أخنوش: 340 ألف أرملة بدون أطفال تستفيد لأول مرة من الدعم المباشر    حزب "زوما" الجنوب إفريقي يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي ويعتبره ضامناً لسيادة المغرب على الصحراء    رصيف الصحافة: الموسيقى الصاخبة تكشف تحول مقهى الى مرقص ليلي    توقيف شاب مشتبه به في قضية اعتداء خطير بحي العرعر بطنجة    عيد العرش: رؤية ملكية رائدة من أجل مغرب متقدم ومزدهر    إطلاق تجربة نموذجية لصيد الأخطبوط بالغراف الطيني دعما للصيد البحري المستدام والمسؤول    وزارة: برنامج "GO سياحة" يذلل العقبات أمام المقاولين في القطاع السياحي    ميناء طنجة المتوسط يعلن عن استثمار ضخم بقيمة 5 مليارات درهم لتوسعة محطة الشاحنات    الأمم المتحدة…الضفة الغربية تشهد أكبر نزوح منذ 1967    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    وسط إشادة المؤسسات المالية الدولية.. أخنوش يعبر عن فخره بوضعية الاقتصاد الوطني وتدبير المالية العمومية        وفد من منظمة التحرير الفلسطينية يزور وكالة بيت مال القدس الشريف بالرباط    الاجتماع الوزاري الخامس الاتحاد الأوروبي- جوار جنوب .. بوريطة يؤكد على ضرورة تحويل الشراكة الأورو-متوسطية إلى تحالف استراتيجي حقيقي    صحيفة كندية: الداخلة، «ملتقى طرق» يربط بين فضاء البحر المتوسط ومنطقة جنوب الصحراء    فقدان السيطرة على حافلة يتسبب في مصرع سيدة وجرح آخرين قرب محطة باب دكالة بمراكش    الوزيرة السغروشني: الحكامة الرقمية رافعة لإدارة عمومية شفافة وفعالة في إفريقيا    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    مورسيا تحقق في "جرائم الكراهية"    أخنوش يستعرض بالبرلمان خطة الإنعاش الاقتصادي والإصلاح في ظل "الإرث الصعب"    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    وفاة معتصم "شاطو" أولاد يوسف بعد قفزه من خزان مياه واحتجازه عنصرًا من الوقاية المدنية    إحداث "مؤسسة المغرب 2030" يوحد الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب    تنظيم حفل بمناسبة انتهاء مدة الخدمة العسكرية للفوج ال39 من المجندات والمجندين بالقاعدة الأولى للبحرية الملكية بالدار البيضاء    إسرائيل تشن غارات في سوريا بدعوى "حماية الدروز" من القوات الحكومية    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    وزارة الفلاحة تدافع عن جمعية مربي الأغنام والماعز وتؤكد أن حساباتها تُدقَّق سنويا    تضامن واسع مع الإخوة الشبلي بعد حبسهما بسبب مطالبتهما بكشف ملابسات وفاة أخيهما    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    وفاة أكبر عداء ماراثون في العالم عن عمر يناهز 114 عاما    موجة حرّ شديدة وأجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    تقارير أرجنتينية.. المغرب وقطر والبرازيل في سباق محتدم لتنظيم كأس العالم للأندية 2029    بورصة البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    فرانكو ماستانتونو: مكالمة ألونسو حفزتني.. ولا أهتم بالكرة الذهبية    إسبانيا: توقيف عشرة أشخاص إثر اشتباكات بين متطرفين يمينيين ومهاجرين من شمال أفريقيا    كيوسك الثلاثاء | توجه جديد لتقنين استعمال الهواتف داخل المؤسسات التعليمية    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحتضن دورة تكوينية لفائدة وفد فلسطيني رفيع لتعزيز الترافع الحقوقي والدولي    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي        الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وادي نون و الصحراء
نشر في صحراء بريس يوم 04 - 06 - 2012


بقلم : الباحث كماز محجوب
تقديم:
أين يقع "وادي نون"؟وما هي حدوده؟وما أصل التسمية؟وهل المنطقة ذات خصائص صحراوية؟
"وادي نون" في التاريخ القديم:
عرفت الفترة الممتدة بين سنوات 256و237 قبل الميلاد ظهور مجموعة من المدن كانت تحمل اسم "ليبتس LE PTIS” ويسود الإعتقاد بأنها تعني" لمطة"[1]
و أورد بطليموس مجموعة من المصطلحات للدلالة على بعض الأماكن الجغرافية خاصة في الجنوب منها :اكنا agna وهي ماسة ،ثم فالا Vala وهي تارودانت ،ثم أشار إلى نوفيوسNovios التي لا يستبعد أن تكون ذات دلالة على نول[2]
