تعدّ مقاصد الشريعة الإسلامية الهيكل العام لأحكام التشريع الإسلامي، وهي الغايات والأهداف والنتائج والمعاني التي أتت بها الشريعة، وأثبتتها في الأحكام، وسعت إلى تحقيقها وإيجادها والوصول إليها في كل زمان ومكان. وحريّ بالذكر أن مقاصد الشريعة على اختلاف أقسامها ووسائل إثباتها ومستوياتها؛ فإنها تتركز في مقصد كلي جامع جرى التعبير عنه تارة ب "جلب المصالح ودرء المفاسد"، وتارة ب "تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها". والمقاصد في الأصل هي المصالح، فكل ما فيه مقصد شرعي نجد فيه حتما مصلحة شرعية معتبرة. ولا شك أن حقوق الإنسان بمختلف أبعادها وقضاياها مسألة تنبني على المصلحة التي تعد لبّ مقاصد الشريعة وجوهرها الأساس. من أجل ذلك كان تعزيز هذه المنظومة الحقوقية مسألة غاية في الواقعية والفاعلية بما يكفل حماية إنسانية هذا الإنسان، وكرامته. ولعل من أبرز ميزات الفكر المقاصدي، كونه فكراً كليا يأبى الانحسار في ظواهر الأدلة الجزئية، دون وصلها مع الأدلة الكلية، من هنا كانت حقوق الإنسان مقصدا أساسيا من مقاصد التشريع الإسلامي، لارتكازها على مبادئ كلية من قبيل التكريم، والاستخلاف، والمساواة، والعدل، والحرية، والكرامة لهذا الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم، مع الالتزام بالسبل والوسائل التي تحقق هذه المقاصد، وتحافظ عليها، وتمنع من إهدارها أو ضياعها. الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء