمن خليطاً بين الطريقة الفرنكفونية/الفرنسية في إعداد الدستور، وكذا الطريقة الأنجلوساكسونية، وتضمن مقدمة مطولة، مع إضافة 72 فصلاً في الدستور الجديد، لتصبح 180 فصل بدلاً من 108 فصل في الدستور الحالي، كما تم تقسيم الفصل 19 المُثير للجدل بين الفاعلين السياسين إلى فصلين هما "41 و42 " أحدهما يحدد الصلاحية الدينية للملك، والآخر يحدد الصلاحية السياسية، وذلك لإزالة الخلط والتداخل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية. كما تم التغاضي عن بعض المصطلحات والكلمات التي كانت تثير اللبس، فبدلاً من شخص الملك مُقدس "في الدستور الحالي"، إلى شخص لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام، وقد أثارت هذه الكلمة لغطاً كثيراً في الصحافة المغربية، أجاب عنه الملك عبر مستشاره حين اجتمع بقادة الأحزاب قائلاً: "سيدنا - ويعني الملك- يُبلغكم بأنه ملك مواطن والقدسية لله"، كما استبدل اسم الوزير الأول باسم رئيس الحكومة، ومن الحديث عن "القضاء" بصفة عامة، إلى الحديث عن "السلطة القضائية" ومن "المجلس الدستوري" إلى الحديث عن "محكمة دستورية". وترتكز مكونات الدستور على أن مكونات الهوية المغربية هي العربية - الاسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، ونظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية برلمانية ديمقراطية واجتماعية، والإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شئونه الدينية، ويعين رئيس الوزراء من الكتلة البرلمانية الفائزة في الانتخابات التشريعية، وإقرار الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، وإحداث مجلس أمنى أعلى برئاسة الملك. وينص مشروع الدستور الجديد على أن الملك يُعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي، الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها، وأن الحكومة مسئولة أمام مجلس النواب، وأنها ستتمتع بسلطات أكبر، كما أن أعضاءها مسئولون جنائياً أمام محاكم المملكة عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء مُمارستهم مهامهم. وتكرس الوثيقة الدستورية الجديدة، الملكية والمواطنة الضامنة للخيارات الأساسية للأمة، مع التمييز بين صلاحيات الملك بصفته أميراً للمؤمنين وبين صلاحياته بصفته رئيساً للدولة، والارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة لتكون في خدمة الحماية الفعلية للحقوق وضمان احترام القوانين، والالتزام بحقوق الإنسان كما هي مُتعارف عليها دولياً مع رفض كافة أشكال التمييز والمُمارسات المهينة لكرامة الإنسان. وفي مقالات نشرتها بعض الصحف المغربية تؤكد على أن "التأييد الكبير الذي لقيه مشروع الدستور الجديد من قبل العديد من الأحزاب السياسية المغربية وتأكيدها على أنها ستصوت بنعم في الاستفتاء الدستوري المُقبل، يؤشر على أن المغرب يتجه سريعاً نحو إقامة بلد المؤسسات واحترام القانون"، مُشيرة إلى أن التعديلات الدستورية قيد الطرح أكدت الصلاحيات المهمة لرئيس الوزراء، كما أكدت فصل السلطات بما يسمح بإيجاد توازن دستوري جديد لمصلحة المؤسسات المنتخبة في ظل احترام الملكية". وسيكون باستطاعة رئيس الوزراء حل مجلس النواب بعد التشاور مع الملك ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية، ويكرس مشروع الدستور دور البرلمان في المُصادقة على القوانين ومُراقبة عمل الحكومة. وبرزت أهم التعديلات في دستور 2011 في الباب المتعلق بالأحكام العامة الفصل 12 وهو فصل جديد