لو تركت إلى حين الفريق الوطني الذي بات لقاؤه الأخير أمام الكاميرون بفاس مؤرقا لنا جميعا لاعتبارات ذاتية وأخرى موضوعية، علما بأن الجامعة لا تألو إلى الآن جهدا من أجل أن تخلق تعبئة من نوع خاص لهذا النزال الذي يرمز إليه حينا بنزال الكرامة وحينا آخر بنزال السمعة·· قلت لو جنبت نفسي الخوض مجددا في شأن الفريق الوطني وأنا على يقين من أنه يمثل للجامعة ورشا إستراتيجيا، فإنني سأفعل ذلك تحت ضغط سؤال يلاحق الكثيرين ويرتبط بالجسر الذي ستعبره كرة القدم قانونا وهيكلة وتدبيرا لبلوغ الإحتراف، والسؤال هو عن طبيعة الإمكانيات المادية التي سترصد للأندية لتيسير هذا الإنتقال من إطار النادي الهاوي إلى إطار النادي الذي سينقله قانون التربية البدنية والرياضة المحين إلى الإطار الإحترافي إن هو استجاب لدفتر التحملات المنصوص عليها في هذا القانون· ويكون من الضروري اليوم وقبل أن نخطو الخطوة الأخيرة في سعينا نحو الإحتراف، أن نسأل عن الإمكانات الفعلية التي تملكها أندية، غير الأندية التي توصف بأنها أندية >ميسورة< وهي على كل حال بعدد أصابع اليد الواحدة، لتفعل الجانب الإحترافي في إدارتها وتدبيرها، أي ما له علاقة بالعقود المبرمة مع اللاعبين ومع المؤطرين بكل مستوياتهم وعلى اختلاف درجات عملهم، وما له علاقة بكل ما يفترض وجوده بداخل ناد رياضي يعمل بنظام المقاولة· وقد سمعت بين أندية الصفوة التي يراهن عليها لبلوغ الإحتراف بعد موسمين على أكبر تقدير، من يقول >يريدوننا أن نحترف، ولكن بأي إمكانيات؟<· والقصد أن نتبين جيدا الثوابت المالية التي سيقف عليها مشروع النادي المحترف، فالنادي الذي يعمل بنظام المقاولة يحتاج إلى موارد قارة وإلى موارد غير قارة ليكون أمينا على مقاولته، ناجحا في إحترافه، موارد قارة في صورة ما يأتيه من منح مصدرها المجلس البلدي ومجلس الجهة والجامعة وموارد غير قارة في صورة ما يجتهد النادي في تحصيله لقاء تسويقه بصورة جيدة لمنتوجه الكروي، وطالما أن الموازنة العامة للأندية تتأسس بنسبة مائوية عالية على عوائد مالية قارة، فإن مشروع الإحتراف وهو يحدد دفترا للتحملات، يجب أن يضع كل الأندية في نفس الدرجة عندما يتعلق الأمر بالعوائد القارة·· ولا بد أن يفهم من التأكيد على هذه النقطة، أننا يجب أن نحرص على أن لا يلقى مشروع الإحتراف ذات المصير الذي لقيه ذات زمن نظام الإحتضان الذي بشرنا به مع بداية عقد الثمانينيات وقلنا أنه خطوة فعلية للوصول ذات وقت للإحتراف، ولكن في النهاية وجدنا أن >الزبونية< متعت أندية دون أخرى بخيرات الإحتضان، فحصلت أندية >كبيرة< على محتضنين >كبار<، في حين ظلت أندية أخرى مثل يتيم العيد، وكانت المحصلة في النهاية كارثية، فلا الإحتضان إرتقى بكرة القدم هيكلا وتفكيرا وتدبيرا، ولا الأندية استفادت في الجوهر من عائدات مالية بإعمال نظام عادل، فاختل التوازن ولم يؤد >الإحتضان< دوره في النهوض بكرة القدم·· يكون إذا ضروريا، بل وملزما لأي نجاح محتمل لمشروع الإحتراف وقد بات لنا خيارا إلزاميا لا مناص ولا هروب منه، أن نتدبر على نحو جيد الجانب المالي في المشروع، فالجامعة وهي تضع من الآن أرضية لهذا المشروع الإستراتيجي، تكون ملزمة بوضع حد أدنى وحد أقصى للموازنات المالية للأندية التي ستحمل مسمى أندية محترفة، وتكون ملزمة أيضا بتسمية