ذكر أحد الباحثين أن سجلماسة العامرة "تقف عند حدود المنطقة الشمالية وتترك شطره الأكبر أي الجنوبي في منطقة الظل. وأهم ما تلقيناه من معلومات عن الواحات والصحراء المغربية، يرجع فيه الفضل إلى أبي عبيد الله البكري في كتابه المسالك والممالك، والذين جاءوا بعده لم يضيفوا شيئا كثيرا اللهم إلا في نطاق الجزئيات ويجب أن ننتظر ابن بطوطة الرحالة المعروف لنجد في رحلته فقرات يتحدث فيها عما شاهده أثناء رحلته عن الصحراء والصحراويين. وكان الحسن الوزان في كتابه "وصف إفريقيا" أكثر إفادة بما أتى به من معلومات"[1]. من حيث الإسم، لم تحظ سجلماسة بأي إشارة أو اهتمام من طرف المؤرخين المشارقة المشهورين أمثال الطبري، ابن عبد الحكم والواقيدي. نفس الشيء ينطبق على المؤرخين الإغريق والرومان مثل هيرودوت، سالوست، بلين وبوليب. وظهر هذا الاسم أول مرة عند اليعقوبي الذي ذكر أن سجلماسة كانت تضم "قرى تعرف ببني درعة"[2]، بينما يشير ياقوت الحموي أن سجلماسة هي "مدينة صغيرة في جنوب المغرب، في اتجاه بلاد السودان، تقع بناحية درن وسط الرمال، يخترقها نهر عظيم"[3]. ويضيف البكري أن سجلماسة "ليس في قبليها ولا في غربيها عمران"[4]. نفس الوصف يورده ابن فضل الله العمري فيقول سجلماسة "تقع جنوب باقي مدن المغرب، بجوار الصحراء الكبرى"[5]. وأورد المقدسي "وأما سجلماسة فهي اسم القصبة أيضا ولها من المدن درعة، تادنفوست، إثرايلا، يلميسن، حصن ابن صالح، النحاسين، حصن السودان، هلال، امصلى، دار الأمير، برارة، الخيامات، تازروت"[6]. ويذكر ابن يحيى الأنصاري الكتبي (توفي حوالي سنة 718 هجرية /1318 ميلادية) "في منطقة صحراوية نجد أيضا سجلماسة بنيت على أرض مسطحة ذات تربة على شكل سبخة ولا وجود لعمران إلى الجنوب منها"[7]. ويربطها القلقشندي (المتوفى حوالي سنة 821 هجرية / 1418 ميلادية) دائما بجنوب المغرب في نهاية المناخ الثاني[8]. اعتمادا على رواية ابن حوقل، يرى باحث أثري فرنسي أن سجلماسة كانت تمتد لمسيرة خمسة أيام على ثلاثة ويمكن أن يبلغ طولها حوالي 150 كيلومترا من الشمال إلى الجنوب وعرضها 100 كيلومترا من الغرب إلى الشرق[9]. ويذكر محمد بن الحسن الوزان أن "سجلماسة إقليم يستمد اسمه من المدينة الرئيسية فيه ويمتد على طول وادي زيز يبتدئ من الخنك من المضيق القريب من مدينة غارسلوان ونزولا نحو الجنوب على مسافة مائة وعشرين ميلا حتى تخوم صحراء ليبيا"[10]. وحاول ابن سعيد المغربي في كتابه الجغرافي أن يضبط مجال سجلماسة من حيث خطوط الطول والعرض "وفي شرقي درعة مدينة سجلماسة وهي قاعدة ولاية مشهورة حيث الطول ثلاث عشرة درجة واثنان وعشرون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة وأربع وعشرون دقيقة"[11]. بينما تحددها دائرة المعارف الإسلامية "على مسيرة نحو 200 ميل جنوبي الجنوب الشرقي لفاس على تخوم الصحراء، وعلى الشاطئ الأيسر لوادي زيز، وعلى خط عرض 80'،34° شمالا، وخط طول 31،7° غربا"[12]. ويرى أحد الأساتذة أن سجلماسة التي تقع بين خطي عرض 31° و20،31° "في فترة حكم المدراريين تدل على إمارة واسعة امتد نفوذها غربا حتى مناطق درعة، ثم عرفت هذه الإمارة اتساعا كبيرا في عهد المغراويين الذين بسطوا نفوذهم على مناطق قريبة من فاس، ثم أصبحت فيما بعد ولاية تابعة لمختلف الدول المغربية الكبيرة كالمرابطين والموحدين والمرينيين"[13]. يتبع في العدد المقبل.. ---------------------------------- 1. زنيبر محمد، "مساهمة الصحراء في بناء الدولة المغربية"، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية. الرباط، العدد: 21-22/1998، ص: 77-95. ص: 78-79. 2. اليعقوبي أحمد بن وحيد، المصدر السابق، ص: 110. 3. الحموي أبو عبد الله ياقوت، المصدر السابق، الجزء الثالث، ص: 192. 4. البكري أبو عبيد الله، المصدر السابق، طبعة: 1968، ص: 148. 5. العمري، ابن فضل الله أحمد بن يحيى، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، تحقيق مصطفى أبو ضيف. الدارالبيضاء، الطبعة الأولى 1988 نشره ديمومبينG.DEMOMBYNES تحت عنوان: L'Afrique moins l'Egypte. .Paris, Librairie Orientaliste, édition Paul GEUTHNER 1927; LXVIII+284 pages (p . 250). 6. المقدسي أبو عبد الله محمد، المصدر السابق، ص: 219. 7. Cuoq (J): op-cit. )p 125. 8. القلقشندي، أبو العباس أحمد بن علي الفزازي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا. تحقيق محمد قنديل البقلي. القاهرة، المؤسسة المصرية، الجزء الخامس 1972 (ص 163). 9. Devisse (Jean): "Sijilmassa: les sources écrites, l'archéologie et le contrôle des espaces", Colloque Euro-africain Erfoud, 20-25 octobre 1985. Bergamo (l'Italie), Gruppo Walk Over, 1986. Paris, Publication de l'Institut International d'Anthropologie, Centre International de Recherches Sahariennes et Sahéliennes 1986. pp. 18 - 25/ p 22. 10. الوزان، محمد بن الحسن الفاسي، المصدر السابق، ص: 120. 11. ابن سعيد، أبو الحسن علي المغربي، كتاب بسط الأرض في الطول والعرض. تطوان، معهد مولاي الحسن 1958 وطبع ببيروت سنة 1970 تحت عنوان: كتاب الجغرافيا، ص: 124. 12. مجموعة من المؤلفين، دائرة المعارف الإسلامية. القاهرة، الطبعة الأولى، بدون تاريخ، الجزء الحادي عشر، ص: 298. 13. حافظي علوي حسن، سجلماسة وإقليمها في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي. المحمدية، مطبعة فضالة، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1997، ص: 23.