مكالمة هاتفية حولتني من أهلي القاهرة إلى وداد الدارالبيضاء المدرب الجديد للوداد قال ل»المنتخب» إنه شبح لسانطوس خلافا لعناوين الصحف الكونغولية التي بدأت تتحدث عن عطالة مدرب نادي مازيمبي، مباشرة بعد خسارة «الفريق الأقوى» أمام الترجي التونسي بثلاثية، فإن فترة الراحة البيولوجية لم تستمر سوى أسابيع قليلة، قبل أن يحسم في أمر العروض التي انهالت عليه. حل دييغو كارزيتو بالدارالبيضاء، بعد أن كان على وشك الانتقال إلى الدوري المصري، وقع للوداد البيضاوي الذي يحتل الصف الأول، وقرر الدخول لعبة التحدي. دامت المفاوضات بين المكتب المسير للوداد والمدرب دييغو ثلاثة أيام، كانت فرصة لوضع النقط على الحروف، ورسم خارطة الطريق أمام مدرب يعرف أنه تعاقد مع فريق بشهية مفتوحة أمام الألقاب ما ظهر منها وما بطن. غادر كارزيتو لومومباشي معقل نادي مازيمبي وهو يضرب كفا بكف، بعد أن أقيل من منصبه واستيقظ على وجود مدرب سينغالي يروض التماسيح، جمع الرجل حقائبه وآمن أن قارة الإنقلابات لا تستثني المدربين. مباشرة بعد توقيعه لعقد الإنتماء إلى الوداد، تابع الرجل رفقة وكيل أعماله المغربي المهدي وابنه أنطوني مباراة ودية إعدادية أمام شباب قصبة تادلة، كانت فرصة للوقوف ميدانيا على أداء لاعبي الوداد، قبل أن تبدأ الأمور الجادة والتحضير لمباراة مراكش القادمة. كانت «المنتخب» أول منبر إعلامي يحاوره على حد قوله، حيث كشف الرجل ذو الأصول الإيطالية والجنسية الفرنسية، عن خارطة الطريق وأشياء أخرى تتابعونها في هذا الحوار. المنتخب: كيف جاء اختيارك الإشراف على تدريب الوداد البيضاوي؟ كارزيتو: كنت على وشك الإنضمام لنادي الأهلي المصري، فاتحني مسؤولوه في الموضوع وتوجهت إلى القاهرة لبحث المقترح، في ساعة متأخرة من الليل تلقيت مكالمة هاتفية من وكيل الأعمال المغربي المهدي، والذي تربطه علاقات متينة بمسؤولي الوداد البيضاوي، قال لي لا تشغل بالك بالعرض الأهلاوي، إلتحق بالدارالبيضاء فبطل الموسم الماضي يعرض عليك تدريب الفريق، سافرت إلى الدارالبيضاء وعاينت عن قرب رغبة مسؤولي الوداد فقررت التوقيع له، تحمست بعد استشارة عائلتي وإبني على الخصوص للعمل في المغرب وها أنا أدخل تجربة إفريقية أخرى لكنها مختلفة عن سابقتها. المنتخب: ما هي أوجه الإختلاف؟ كارزيتو: الوداد من خلال جلساتي مع مسؤوليه أكثر احترافية من مازيمبي، الدارالبيضاء ليست هي لومومباشي، البنيات التحتية مقبولة، تصور أنني كنت أدرب مازيمبي فترة طويلة في ملعب مترب.. في الكونغو الديمقراطية يمكن أن تتحول من بطل قومي إلى شخص مرفوض لمجرد خسارة عادية. المنتخب: تقصد طريقة إقالتك من تدريب مازيمبي؟ كارزيتو: التاريخ لا يكذب، إنه يحفظ لي في سجلاته ما قدمته لهذا الفريق الكونغولي، حققت معه بطولة عصبة الأبطال الإفريقية، وقدته إلى نهائيات كأس العالم للأندية في دبي، الفريق أصبح له نهج تكتيكي عميق، لكن الهزيمة أمام الترجي اعتبرت نهاية العالم، هناك أربعة مسيرين تصدوا لي، لكن أمام الضغط الجماهيري حاولوا إزاحتي بطريقة أخرى، إذ اقترحوا علي منصب مدير تقني، لكنني رفضت وغادرت البلاد، بعد أن جيء بمدرب سينغالي لخلافتي، وقررت التفاوض مع فريق واحد هو الوداد، لأنني لست من طينة المدربين الذين يدخلون المزايدة. المنتخب: هل تلقيت عروضا من أندية مغربية أخرى؟ كارزيتو: علمت عن طريق وكيل أعمالي، أن فريقا من المغرب له رغبة في التعامل معي كمدرب، لكنني حسمت الأمر. المنتخب: أنت أمام تحدي كبير، فالوداد يحتل الصف الأول، وأي تراجع في سبورة الترتيب قد يغضب الجمهور؟ كارزيتو: أعرف أن الوداد يحتل الصف الأول وأمامه إلتزامات على ثلاث واجهات، كأس بطولة شمال إفريقيا وكأس عصبة الأبطال الإفريقية، ثم البطولة الوطنية، أظن أنني هنا من أجل جعل اللاعبين يقبضون على الصدارة وأن يخوضوا المباريات برغبة الإنتصار، إذا كان اللاعب الودادي يلعب بعقلية الفائز، فسنستمر في الزعامة، وأشكر بالمناسبة المدرب المغربي الذي قاد الفريق بعد رحيل المدرب البرازيلي، وهنا لا بأس أن أقول لك شيئا طريفا، حيث أنني قبل إلتحاقي بمازيمبي كان على رأس الإدارة التقنية مدرب إسمه سانطوس وهو لاعب كونغولي دولي سابق، وهذه المرة الثانية التي أكون فيها بديلا لسانطوس. المنتخب: ما هي الأهداف التي سطرتها مع المكتب المسير للوداد؟ كارزيتو: حين يتعاقد مدرب كيف ما كانت جنسيته مع فريق من حجم الوداد المغربي، فالهدف الأكبر مسطر قبل التفاوض، أي تحقيق البطولات، لأن الوداد هو بطل الموسم الرياضي الماضي وعليه مسؤولية الدفاع عن اللقب، إذن الأهداف واضحة، وهي البطولة المحلية وكأس بطولة إفريقيا الذي أتمنى أن أحرزه لأفتح به شهية الألقاب، وبلوغ دور الثمن في منافسات كأس عصبة الأبطال الإفريقية. المنتخب: لماذا توقف طموحك عند دور الثمن من كأس عصبة الأبطال الإفريقية؟ كارزيتو: لأنه بكل بساطة، العقد الذي أبرمته مع الوداد ينتهي في نهاية الموسم الكروي، أي قبل انطلاق دور المجموعات، لهذا أرسم الأهداف وفق الفترة الزمنية للتعاقد، لكن في حالة الإقتناع بمردوديتي سيحصل اتفقنا على تمديد العقد، وهذا ما نتمناه جميعا. المنتخب: ألا تخشى تدريب فريق لم تشارك في إعداده لمختلف المنافسات ولم تساهم في انتداب لاعبيه؟ كارزيتو: كل المدربين في العالم يواجهون صعوبات من هذا النوع، أحيانا تجد نفسك أمام رهان صعب، لكن أمامنا فترة الإنتدابات الشتوية، ولقد اتفقت مع المكتب المسير على وضع تصور أولي للعناصر التي يمكن الإعتماد عليها وفق الخصاص الذي سنلاحظه في مجموعة من المراكز، طبعا بعد المعاينة عن قرب، ومن الصدف الجميلة أن أنضم إلى الوداد في فترة توقف للبطولة، مما سيمكنني من الإشتغال بنوع من الهدوء. المنتخب: عاينت المباراة الإعدادية للوداد أمام شباب قصبة تادلة، ما هي انطباعاتك الأولية حول المجموعة الودادية؟ كارزيتو: لم أعاين كل أطوار المباراة، بل تابعت الجزء الأكبر منها، لاحظت بأن المجموعة متحمسة وأن لها حسا هجوميا، رغم أن كل حكم سيكون سابقا لأوانه، لأن الفريق يعرف غيابات كثيرة في مختلف مراكز اللعب، سواء لاستدعائها للمنتخب المغربي أو بسبب غيابات لها علاقة بالأعطاب. المنتخب: هل ستحدث تغييرات على الطاقم التقني؟ كارزيتو: تعاقدت مع الوداد كمدرب رئيسي، ولم أحسم بعد في مسألة المدرب المساعد، لكن لا أعتقد أن تغييرات ستطال بقية مكونات الطاقم، يحضر معي إبني وهو الذي كان مكلفا داخل مازيمبي بتأهيل اللاعبين الذين لا يتم استدعاؤهم للمشاركة في المباريات الرسمية، بسبب الأعطاب أو البطاقات الحمراء أو عدم الجاهزية، أظن أن التغيير إذا وقع سيكون طفيفا وسيشارك فيه المسؤولون. المنتخب: قيل إنك اقترحت على رئيس الوداد المعد البدني الذي رافقك في مازيمبي، ما صحة هذا القول؟ كارزيتو: غير صحيح، لسبب بسيط هو أن مساعدي في مازيمبي انتقل للعمل في دولة إفريقية أخرى، غالبا ما يكون الإنتقال بعد انطلاقة قطار البطولة له طابع فردي للحفاظ على التوازنات. المنتخب: هل أنت راض على مسارك مع مازيمبي؟ كارزيتو: بالطبع، فالفريق صعد أثناء فترة إشرافي عليه، إلى منصات التتويج محليا وإفريقيا، ليس من السهل تحقيق بطولة كأس عصبة الأبطال الإفريقية، والمشاركة في مونديال الأندية، هذا حلم كل المدربين، علما أن فريقنا ترك انطباعا جيدا في دبي، رغم انهزامنا كان الجمهور يستمتع بأداء اللاعبين. المنتخب: تنكب على مشاهدة بعض أشرطة مباريات الوداد، ما هو تقييمك الأولي؟ كارزيتو: منذ أول اتصال هاتفي بيني وبين وكيل الأعمال المغربي، بدأت أبحر في عالم الأنترنيت بحثا عن معلومات معمقة حول النادي الذي يفاوضني، الآن التكنولوجيا تتيح فرصة التعرف على خبايا الكون فما بالك بفريق كبير من حجم الوداد له امتداد في التاريخ الكروي المغربي، وله حضور قوي في الساحة الرياضية المغربية والإفريقية. تعرفت على الفريق بسهولة وأنا الآن بصدد متابعة بعض أشرطة مبارياته التي وضعها المكتب المسير رهن إشارتي، ومع مرور الأيام ستكتمل الصورة، لكن لا بأس أن أشير إلى أن مجموعة من الصور التي تم تثبيتها في إدارة النادي قد استوقفتني خاصة ما يتعلق فيها بالجانب التاريخي، حمدا لله لأنني أتعاقد مع الأندية الكبرى التي تظل كتابا مفتوحا بإمكان أي شخص التعرف عليه. المنتخب: هل لديك فكرة حول منافسي الوداد والصراع الأزلي مع الغريم التقليدي الرجاء؟ كارزيتو: قيل لي إن مباراة الموسم بالنسبة للجمهور البيضاوي، هي التي تجمع الوداد بالرجاء البيضاويين، وعلمت أيضا أن ما يفصل ملعبيهما هو مجرد شارع صغير، سأكون سعيدا لأنني سأدخل تاريخ الديربيات المغربية، وسأعيش حماسه وضغطه أيضا وأتمنى أن أوفق في تدبير هذه المباراة التي لها مكانة خاصة لدى جمهور الفريقين. المنتخب: لم تتعود على نمط الديربي في لومومباشي؟ كارزيتو: على العكس تماما، في مدينة لومومباشي الكونغولية ليس مازيمبي هو الفريق الوحيد الذي يعشقه ساكنة المدينة، هناك فريق آخر ليس له حضور كبير في الواجهة الإفريقية، لكنه يشكل الند للند في ديربيات الكونغو الديمقراطية، حيث يتعدى الحضور الجماهيري 50 ألف متفرج، تعيش طيلة دقائق المباراة حماسا غير معهود في مباريات أخرى، وغالبا ما تكون هذه المواجهات أصعب من منافسات كأس عصبة الأبطال. هناك ديربيات أخرى عشتها سواء في فرنسا أثناء إشرافي على العديد من الأندية، أو مع منتخبات إفريقية أيضا، لأن المواجهات الكلاسيكية غالبا ما يحكمها البعد الجغرافي. المنتخب: سبق لك أن زرت المغرب، ما هو الإنطباع الراسخ في ذاكرتك؟ كارزيتو: زرت المغرب صحيح، لكنني لم أنعم بزيارة مدينة الدارالبيضاء، وإن كنا قد نزلنا في مطار كازابلانكا وغادرنا البلاد منه، زرت الرباط عاصمة البلاد، حيث كنا نقيم في أحد فنادقها، قبل مواجهة فريق الخميسات برسم منافسات كأس عصبة الأبطال. المنتخب: تحتفظ بذكرى سيئة لأن الوفد الكونغولي احتج على إجراء المباراة في ملعب الخميسات؟ كارزيتو: لا ليس إلى هذا الحد، فقط الملعب لم يكن يتوفر على الشروط المطلوبة، ومن الصعوبات التي واجهناها غياب فضاءات للتدريب، وبُعد الفندق عن المدينة التي أجرينا فيها المباراة، لكن مثل هذه الأمور أصبحت في طي النسيان، لأن مسارنا في المنافسات القارية جعلنا نعيش مشاكل أكبر من هذه بكثير، هنا وسائل النقل متوفرة وتشعر بحسن الضيافة وبأن التنافس ينتهي بنهاية دقائق المباراة. المنتخب: ما هو موقف زوجتك من اختيارك الوداد المغربي؟ كارزيتو: لقد عبرت عن مساندتها لي ودعمت هذا الإختيار، لأنه بالإمكان الآن زيارتي هنا في الدارالبيضاء، وقضاء نهاية أسبوع معي ومع إبنها، وتعود لاستئناف عملها دون أدنى تعب، فالمسافة الزمنية الفاصلة بين الدارالبيضاء وليون مكان إقامتي لا تتجاوز ساعتين ونصف، أنا أيضا يمكنني السفر رفقة إبني لزيارة العائلة في فرنسا أو السفر إلى إيطاليا في حالة توقف البطولة. هنا أجواء العمل أفضل من الكونغو، حيث يستحيل السفر إلى فرنسا لزيارة أفراد الأسرة، إلا بعد مدة زمنية طويلة، فالسفر إلى هناك جد متعب. المنتخب: تنتمي إلى منطقة في إيطاليا عرفت بإنجاب المدربين، ما سر ذلك؟ كارزيتو: فعلا أصولي من مدينة أودينيزي الإيطالية، ومسقط رأسي كان في منطقة جبلية، إشتهر أهاليها بقوتهم البدنية وشهامتهم، ومن الصدف الغريبة أن المنطقة التي ولدت فيها أنجبت العديد من المدربين الإيطاليين، أبرزهم بيرزوت الذي صنع مجد المنتخب في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، والحارس زوف الذي دخل بدوره عالم التدريب، ومالديني الذي ينحدر من أصول أودنيزية، حيث لا يبعد عني سوى بحوالي ثلاثين كيلو مترا، واللائحة طويلة يضيق المجال لحصرها، خاصة وأن المناطق الجبلية تتيح لساكنتها فرصة التشبع بالهواء النقي وبقدرة التحمل والرغبة في تسلق الجبال وأيضا المهام الصعبة. المنتخب: ما هي الكلمة التي تود توجيهها للجمهور الودادي؟ كارزيتو: كما أقول دائما للاعبين وللجماهير وللمسيرين، أنا لا أملك عصا سحرية تحول حالة الإستعصاء إلى حالة انفراج، أنا مدرب لي منهج في العمل أحاول أن أرسخه وأجعل اللاعبين يتكلمون لغة واحدة، وألقحهم بروح الإنتصار، وإذا مر التيار بيننا بشكل سريع فسنجني الثمار، وأظن أن ظروف الإشتغال في الوداد جيدة، والمكتب المسير برئاسة أكرم يوفر كل المتطلبات، لهذا أدعو الجمهور إلى مساندتنا خاصة في المواقف الصعبة التي تتطلب الدعم اللامشروط. سيرة دييغو كارزيتو تاريخ الإزدياد:19 يناير 1950 مسقط الرأس: ليستيزا الإيطالية ضواحي أدونيزي مركز اللعب سابقا: وسط ميدان دفاعي الجنسية: فرنسية الأندية التي دربها: لوهانس كويزو ، أجاكسيو، اونس لوسونيي، بوزونسون، بورغ بيغوناس، جيرا سيد، مازيمبي ثم الوداد البيضاوي. المنتخبات التي دربها: منتخب الطوغو ، منتخب إثيوبيا. رصيده كلاعب: 36 مباراة في القسم الأول بالبطولة الفرنسية، 66 مباراة في القسم الثاني للنخبة، 8 مباريات في الكؤوس الفرنسية. إنجازاته كمدرب: بطل عصبة الأبطال الإفريقية، بطل الكونغو الديمقراطية، شارك في نهائيات كأس العالم للأندية. حوار: حسن البصري عدسة: عبد السلام خيار