اعتبر جلال اعويطا، المشرف العام على مؤسسة عطاء الخيرية والمدير التنفيدي للحملة الوطنية لننعم جميعا بالدفء، التي استهدفت 500 طفل في جبال الأطلس، وعضو مؤسس لرابطة المنظمات النسائية العالمية، أن العمل التطوعي بالمغرب ليس مجرد مبادرة إنسانية عابرة أو حملة تطوعية موسمية أو حالة اجتماعية مستعجلة، بل هو سبيل لتعزيز حس المواطنة عند الشباب ومدرسة كبيرة لصناعة الإنسان. وأضاف اعويطا، في حوار مع جريدة "الرأي" حول "دور الشباب والتطوع في تنمية المغرب"، أن العمل التطوعي الشبابي يعود على المجتمع بالنفع ويعزز الروح الوطنية ويغرس القيم الإيجابية، مبرزا بأن الشباب المغربي يحمل بداخله طاقات هائلة لو ترجمت لأعمال تطوعية لنفعت البلاد والعباد. نص الحوار: باعتباركم فاعلا في المجال الخيري، كيف تقيمون المجهودات التي تبذل في هذا المجال؟ بالنظر إلى حجم الانتظارات في بلدنا وارتفاع نسبة الفئات الهشة المحتاجة إلى أنواع متعددة من المساعدات، وبالنظر الى انعكاسات الأزمة المالية التي ألقت بظلالها على الساحة الاقتصادية، وبالنظر إلى التقدم الكبير الذي حققته دول كثيرة في هذا الباب، يمكن أن نقول بأن المجهودات متواضعة جداً وتحتاج إلى مزيد من التحسين والتقوية على مستوى الكم والكيف. أي دور للشباب المغربي في مجال التطوع ؟ كما لا يخفى عليكم، وكما أثبت تجارب الدول المتقدمة، فإن تفعيل العمل التطوعي لدى الشباب ومشاركتهم التطوعية في العمل الإنساني في مختلف المجالات لخدمة المجتمع أمر على جانب كبير من الأهمية، ويعود على الشباب والمجتمع بالنفع، ويعزز الروح الوطنية ويغرس القيم الإيجابية بعيدا عن السلبية والجمود. ولو لم يكن من إقبال الشباب وانشغالهم بهذا العمل إلا إخراجهم من دوامة الفراغ والانشغالات غير النافعة لكان كافيا. الشباب المغربي يحمل بداخله طاقات هائلة لو ترجمت لأعمال تطوعية لنفعت البلاد والعباد، فقط يلزمنا تأطير مؤسساتي إبداعي لهاته الطاقات. أين هي مكامن الخلل بالنسبة إليكم في محدودية الاهتمام بالعمل التطوعي عند الشباب ؟ العمل التطوعي ليس مجرد مبادرة إنسانية عابرة أو حملة تطوعية موسمية أو حالة اجتماعية مستعجلة، بل هو سبيل لتعزيز حس المواطنة عند الشباب ومدرسة كبيرة لصناعة الإنسان. ثقافة التطوع لا تزال مفقودة عند كثير من الشباب المغربي لعدم وجود دراية كافية بقيمة العمل التطوعي في صناعة التغيير وبناء المجتمع. لذلك نجد أن الدول المتقدمة في هذا المجال قد أدرجت حيزا للطلاب بما يسمى العمل المجتمعي، وهو عبارة عن ساعات خدمة اجتماعية لجهات إنسانية محددة بحيث يتم إدراجها ضمن وثيقة التخرج، وهو ما نفتقده اليوم بمجتمعنا. ومثل هذه الخطوات اليسيرة لو تبنتها وزارة التعليم العالي مثلا لحققنا وعيا كبيرا بين الشباب المغربي في أهمية العمل التطوعي ودوره في تحقيق التنمية التي يطمح إليها كل المغاربة مؤسسات وأفراد. ما هي مقترحاتكم لجعل العمل الخيري من بين أولويات اهتمام الشباب ؟ الكثير من الشباب المتطوعين انضموا إلى لمؤسسة عطاء الخيرية صدفة عند رؤيتهم لنشاط معين سواء التبرع أو غيره، وبعضهم سخر من الفكرة للوهلة الأولى لكن عند خوضهم تجربة إنسانية شعر هؤلاء بقيمة التطوع وغيروا نظرتهم ليس فقط للعمل التطوعي بل لأنفسهم أيضا. أعتقد أنه ينبغي إدراج التطوع كمادة إلى جانب المواد الدراسية لتحقيق المقصود بإذن الله وهو تحويل المجتمع المغربي إلى مؤسسة اجتماعية كبيرة للعطاء والبذل. كيف في نظركم يمكن أن نزرع ثقافة التطوع بين الشباب المغربي ؟ أؤكد هنا على عملية التسويق الإعلامي سواء عبر الإعلام الكلاسيكي أو الإعلام البديل، عبر حملات تحسيسية تُظهر أهمية العمل التطوعي في تكميل العمل الحكومي في كل المجالات، ثم كخطوة أساسية وأولى، إشراكه في أعمال إنسانية كبرى منظمة ومرتبة لتخرج ما بداخلهم من حماسة وطاقة لتقديم خدمات لمجتمعهم بلا مقابل، فهذه خطوة أولى لبناء شاب متطوع مهيأ لأي نشاط إنساني. معلوم أن درجة التنمية في أي بلد وفي أي مجتمع تقاس بمدى انحصار الفقر والجهل والجريمة. فكلما تكاثفت الجهود للحد من هذه الظواهر كلما تحققت التنمية. ومن هنا كانت كثرة جمعيات المجتمع المدني في كل دولة علامة على توفر أسباب التنمية. ونحن المسلمين عندنا ميزة مهمة وهي أن ديننا يرغب كثيرا في فعل الخير ورتب على ذلك الأجر العظيم، قال الله تعالى "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نوتيه أجرا عظيمة" والآيات والأحاديث كثيرة جداً.