جاءت زيارتنا لمدينة أيندوڤن الهولندية الأحد الفارطة بمحض الصدفة، وكانت من أحسن الصدف التي يتمناها كل مهتم بكرة القدم، كان ذلك اليوم وكأنه يوم عيد مثل الأيام الأخرى التي تجرى فيه مقابلات فريق المدينة على أرضية مركب «فيليبس».. كل التذاكر نفذت حتى أصبحنا مرغمين على اللجوء للسوق السوداء الموجودة بمئات الأمتار عن الخطوط الأمنية.. والحقيقة فإنه رغم تركيزي على هذه النقطة فأنا ما زلت أبحث كيف إصطاد الصديق الذي كان يرافقني تذكرتين لأرخص المنصات، المهم هو أننا دخلنا للمركب بعد دقائق عن بداية المقابلة المبرمجة والتي واجه فيها ب.س.ف أيندوفن فريق غرونينغن، وكانت البداية بتقديم تشكيلة الفريقين، وكمغاربة كنا نترقب حركات وتحركات المغاربة الذين يدافعون عن قميص الفريق الهولندي، والذي بمجرد ذكر أسماؤهم إهتزت الجماهير تصفيقا وتشجيعا لهم، إبراهيم أفلاي عميدا، نور الدين أمرابط، عثمان بقال، والجديد الذي كان خارج التغطية الجماهيرية قبل المقابلة، ودخلها عند نهايتها وهو متوجه للمستودع تحت طائلة التهاني وصراخ المحبين. هذا اللاعب الجديد الذي لعب أولى مقابلاته الرسمية يعد أصغر لاعب بالفريق وربما حتى على مستوى البطولة الهولندية برمتها، إحتفل في الشهر الماضي ببلوغه السن 17، فهو مزداد يوم 9 مارس 1993 بمدينة أوتريخت (هولندا) إسمه زكريا لبيض، طوله 1.70 ووزنه 70 كلغ، هذا الشاب الذي كان مجهولا بالأمس أصبح معروفا أكثر مما كان هو نفسه يتصور ، وذلك بفضل المقابلة الرائعة التي قام بها من البداية حتى النهاية، فقد كان سيدها على الإطلاق، وتوج ذلك بتسجيله هدفين رائعين، منحت الفوز لفريقه بعدما كان منهزما في بداية اللقاء، وأكثر من هذا عند نهاية اللقاء تحولت كل كاميرات وميكروفونات الصحافة المسموعة، المرئية والمكتوبة نجوه لتقديمه لمشاهديها، مستمعيها وقرائها، هذا الشاب الذي تعامل مع المقابلة وكأنه يملك تجربة سنوات من اللعب عبر الميادين كان نِعم المفاجآت الكبرى الناجحة التي سيفتخر بها المدرب روتين طيلة حياته. زكريا لبيض 17 سنة، ربما هو نفسه لم يكن مستعدا لمواجهة فضول الصحافة، سريع جدا، يراوغ بسهولة، قوة كبيرة في القذف من أي مكان وأي زاوية، يتفاهم بطريقة الكبار مع زملائه وعلى الخصوص مع إبراهيم أفلاي بفضل قوته الجسمانية، يصارع ويدافع على الكرة برجليه بدون أدنى صعوبة.. عند بداية عزفه للجمهور الدي كان يغني له، سمعنا من بين الجماهير من يقارنه بلاعب الباييرن روبن والأخوين ريزنبريك، كل واحد على حساب هواه، في وقت كنا نتلدد فيه بجودة الفرجة، وبداخلنا تتصاعد حرارة الفخر والإعتزاز بمثل هذا الشاب من أصل مغربي، ولو أنهم يعدون بكثرة بهذه المدينة الساحرة التي يعرف فريقها، بل ويحسن كيفية صقل المواهب من أصل أجنبي، هناك شاب آخر مغربي ينتظر دوره هو يونس مختار. على أي كل هذا يدفعنا لطرح السؤال التالي: ماذا أعدت الجامعة المغربية لكرة القدم من استراتيجية للإقتراب من هؤلاء الشباب الذين أصبحوا يفرضون نفسهم على الناخب الوطني؟ وهل الجامعة مستعدة لعقد شراكة مع الجامعة الهولندية من أجل العمل على حسم ملفات المغاربة الراغبين في الدفاع عن قميص الأسود دون تعرضهم إلى ضغوط وإغراءات سواء كانت من فرقهم أو من الجامعة بهدف تغيير الوجهة؟ ربما أن الأمور ستتحسن بوجود مدرب هولندي للفئات الصغرى من حجم بيم فيربيك، ما يجعلنا نتساءل كذلك عن هذا الوجود، هل هو بهدف تبني المدرسة الهولندية وتعبيد الطريق لمدرب وطني من نفس الجنسية، ونحن نعتقد أن هناك حظوظا في التعاقد مع مدرب من الأراضي المنخفضة، وإذا كان الأمر هكذا فسيكون ديك أدفوكات الذي كسر عقده مع بلجيكا وأعلن عن ذهابه لروسيا، الشيء الذي لم تؤكده الجامعة الروسية لكرة القدم، ومن جهة أخرى أجري استفتاء للرأي بهذا البلد ويهم مجيء المدرب الهولندي، فكانت نتيجته أكثر من مفاجئة، فقد رفض 47 ٪ فكرة التعاقد مع أودفوكات، وربما كل هذا ما هو إلا تحايل وتغليط للرأى العام لأن الوجهة الحقيقية للمدرب أدفوكات قد تكون هي المغرب ، كل شيء ممكن.