مصادر العائد المالي القار، كأن تكون منح المجالس البلدية ومجالس الجهات ممثلة لربع الموازنة المالية في حدها الأدنى وتكون منح الجامعة من عائدات النقل التلفزي ممثلة هي الأخرى لربع أو ثلث هذه الموازنة في حدها الأدنى، على أن تجتهد الأندية في تأمين نصف دخلها وعائداتها بالبحث عن مستشهر، باعتماد سياسة تسويق بمنظور حداثي وأيضا بالإرتقاء نوعيا بمنتوجها الكروي لتكون له جاذبية في سوق كرة القدم·· وقد تكون الأندية وهي تسوق لمنتوجها الكروي بحاجة إلى سلطة فعلية ومباشرة على الفضاء الكروي، ما يفرض باتفاق تام بين وزارة الداخلية وبين جامعة كرة القدم أن تفوت الملاعب التي هي بنسبة مائوية عالية تحت سلطة الجماعات المحلية للأندية لتحولها هذه الأخيرة إلى مسرح للتباري يؤمن فرجة عالية هي أساس تسويق جيد·· إن ما يدعونا إلى الإحتراف على أنه فرض عين يقول بضرورة أن نتحرى عن كل شيء، عن كل جزئية، عن أدق أدق التفاصيل، فمشروع الإحتراف لن ينعكس إيجابا على واقع الكرة الوطنية ليرفعه درجات إلا إذا انطلق بشكل سليم، أنا لا أقول أنه سيكون خاليا من الشوائب، ولكنني أتمناه بأقل الشوائب·· ------------------- أفضل أن لا أحكي عن الذي أحدسه بخصوص الرجاء مع عودة جوزي روماو، وأفضل أن أتحدث عن الرجاء الذي واجه وفاق سطيف الثلاثاء الماضي عن ذهاب الدور النصف النهائي لكأس شمال إفريقيا، وتعادل أمامه بهدف لهدف، لتتقلم الآمال وتتقلص في بلوغ النهائي والفوز باللقب علاجا لصدمة نفسية عميقة أصابتنا وتصيبنا جراء إخفاقات قارية وإقليمية·· رأيت في أداء الرجاء وفي أداء وفاق سطيفالجزائري ما يقول كل شيء وبأمانة عن نفسية هذا الطرف أو ذاك، فالرجاء تعكس حالة القهر والإحباط التي تعيشها كرة القدم المغربية جراء ما كان من خيبات أمل ومن نكبات وأزمة نتائج ووفاق سطيفالجزائري يبرز جانب التعافي في نفسية لاعبين هم امتداد لواقع كروي مختلف، يحضر فيه الأمل ببلوغ كأس العالم ويحضر فيه الإصرار على القبض على أكثر من لقب قاري أو جهوي، فوفاق سطيف يلعب له نجوم يمثلون منتخب الجزائر الذي يتأهب لموقعة تاريخية بالقاهرة أمام منتخب مصر في حدها الحد بين الجد واللعب، ثم إنه أي وفاق سطيف بلغ نهائي كأس الإتحاد الإفريقي لهذه السنة وهو بطل للجزائر وبطل لدوري أبطال العرب لسنتي 2006 و2007· يوم الثلاثاء وأمام حضور جماهيري قياسي اعتبارا لما عليه الكرة الوطنية من إنتكاسات، كان فريق الرجاء بما يجتره وطنيا من إخفاقات فاقدا للثقة بقدراته وبنفسه، في حين كان وفاق سطيف قويا بثقته بنفسه وبقدراته، وقد سجلتم أن الفارق الحاصل في الثقة بالنفس كان بالدرجة التي تقول بأن الرجاء لا يقاس بوفاق سطيف، وهذا القياس الذي يأخذ طبيعة نفسية يصبح هو ذاته القياس الذي له طبيعة تقنية وتكتيكية· ويكون لزاما والرجاء يتوجه بكامل قوته لتحضير مباراة الإياب بالجزائر أن يبحث جديا عن الثقة المفقودة بالنفس وبالقدرة على قلب الوضع كاملا، تماما كما يكون لزاما عليه وهو يحضر لعصبة الأبطال الإفريقية التي يعود إليها مطلع السنة القادمة من بوابة الأدوار التمهيدية، أن ينتبه إلى الخصاص الكبير الحاصل على مستوى التشكيل البشري، لا أقصد بذلك عدد اللاعبين، ولكن أقصد من لهم القدرة على الإبحار إفريقيا في طقوس نعرف صرامتها وفي تضاريس نعرف وعورتها··