يتعلق بالمعارضة والتي ستمثل في أجهزة البرلمان لتقويتها ومُمارسة دورها الرقابي، وتمت إضافة ثلاثة فصول تتعلق بمغاربة الخارج؛ حيث أصبح من حقهم التصويت والترشح .. إضافة إلى دسترة هيئات الحكامة الجيدة، كما احتفظ الملك بالثالوث "الأمن والجيش والدين" وتم فصل للسلطات وغير ذلك من الحقوق المُتعارف عليها والحريات العامة. تباين الآراء المحلية حول الدستور بغض النظر عن التفاوت في الرؤى حول مشروع الدستور المغربي الجديد التي طرحت عبر الأحزاب والحركات السياسية على مختلف توجهاتها فإن المغرب دخل مرحلة دستورية جديدة ستتيح له إقامة دولة ديمقراطية حديثة، بعد أن أخذ النظام الملكي في المغرب بزمام المُبادرة وأنصت لمطالب الشعب والهيئات السياسية والنقابية في التغيير والإصلاح. وقد أجمع عدد كبير من المحللين السياسيين والخبراء الدوليين على أن الإصلاحات الدستورية المُعلنة في المغرب تجعله مثالاً جيداً في المنطقة في مجال التحول الديمقراطي السلمي، خاصة فيما يتعلق بمنح صلاحيات لرئيس الحكومة منها إمكانية تعيين وإقالة الوزراء وحل البرلمان بعد التشاور مع الملك، وكذلك تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يفوز في الانتخابات. ويرى المحللون السياسيون أن الاصلاحات الجديدة التي تضمنها مشروع الدستور كسبت المزيد من المؤيدين وحركت الكثير من مواقع المعارضين والمتحفظين باتجاه التأييد والتفهم والمناصرة، وساهمت في اتساع مساحة الرضا والتأييد وتضييق مساحة المعارضة والاحتجاج وهكذا نجح النظام المغربي في ممارسة سياسة الاحتواء بالاصلاح ذي الخطوات الملموسة. ومن جانبها دعت الأحزاب السياسية الثلاثة الكبرى، وهي حزب اللعدالة والتنمية لإسلامي المعارض البرلماني والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية "ائتلاف حكومي" وحزب الاستقلال "الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء" إلى التصويت بنعم على التعديل الدستوري. وفي الوقت الذي يرى فيه الكثيرون بأن هذه الإصلاحات الدستورية بمثابة ثورة سياسية هادئة، وثورة أخرى للملك والشعب، وخطوة حكيمة "غير مسبوقة في العالم الاسلامي"، وخطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن هناك فريقاً يرى أن مشروع الدستور الجديد لا يختلف عن دستور1996؛ على اعتبار أن بنية النظام السياسي المغربي لم يطرأ عليها تغييراً جذرياً، ولا يزال الملك يحظى بصلاحيات واسعة ويحكم ويسود. فعلى صعيد المعارضة كان لحركة "شباب 20 فبراير" رأياً معارضاً، فقد نظمت تظاهرات حاشدة خلال نهاية الأسبوع الماضي في كبرى مُدن المغرب للمطالبة بالمزيد من الديموقراطية والحد من سلطات الملك ومحاربة الفساد، كما عارض الحزب الاشتراكي الموحد "معارضة برلمانية، ثلاثة نواب" وحزب الطليعة الديمقراطية والاشتراكية "غير ممثل في البرلمان"، والنهج الديمقراطي "غير ممثل في البرلمان" ودعوا إلى مقاطعة الاستفتاء. ومن جانبه يرى توفيق بوعشرين - المحلل السياسي المغربي ورئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المستقلة - يرى أن إلغاء وضع الملك كرمز مُقدس "هو أمر مهم جداً"، وأنه في هذه الحالة يمكن طرح المناقشة والملاحظات على خطابه وقراراته، ففي الماضي كان هناك سمة دينية على شخصه، ولم يتمكن أي صحفي أو مفكر أو كاتب الاقتراب من آراء الملك أو قراراته. وفي تعليقه على رفض حركة 20 فبراير لمشروع الإصلاحات الدستورية، قال بوعشرين إن السبب هو أن حركة ال "20 من فبراير" مازالت تطالب "بدستور يؤسس