شرف لي أن أكون مطلوبا من الوداد والرجاء لا أخاف من وضعية الرجاء لأنني عشت تجربة مماثلة مع النادي الإفريقي تغييرات الطاقم التقني أمر سابق لأوانه إكتشفت دروغبا ومالودا ومستعد للمزج بين التشبيب والفوز من الصعب أن تعثر على مدرب عاطل في هذه الفترة، والأصعب أن يكون صاحب تجربة إفريقية أو عربية، محملا بالألقاب والشواهد، مستعدا لركوب القطار من محطة في منتصف الطريق. لكن الرجاء البيضاوي عثر على مدرب يحمل هذه المواصفات، فأبرم معه عقد الإرتباط بالنادي بالبلوتوت، قبل أن ينهي الطرفان بعض التفاصيل الصغيرة مباشرة بعد الوصول إلى مطار محمد الخامس، إستنادا إلى القول المأثور خير البر عاجله. تعاقد الرجاء البيضاوي مع بيرتران مارشان لينهي لغطا رافق حكاية المدربين منذ بداية الموسم الرياضي الحالي، فقد هرب فاخر ونسي بلاتشي دروسه وأعلن فتحي إستقالته قبل أن يوقع عقد الإنقاذ. إرتبط الرجاء بمدرب فرنسي ولد سنة 1953، أي من جيل الثورة الفرنسية، أملا في إحداث ثورة حقيقية داخل فريق يعاني من ضعف شهية الإنتصار، ووضع بقية السير الذاتية جانبا. هل بيرتران هو الرجل المناسب للمرحلة الحالية؟ كيف سيقوم بتدبير مرحلة الأزمة؟ هل هناك فعلا أزمة نتائج أم أن الخلل في الأذهان قبل الأبدان؟ وما هي الوصفة التي يحملها مارشان لإعادة النسر إلى التحليق من جديد في سماء الألقاب؟ الآن وقد غير المكتب المسير تشكيلة منخرطيه ولاعبيه ومدربيه، فعلى من سيأتي الدور غدا؟ «المنتخب» إلتقت برتران فور وصوله إلى مركب الرجاء بالوازيس بعد ظهر أول أمس السبت، وأجرت معه حوارا مفصلا حول ما هو كائن وما يجب أن يكون، لنتابع: - المنتخب: قبل ثلاثة أشهر جالست رئيس الوداد عبد الإله أكرم، لكنك اليوم تجالس رئيس الرجاء عبد السلام حنات، لماذا رفضت عرض الوداد وقبلت عرض الرجاء؟ مرشان: يجب وضع الأمور في السياق التاريخي، هذه هي زيارتي الثانية للدار البيضاء في ظرف ثلاثة أشهر، جالست بالفعل رئيس الوداد وتباحثنا حول إمكانية تدريب الفريق الذي كان في طور البحث عن مدرب بديل قبل إنطلاق المنافسات، لم يحصل التفاهم حول بعض النقط كعادة كل المفاوضات، وانتهى خط التواصل بشكل عادي، وأنا سعيد لأنني كنت موضع اهتمام الوداد وأنا الآن متعاقد مع الرجاء، أي أن الفريقين الأكثر شعبية في المغرب وهما الوداد والرجاء يسعيان إلى التعاقد معي، أنا فخور بهذا وأشكر مسيري الناديين على إختيار التفاوض معي. - المنتخب: لماذا رفضت عرض الوداد وقبلت عرض الرجاء؟ مرشان: لا أريد الرجوع لثلاثة أشهر إلى الوراء، خلافي مع الوداد راجع لأمور شخصية، لقد تبين لي أنني في حاجة للبقاء إلى جانب أسرتي في فرنسا، قبل الإقبال على أي خطوة، أسرتي الصغيرة كانت في حاجة إلي فلبيت رغبتها، هذا كل ما في الأمر. - المنتخب: ما هي تفاصيل العرض الرجاوي؟ مرشان: أعتقد أن المكتب المسير سيعقد ندوة صحفية اليوم لتسليط الضوء أكثر على العقد الذي يربطني بالرجاء، كل ما أقوله أننا توصلنا إلى نقطة التفاهم حول الأهداف التي نختزلها في العودة إلى البطولة بقوة والدفاع عن اللقب وإعداد فريق قوي لمنافسات كأس عصبة الأبطال الإفريقية، تعاقدي مع الفريق سينتهي شهر يونيو القادم ويتضمن إمكانية تمديد التعاقد. - المنتخب: ألا تنتابك مخاوف وأنت تتعاقد مع فريق يعيش أزمة نتائج، خاصة وأن بلاتشي المدرب الذي سبقك قد أخفق في مهمته؟ مرشان: أنا مدرب محترف عرض علي تدريب فريق لأنه في حاجة لمن يخلصه من أزمة النتائج، لو كان الرجاء في أحسن أحواله لما ربط الإتصال بي، ثم إنني حين تعاقدت مع النادي الإفريقي التونسي قبل سنوات كان هذا الأخير في وضع أسوأ من الرجاء وبمجهود كل الأطر واللاعبين والجمهور تمكنا من تحقيق نتائج لم يكن أحد يتوقعها، وعاد الفريق إلى قوته، أنا لا أدعي امتلاك عصا سحرية لكنني أملك الرغبة في العمل خاصة حين يتعلق الأمر بمهمة إنقاذ كهاته. - المنتخب: لكن وضع الرجاء مختلف تماما، أنت تتسلمه بعد أن أقصي من منافسات كأس عصبة الأبطال وكأس العرش، ويعيش قلقا بين مكوناته، أي لا يوجد إلتحام حول النادي كما كان عليه الأمر في النادي الإفريقي؟ مرشان: إشكالية عصبة الأبطال الإفريقية معقدة، لأن على النادي أن يلعب موسمين في منافسة واحدة، فالعناصر التي حصلت على لقب البطولة ليست هي التي خاضت الشطر الثاني من منافسات الكأس القارية، التي يجب أن تتقيد فيها بلائحة معينة، ثم إن البطولة في بدايتها وأنا أؤكد بأن وضع الإفريقي كان أصعب، أيضا مع نجم الساحل تمكنا من العودة إلى الأضواء لأننا قمنا بتدبير جيد لهذه المنافسات. - المنتخب: تابعت من فرنسا مباراة الرجاء والمغرب الفاسي، ما هي قراءتك الأولية لأداء الرجاء، أقصد أين يكمن الخلل؟ مرشان: لحسن حظي أن جهاز التلفزيون الذي أملكه يمكنني من مشاهدة قنوات الجزيرة الرياضية والقنوات العربية عامة، لذا تابعت مباراة الرجاء والمغرب الفاسي، وتبين لي أن اللاعبين خاصة على مستوى الهجوم لا يفرقون بين السرعة في تنفيذ العمليات والتسرع، أعتقد أن المباراة كانت بئيسة على الأقل للرجاويين، لأنهم تلقوا هدفا ضد مجرى اللعب وعجزوا عن استدراكه رغم أنه سجل في الدقائق الأولى من الجولة الثانية، وكأنهم آمنوا بالقدر، معنى هذا أنهم يعانون من ضعف الثقة في مؤهلاتهم، هذه أحكام أو انطباعات أقدمها وأنا خارج الرجاء الآن الأمور تغيرت فأنا داخل الرجاء وسأرى كيفية التغلب على هذه الإشكالات. - المنتخب: هل الوضع يحتاج لتدخل على المستوى البسيكولوجي أكثر من التكتيكي؟ مرشان: سنرى ما إذا كان الأمر يحتاج لوصفة بسيكولوجية، لكن في كرة القدم الحديثة لا بد من التنسيق بين الذهن والقدم، والإيمان بوجود علاقة بينهما، ولفهم هذه الأشياء علينا أن نقترب أكثر من اللاعبين، كما أن وجود مناخ ثقة لا يتوقف على اللاعب والمدرب والمسير، بل على كل مكونات النادي بمن فيهم الصحافة، لأن النقد جيد، لكن إذا كان الهدف منه هو التقويم والإصلاح، فأنا لا أريد على الأقل في الظرف الراهن أن يكون الرجاء موضوع «بولميك» لا يساعد على تجاوز الوضع الراهن. - المنتخب: هل ستحصل تغييرات على مستوى الطاقم التقني؟ أم أنك تفضل الإستمرار مع نفس فريق العمل؟ مارشان: لحد الساعة لا يمكن أن أغير الطاقم التقني قبل أن أتعرف عليه، سأكون متسرعا إذا قمت بذلك، لكنني سأعاين الوضع وسأتتبع طريقة عمل الطاقم التقني الحالي، وهو الذي رافق الفريق منذ الموسم الرياضي الماضي، لكن الشيء المهم في أي طاقم هو حصول التضامن بين مكوناته، أنا أريد طاقما متضامنا داخل وخارج الملعب، فالتضامن والتآزر هو الذي يحقق القوة، وكلما كان داخل طاقم أي مدرب أشخاص متنافرين فإنه سيستعصي علينا الحصول على نتائج إيجابية، أفضل العمل مع طاقم مغربي يعرف خبايا الوسط الكروي، حتى حينما كنت في النادي الإفريقي أو نجم الساحل كنت أعتمد على أطر محلية، وعندما انتقلت إلى الخور القطري إنتدبت معي ثمانية أطر من تونس، وكان في فريق عملي إطار مغربي. - المنتخب: تعاقدت مع الرجاء بعد انطلاق الموسم الرياضي، هل يمكن أن تزاوج بين الإنقاذ وتحقيق الألقاب؟ مارشان: أنا رجل تحديات أريد أن أخلق جوا من التحفيز في صفوف اللاعبين، لا يمكن أن أمر مرور الكرام بالبطولة المغربية في أول تجربة لي في هذا البلد المغاربي، لكن شريطة توفير سبل تحقيق الأهداف المسطرة، لقد غادرت الإفريقي حين شعرت بأنه غير متحمس للعب الأدوار الكبرى وانتقلت إلى نجم الساحل، أنا مع أي فريق يريد أن يسير في المقدمة، أريد لاعبين متحفزين وجمهورا مساندا ومسيرين مدعمين من الخلف والأهم أن يكون الجميع متآزرا.. لقد تعرفت على النادي وتبين لي أن شروط العمل متوفرة خاصة وأن لنا قاعدة جماهيرية كبيرة هي رأسمالنا في هذه التجربة.. أتمنى أن يكون مروري بالفريق مؤثرا وأتمكن من تحقيق نتائج تعيد البسمة للجمهور الذي خرج إلى الشوارع قبل ثلاثة أشهر واحتفل بلقب البطولة.. في هذه الظروف لا يمكن تعزيز الفريق بعناصر جديدة، لكن علينا أن ندبر الأمر بما نملك من طاقات تعرفت عليها عبر الأنترنيت ووقفت على بطائقهم الشخصية ومساراتهم وتبين لي أن الرجاء لديه مقومات فريق قادر على استعادة لقبه المحلي، أما على الصعيد الإفريقي فالأمر مختلف لأن العصبة تقام في موسمين، ودائما يجب أن يكون لديك فريقان جاهزان حتى تستطيع المنافسة على جبهات متعددة. المنتخب: ستتوقف البطولة لفترة معينة مما سيتيح لك الإشتغال في هدوء، هل فكرت في إقامة معسكر خلال فترة التوقف القادمة؟ مارشان: الآن وأنا أتحدث إليك مر على وجودي بمقر النادي دقائق قليلة، لم أتحدث بعد في موضوع توقف البطولة، ولم أفاتح الرئيس في كلام من هذا القبيل، لدي رؤية معينة سأعرضها على المكتب المسير، وأتمنى أن نستغل جيدا فترة التوقف من أجل انطلاقة جديدة. - المنتخب: شاءت الصدف أن تحضر مباراة الرجاء ضد الجيش، علما أن آخر مباراة لعبتها في المغرب كانت ضد الجيش الملكي وكنت حينها على رأس الإدارة التقنية لنجم الساحل؟ مارشان: فعلا كان ذلك سنة 2007 على ما أعتقد، حيث واجهنا الجيش الملكي في الرباط في إطار منافسات عصبة الأبطال الإفريقية وفزنا عليه بهدف لصفر، في تلك الأثناء كان الرجاء خارج المنافسات القارية وكان الجيش في أوج عطائه، وأعتقد أن المدرب الذي كان على رأس الفريق العسكري هو المدرب الحالي الذي خاض تجربة في قطر إذا لم تخني الذاكرة. - المنتخب: فعلا إنه مصطفى مديح. مارشان: نعم، وكانت المباراة هي الأولى في مشواري مع نجم الساحل التونسي، الصدفة قادتني مجددا إلى نفس الملعب في الرباط، لأعيش الحدث كمدرب للرجاء لكن من المدرجات. - المنتخب: ما هو أسلوبك في العمل، أقصد في تعاملك مع اللاعبين؟ مارشان: لست صلبا ولست لينا، أو لتقل إنني خليط منهما معا، أقترب كثيرا من اللاعبين لأفهم ما يشعرون به لكن في إطار حدود معقولة، بالمقابل نحتكم جميعا إلى قواعد الإحتراف، فالبطولة المغربية دخلت بوابة الإحتراف وعلى جميع مكونات النادي أن تتعامل مع هذا الوضع الجديد برؤية جديدة، أي المحاسبة التي تنبثق من تقييم مردود كل لاعب ففي عالم الإحتراف يستند الجميع إلى العطاء فهو القياس. - المنتخب: داخل الرجاء خليط من اللاعبين المجربين والناشئين، هل أنت مع دعاة التشبيب أم أن الوضع الحالي لا يسمح ويحتم عليك الإعتماد على أصحاب الخبرة؟ مارشان: لقد كان لي شرف اكتشاف لاعبين بصما بقوة في سجل الكرة العالمية وهما دروغبا ومالودا، لقد تابعت تألقهما وعانيت مع دروغبا في تمريناته لأنه كان ضخما ويفتقد للسرعة والقوة، وبفضل الرغبة المشتركة تمكن هذان اللاعبان من شق طريقهما بثبات والبقية تعرفونها، ما أريد أن أقوله من خلال هذا المثل هو أن طريقة عملي تعتمد على التكوين والإنتصار، أي الجمع بينهما، فإذا تحقق ذلك في فرنسا وفي مدينة لا يزيد عدد سكانها عن 5 ألاف نسمة فكيف لا يتحقق في الدارالبيضاء الذي يتجاوز عدد جمهوره أضعاف هذا الرقم. - المنتخب: إرتبطت طويلا بنادي رين الفرنسي، والآن أنت في الرجاء الذي يوجد على رأس إدارته التقنية اللاعب يوسف روسي الذي حمل قميص رين، هل ستنفتح على مجال التكوين داخل الفريق؟ مارشان: أنا أصلا مكون ولي إهتمامات واسعة وأبحاث في هذا المجال، سأعمل على فتح قنوات التواصل مع يوسف روسي الذي أعرفه جيدا كلاعب حين كان يحمل ألوان نادي رين الذي ضم عددا من المغاربة كحجي ووادو، وأتمنى أن نوفق جميعا في رسم إستراتيجية عمل موحدة، طبعا في إطار جو من التضامن بين جميع مكونات الفريق، وأنا سعيد جدا حين تعرفت في أول إجتماع عقدته مع الرئيس وبعض المسيرين والتقنيين في مركب النادي فور وصولي من فرنسا، إن وجود أبناء الفريق على رأس مديرية التكوين بالنادي شيء مهم جدا، لأن اللاعب الناشئ سيستحضر إسم ذلك النجم وهو يوجهه ويرعاه. - المنتخب: منذ سنوات لم تشرف على تدريب أي فريق، ما السر في ذلك؟ مارشان: لو رجعت إلى الوراء قليلا ستكتشف أنني لا أفضل تغيير الأندية بسرعة، أي لا أفضل كثرة التنقلات من بلد إلى آخر، فخارج فرنسا دربت في بلدين تونس وقطر وأنا اليوم في المغرب، معنى هذا أنني مع الإستقرار ولا أسعى إلى جمع المال بقبول أي عرض، ثم إن الفرق التي دربتها أنهيت تعاقداتي معها دون أن أغادرها قبل الأوان وهذا شيء مهم إذا وضع في سياقه، أي أنني أحترم عقد الأهداف، لقد رفضت تدريب العديد من الفرق في العامين الماضيين لأنني كنت بحاجة للبقاء بالقرب من أسرتي، ولأن العروض غير مغرية ليس ماليا، بل غير ذات تأثير على مساري الكروي. حاوره: