لم أكن أريد بداية بهذا الشكل أزمة الشباب أوهمتنا بضعفها! الحالة الصحية لوالدي حسمت أمر العودة نعم تنافس الأهلي والزمالك من أجل ضمي التعادل أمام إفريقيا الوسطى خيبت الآمال بعد كل محطة احترافية إفريقية أو أوربية أو أسيوية، يفضل اللاعب هشام أبو شروان التوقف في محطة الرجاء، كمسافر يجلس في باحة استراحة كلما داهمه عناء رحلة متعبة. داخل الرجاء يلتقط هشام أنفاسه وهو يستنشق هواء الخضراء، قبل أن يركب بساط الريح نحو وجهة أخرى. رغم أن هشام استهل مساره الاحترافي بنكبة، حين فشلت صفقة انتقاله إلى الدوري الإنجليزي وتحديدا إلى نادي سوتهامبتون، إلا أن النكبة تحولت إلى فرحة في كثير من المحطات الاحترافية التي توقف فيها أبو شروان، خاصة مع النصر السعودي وليل الفرنسي والترجي التونسي ثم الاتحاد السعودي. بعد فشل الاحتراف الانجليزي، أصر اللاعب على الاحتراف ولو على سبيل الإعارة، فكان النصر السعودي على خط التفاوض، ومن المفارقات الغريبة أن يبدأ هشام رحلته في عالم الاحتراف من السعودية وينهيها في نفس البلد العربي. لكن ما لا يعرفه الكثيرون، هو أن أبو شروان يظل اللاعب المغربي الوحيد الذي احترف في ثلاث قارات وشارك في عصبة الأبطال الأوربية مع ليل الفرنسي ورابطة الأبطال الإفريقية مع الرجاء والترجي، ثم كأس عصبة الأبطال الأسيوية مع اتحاد جدة. ورغم رحلة التألق هاته، إلا أن فرصته مع المنتخب المغربي لم تكتمل لاعتبارات عديدة، إذ ظل ظهوره مع الفريق الوطني متقطعا في أغلب الفترات. في حواره مع «المنتخب» يروي هشام دواعي توقفه الإضطراري بالدار البيضاء، ويتحدث عن طموحاته وأمانيه، كما يقف عند حائط المنتخب الوطني ليدرف دموع الحسرة على حالة استعصاء رهيبة، لكن قبل الإبحار في لعبة السين والجيم لا بأس من البحث عن دواعي نكبة الإقصاء من منافسات كأس العرش. - المنتخب: في أول ظهور لك في تشكيلة الرجاء خرج فريقك من منافسات كأس العرش، أي تفسير لهذه المصادفة؟ أبو شروان: لم يكن أحد يعتقد أن شباب المحمدية الذي يعاني من مشاكل على مستوى التسيير سيقصي الرجاء من منافسات كأس العرش، ربما الفرق الحاصل بين الفريقين هو الذي دفع إلى الإعتقاد بأن الخصم ليس من نفس العيار، وأغلب اللاعبين دخلوا المباراة وهو منتصرين مسبقا، تأسفت كثيرا لأن عودتي تزامنت مع حدث الإقصاء من منافسات الكأس، كرة القدم لا تخضع لمنطق القوي والضعيف لأن النتائج تحسم على أرضية الملعب وليس على الورق، انتصار الشباب جاء نتيجة الثقة التي اكتسبها لاعبوه في هذه المباراة بعد أن استعصى على اللاعبين الرجاويين تأمين الإنتصار، ثم إن الضغط كله كان على الرجاء لأن الشباب ليس له ما يخسر في هذه المباراة، فإذا تأهل فتلك مفاجأة وإذا أقصي فلا أحد يلومه بالنظر إلى الوضع الحالي لفريق سيكون أفضل لو تخلص من الخلافات التي تهدده. مباريات كأس العرش لا تخلو من عنصر المفاجأة، الآن على الجميع أن ينسي هذه الكبوة ويفكر في القادم، لا سيما وأن أغلب الإنتدابات لم تكن مبكرة. - المنتخب: الجمهور الرجاوي كان ينتظر اكتساحا أخضر نظرا للتجربة التي تملكها العناصر المنتدبة، لكن لا شيء تحقق؟ أبو شروان: اللاعبون الجدد في حاجة إلى انسجام مع بقية اللاعبين، علما أن أغلب الوافدين لم يشاركوا الرجاء في المعسكر الإعدادي الذي بدأ في يوليوز، لكن حين سيتحقق الانسجام سيكون هناك كلام آخر. - المنتخب: بعض المقربين منك نصحوك بعدم الإنضمام إلى الرجاء، لكنك رفضت؟ أبو شروان: أنا الذي أتخذ القرار وأنا من يتحمل المسؤولية في اختياراتي، فاللعب للرجاء شرف لكل لاعب نظرا لقيمة هذا النادي، واللاعب الذي يفكر في الضغط الجماهيري قبل التوقيع لأي نادي لا يمكنه أن ينجح في مسيرته، فقبل أن أوقع لاتحاد جدة نصحني البعض باللعب لفريق أقل ضغطا لكنني اخترت ما أملاه علي ضميري وكنت موفقا والحمد لله. - المنتخب: أيهما أكثر ضغطا الرجاء أم اتحاد جدة؟ أبو شروان: شاءت الصدف أن ألعب في الفرق التي تملك قاعدة جماهيرية، وبالتالي فإن حجم الضغط يكون مرتفعا، لأن الجمهور يطالب دوما بالإنتصارات ولا يشفع للاعب تواضعه في هذه المباراة أو تلك، فالترجي التونسي مثلا فريق له جمهور كبير لا يقنع بغير الألقاب، سواء تعلق الأمر بالدوري المحلي أو المنافسات القارية والعربية، أما اتحاد جدة فالضغط رهيب لأن جمهوره لا يعترف إلا بالانتصارات بل إن التعادل في إحدى المباريات يجر اللاعبين إلى الجحيم، فبعد عودة الفريق السعودي من اليابان بعد خوض نهائي كأس عصبة الأبطال الأسيوية كانت التداريب تعرف حالة هيجان، وغالبا ما كنا نتدرب تحت حراسة أمنية مشددة، كل هذا الغضب حصل رغم أن وصول اتحاد جدة إلى لقب وصيف البطل يعتبر إنجازا في حد ذاته، وهذا الوضع كان له تأثيره على بقية المشوار سواء في الدوري أو الكأس، لهذا فإن الأندية الأوربية لا تتلقى مضاعفات كبيرة إذا خسرت في نهائي كأس عصبة الأبطال أو في الدور ما قبل النهائي، لأن البرمجة تجعل من النهائي ختام الموسم الكروي في أوروبا، أما في آسيا أو إفريقيا فإن الإقصاء من المنافسات القارية يكون له تأثير مباشر على مسيرة الفرق في الدوريات المحلية. وحتى حين لعبت لنادي النصر السعودي على سبيل الإعارة، عشت الضغط الجماهيري والصراع اليومي مع الغريم التقليدي الهلال. - المنتخب: هذا الوضع حصل للرجاء بعد الخسارة أمام الزمالك في نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية؟ أبو شروان: نعم، لقد وصلنا إلى النهائي وانهزمنا في القاهرة بهدف لصفر، لكن الكل هنا غضب من النتيجة، وطالبنا بالانتصار في قلب القاهرة، ولم يتمكن فريقنا من إيجاد إيقاعه في الدوري المحلي، حيث ساءت النتائج وتم الإستغناء عن خدمات المدرب البلجيكي ماوس، نزولا عند رغبة الجماهير. - المنتخب: طيب ما طبيعة العقد الذي يربطك بالرجاء؟ أبو شروان: العقد يمتد إلى سنتين، لكن بنوده فيها نوع من المرونة، أي أنه في حالة وجود عرض جاد خلال هذه الفترة فإن المكتب المسير يلتزم بتسريحي، بالنسبة للشروط المالية فهي عادية لأن اختياري للرجاء لم يكن من أجل المال، بل من أجل إعادة الفريق إلى منصة الألقاب بعد غياب طويل، فحين كلمني الرئيس في الموضوع وجد لدي استعدادا لحمل قميص الرجاء البيضاوي على غرار بقية زملائي. - المنتخب: لماذا فضلت عرض الرجاء على عرضين من مصر؟ أبو شروان: من طبعي أن أعود إلى المغرب مباشرة بعد انتهاء آخر مباريات الدوري، وأحيانا من شدة اشتياقي لبلدي ولأسرتي أتوجه من الملعب إلى المطار، وهذا حصل مرارا مع الترجي أو الإتحاد، عكس بقية اللاعبين الذين لا يشرعون في عطلتهم إلا بعد إنهاء ترتيبات عقد آخر، لكن هذه المرة كان لي إصرار على البقاء في المغرب، خاصة بعد الوضع الصحي المقلق لوالدي والذي يعتبر دافعا أساسيا وراء إلغاء فكرة الإغتراب، فحين علمت بدخوله المصحة وكنت في معسكر رفقة اتحاد جدة ذهب تركيزي وربطت الإتصال بشكل متواصل مع أسرتي لمتابعة أدق التفاصيل، وهذا سبب رئيسي لتطليق الغربة ولو بشكل مؤقت. - المنتخب: ما هي العروض التي توصلت بها قبل التوقيع للرجاء؟ أبو شروان: من مصر، كانت فرق الأهلي والزمالك والإسماعيلي تسعى إلى جلبي لتعزيز صفوفها، وهي أندية لها طموحات كبرى، لكنني فضلت عدم الدخول في متاهة التنافس بين أقطاب الكرة المصرية، واعتذرت لهم وخاصة لصديقي عماد متعب الذي كان يود أن يراني بقميص الأهلي، إضافة إلى ذلك فإن السعر الذي حدده وكيل أعمالي ظل بعيدا عما قدمه المصريون، لذا فضلت خوض تجربة جديدة مع الرجاء. - المنتخب: كانت لك عروض أخرى من الخليج العربي، لكن سرعان ما اختفت؟ أبو شروان: فعلا كانت لي عروض، فقد كنت أتوصل بمكالمات بين الفينة والأخرى من وكلاء لاعبين أو مدربين أو مسؤولين، لكن حين أقدم شروطي يختفي المفاوضون. - المنتخب: ما هي الأندية التي كانت تود الإستفادة من خدماتك؟ أبو شروان: بالنسبة للخليج العربي حدثني البعض عن الوحدة الإماراتي وأهلي دبي وبني ياس، وخلال المكالمات التي أجريتها مع بعض المفاوضين تبين أن الجانب المالي هو العائق. - المنتخب: كنت قريبا من التوقيع للعين الإماراتي؟ أبو شروان: لقد كان كريم بلق وكيل أعمال اللاعبين قريبا من إنجار الصفقة، خاصة بعد استغناء العين عن خدمات أحد الأجانب، لكن في آخر لحظة تعرض لاعب ارتكاز لإصابة خطيرة ستبعده عن الميادين لمدة طويلة، مما دفع بالمسؤلين إلى البحث بدائل أخرى، والخير في ما اختاره الله. - المنتخب: الوداد كان أيضا على الخط، أليس كذلك؟ أبو شروان: الوداد فاوضني بشكل غير رسمي، في الوقت الذي أعطيت فيه «الكلمة» لرئيس الرجاء البيضاوي، ثم إنني لاعب رجاوي بمشاعري وليس بلون القميص الذي أرتديه، لهذا اخترت العودة إلى الرجاء الذي كنت أتابع نبضه بالتفصيل وأنا في المهجر. - المنتخب: ماذا تغير في الرجاء بين الأمس واليوم؟ أبو شروان: الرجاء فريق لا يقبل بغير البطولات، فحين عدت إلى صفوفه لم ألمس تغييرات كثيرة، فقد سبق لي أن تعاملت مع الرئيس الحالي عبد السلام حنات وهو يعرفني جيدا رفقة مجموعة من أعضاء مكتبه المسير، الطاقم التقني أيضا يعرفني جيدا فالمدرب هنري ميشال تعاملت معه داخل الرجاء والمنتخب، ومعه فزنا بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية بالكامرون، الجمهور ازداد ارتباطا بفريقه وأصبح يسانده في السراء والضراء، لم ألمس تغييرا كبيرا لأنني داخل فضاء مألوف بالنسبة إلي. - المنتخب: أنت اللاعب المغربي الوحيد الذي شارك في ثلاث منافسات لعصبة الأبطال في ثلاث قارات، كيف عشت هذا التنوع على المستوى الكروي؟ أبو شروان: لعبت رفقة ليل الفرنسي منافسات كأس عصبة الأبطال الأوروبية، وكان لي شرف خوض بعض المباريات أبرزها ضد بنفيكا البرتغالي، كما لعبت كأس العصبة الإفريقية مع الرجاء والترجي، وفي القارة الأسيوية شاركت الإتحاد السعودي ووصلنا إلى آخر محطة، لم أفز بأي لقب، لكنني نلت لقب وصيف البطل. هذه تجربة أضيفها إلى تجارب أخرى مكنتني من خوض مباريات على أعلى مستوى وأحمد الله على هذا. - المنتخب: آخر ظهور لك مع المنتخب المغربي كان في فاس العام الماضي ضد الكامرون، ما سر الغياب؟ أبو شروان: هذا سؤال يجب توجيهه إلى الناخب الوطني، لكن صراحة حين وضعت الجامعة لائحة اللاعبين لم تتضمن إسمي لأنني حينها كنت حديث التوقيع للرجاء البيضاوي ولم أخض أي مباراة، بمعنى أنني غير جاهز في فترة التربص الأول، لكن كل المغاربة أصيبوا بخيبة أمل بعد المباراة الأولى أمام إفريقيا الوسطى، وأخشى أن يتكرر سيناريو العام الماضي، ثم لا بأس من تصحيح معلومة تتعلق بسؤالك وهي أنني لم أخض مباراة الكامرون التي تحدثت عنها وكنت مجرد لاعب بديل لم يكتب له المشاركة في المباراة الختامية. - المنتخب: ما الذي ينقص المنتخب المغربي في الحالة الراهنة؟ أبو شروان: مدرب رسمي يجلس على كرسي البدلاء ويباشر الحصص التدريبية بمسؤولية. - المنتخب: تعرفت على المدرب غيرتس في السعودية وواجهته في أكثر من مناسبة، ماهي نقطة قوته؟ أبو شروان: نقطة القوة هي انتماء هذا المدرب لفريق كبير كالهلال السعودي، الذي ترصد له ميزانية ضخمة توازي ما يرصد لأكبر النوادي العالمية، فالمدرب يكفيه أن يطلب من الإدارة انتداب لاعب حتى لو كان سعره خياليا فإن المسؤولين يبادرون إلى تلبية طلب المدرب، في هذه الظروف نادرا ما يفشل المدربون إلا إذا خانهم التواصل مع المحيط الجديد. حوار: حسن البصري بطاقته هشام أبوشروان تاريخ الإزدياد: 2 أبريل 1981 بالعونات الطول: 1.83م الوزن: 77 كلغ المركز: مهاجم النادي الحالي: الرجاء البيضاوي الصفة: دولي عدد مبارياته الدولية: 27 عدد أهدافه الدولية: 5 الأندية التي لعب لها: 1997 1999: نجم العونات 1999 2004: الرجاء البيضاوي (115 مباراة 65 هدفا) 2004 2005: النصر السعودي (15 مباراة 13 هدفا) 2005 2006: ليل الفرنسي (16 مباراة هدفين) 2006 2008: الترجي التونسي (32 مباراة 10 أهداف) 2008 2010: إتحاد جدة السعودي (57 مباراة 29 هدفا) مشاركاته الدولية: شارك مع المنتخب المغربي في نهائيات كأس إفريقيا للأمم دورتي (2006 بمصر و2008 بغانا).