لملكية برلمانية فى المغرب تسود ولا تحكم على الطراز الإسبانى أو البريطانى، بينما ترى السلطة ضرورة وجود انتقال تدريجي للوصول إلى هذه المرحلة، وأنه يرى السلطة تعتبر الطبقة السياسية غير مؤهلة لتسلم كل سلطات الملك خاصة فى مجال الدفاع، كما لا يمكنها تدبير أمر كل من الشأن الديني والشأن الأمنى. وقد خرج آلاف المحتجين في "الدار البيضاء" أكبر مُدن المغرب والعاصمة التجارية للبلاد بعد يومين من إعلان الملك محمد السادس عن حزمة من التعديلات الدستورية تؤكد على أن التعديلات المُقترحة غير كافية.. فهي تضع كل السلطات في يد الملك الذي يرفض الإصغاء للشارع، خاصة فيما يتعلق بسيطرة الملك على الأمن والجيش والدين، أي أنه بموجب التعديل يبقي الملك على مركزه الديني ك "أمير للمؤمنين" وممثل أعلى للسلطة الدينية في البلاد كما أن التعيينات العسكرية تبقى اختصاصاً حصرياً وسيادياً له كونه القائد الأعلى ورئيس أركان القوات المسلحة الملكية. وقد ارتفع عدد الأحزاب والمنظمات المغربية التي أعلنت مقاطعة الاستفتاء، منها أحزاب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب النهج الديمقراطي وحزب الأمة، واعتبرت أن مشروع الدستور الجديد "يكرس نظام الحكم الفردي المُطلق للملك بل أضاع على نفسه فرصة تاريخية لا تعوض في شرطها التاريخي ليظل سجين الماضي السياسي التقليدي المحافظ"، وأن الدستور الجديد بمنحه المزيد من الصلاحيات للملك يشكل "تعدياً" على مبدأ فصل السلطات، وأنه لا يوجد تغيير حقيقي بالمقارنة مع الدستور الحالي. وعلى صعيد الاختلاف حول مواد الدستور فقد أثار التأكيد على اعتبار اللغة الأمازيغية لغة رسمية في المغرب إلى جانب العربية، موجة من الخلافات القوية ليس فقط بين التيارات الراديكالية والحُكم، وإنما داخل الأحزاب السياسية المُشاركة في الإئتلاف الحاكم نفسه. آراء دولية حول الدستور الجديد على الصعيد الدولي فقد رحب الاتحاد الأوروبي بما وصفه "إرادة الإصلاح لدى العاهل المغربي" مُعتبراً أن الأمر يتعلق "بتعهد واضح لصالح الديمقراطية"، وأعلن استعداده لتدعيم هذه الاصلاحات. ومن جانبه رحّب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى المنتهية ولايته الثلاثاء 28 يونيو برغبة العاهل المغربي الملك محمد السادس في الإصلاح الذي عرض دستوراً جديداً، واعتبره خطوة مهمة على الطريق نحو إرساء دعائم الديمقراطية والتحرك نحو توطيد نظام ملكي دستوري، ويندرج في إطار مسيرة التطوير والتحديث التي بدأتها المملكة المغربية، وأعرب عن أمله في أن تستمر وتتعمق في الفترة المقبلة. وعلى صعيد الترحيب الدولي أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالتقدم المؤسساتي الكبير الذي أعلنه العاهل المغربي الملك محمد السادس للشعب المغربي، واصفاً إياه بأنه تقدم أساسي وخصوصاً بالنسبة إلى الحريات العامة والحقوق الفردية. واعتبر ساركوزي أن الصلاحيات المهمة التي منحت لرئيس الوزراء وفصل السلطات ستسمح بإيجاد توازن دستوري جديد لمصلحة المؤسسات المُنتخبة في ظل احترام الملكية. ولكن في نهاية الأمر ومع اقتراب خروج الدستور المغربي الجديد للنور ستظل هناك الآمال العريضة لدى الشعب المغربي بكافة طوائفه واتجاهاته السياسية وتشاركهم أيضاً في ذلك الأشقاء العرب في أن يخرج دستوراً شاملاً يحقق طموحات وآمال الشعب المغربي الشقيق، بل ويجد تفعيلاً حقيقياً على أرض الواقع بهدف تكريس الحرية والعدالة وتعميق روح الديمقراطية من أجل تحقيق الرفاهية للمواطن المغربي.