وأثناء حديث سترابون عن بعض الأنهار ذكر نهر نولوص Nulos ،وربما هي إشارة إلى نهر النيل، لكنه أورد معطيات أخرى تفيد بأن النيل ينبع من إحدى جبال موريتانيا السفلى (أي المغرب الأقصى) غير بعيد عن البحر حيث توجد بحيرة تسمى نيليسNilis فيها أسماك وتماسيح .[3]وفي هذا إشارة إلى أن هناك علاقة بين النيل ونول ,وأورد بول أوريزي Paul Orose نفس الملاحظة التي جاء بها سترابون،ثم أضاف أن نهرا في جنوب المغرب يأخذ إسم درعة" درة "عند بعض البربر ويأخذ عند البعض الأخر اسم نوهول Nuhul[4]
وقد إتخذ مفهوم نيمNim في الثقافات القديمة رمزا للماء أصلا والذي يعتبر النيل أحد تمظهراته .[5]كما يرمز نيم Nim في بلاد الرافدين إلى ألهة الحكمة والطب والتي توجد على هيئة نصف رجل ونصف سمكة [6]، فنون هو نفسه الحوت الذي إبتلع نبي الله يونس كما ورد في الإنجيل والقران وتعتقد روايات متواترة بأن الحوت رمى بيونس على شواطئ المنطقة[7]
مما سبق نتوصل إلى أن مفهوم "نول"أو "نون" كان له ارتباط وثيق بالماء والثروة المائية في كل الحضارات القديمة: الفرعونية على النيل ، البابلية ،والأشورية على نهري دجلة والفرات... ناهيك عن حضارات أخرى في أقصى أسيا خاصة الهند والصين
ومع بداية العصر الوسيط نتيجة للفتوحات الإسلامية في شمال افريقية عموما والمغرب خصوصا، بدأت تتراكم الكتابات المشرقية وكذا المغربية في فترات متأخرة عن الفتوحات وفي تخصصات مختلفة كالتاريخ و الجغرافية و قد عنونت ب "المسالك والممالك"ومن هذا المنطلق كان مشروعا أن نبحث في القواميس العربية ، ونخص بالذكر قاموس ابن منظور الذي أشار إلى أن "نول" تعني الوادي السائل "[8] وقد نجد صعوبة بالغة في التمييز بين "نول"و"نون" لأنهما متطابقان من حيث اللفظ وقد أشار الباحث أحمد ألجماني أن الكلمة حين إرتبطت بكلمة أخرى وهي "لمطة" صعب النطق بهما مقترنتين لأن اللفظ بهما يكون عسيرا بالإبقاء على النون في أخر الإسم الأول ثم بدء الكلمة الثانية بحرف اللام فتصبح نول لمطة هي الأنسب في التداول اللفظي[9]
.ومن الطبيعي أن يحدث ذلك في كل اللغات حيث تتعرض المفردات لتغيرات مختلفة.وهذا التغير الذي مس لفظ "نول " يعتبر في العمق من خصائص "كلام البيظان أو الحسانية" حيث يمكن تغيير حرف النون بحرف اللام أو العكس كما في عبارة (أونامس /أول أمس).
إن واقع المصطلحات الجغرافية في المنطقة تعود في أغلبها ،إن لم نقل كلها إلى الأمازيغية. فهل نكتفي ب" نون " من حيث كونها تنتمي للقاموس العربي؟و يبقى مع ذلك التساؤل مطروحا عند القراءة اللغوية للأسماء السلالية و كلمة "لمطة " هي الصيغة العربية لمصطلح " لمط " وهو حيوان من فصيلة الظباء يوجد في إفريقيا.ومن هنا يمكن القول بأن الكيانات تميز إستنادا إلى معالم طبوغرافية ،أو هيدروغرافية ،أو حيوانية أو بشرية .وذلك لإرتباطها بنمط عيش السكان. وبما أن مفهوم " لمطة " هو تعريب لمصطلح "إلميضن" الأمازيغية ألا يمكن أن يكون الإسم في فترة من الفترات " نول إلميضن" ؟على أي فالكلمة مركبة من إسمين هما "نول"و" لمطة" . وياقوت الحموي يرى أنها "تقال للأرض والقبيلة معا"[10] وذهب الحميري في نفس الإتجاه حينما أشار إلى أنها "سميت لمطة لأن قبائل لمطة يسكنونها"[11] و أضاف ياقوت الحموي قائلا:"هي مدينة في جنوب بلاد المغرب وهي حاضرة لمطة"[12] ويشيرصاحب الإستبصار إلى أن "نول" كان مجال إستيطان لمطة لهذا أطلقوا إسمهم على المكان الموجودين فيه[13].وذهب المراكشي إلى القول بأن "تكاوست " و"نول" تعتبران عاصمتين للجزوليين واللمطيين. وليس لأي أجنبي الحق في الإستقرار فيهما[14].

و أشارت Du Puigaudeau أن نظام القرابة من الأم هي عادة إجتماعية كوشية في منطقة درعة .
وحسب بعض الوثائق اليهودية التي نشرها كاتيفوسي يشير إلى أن منصب الملك كانت تتقلده النساء.فالأساطير المحلية لازالت تحتفظ بذكريات الملكة يكوةYagwwa ،و الملكة "غجيجة " و"نونة " وهي نصرانية في قلب البحر أي جزر الكناري ،والتي تركت إسمها على أنقاض مدينة أكادير-نونة قرب تلوين ،وكذلك في تيزي نتاروميت على السفح الأيسر لوادي أساكا وقد أطلق إسم النصرانية على إقليم نون كله[15] ومع عدم تسليمنا المطلق بهذه الروايات إلا أنها تظهر مدى التغيرات التي حصلت على المفهوم عندما بدأت المنطقة تعرف احتكاكا مباشرا بالإبيريين.وحتى حسن الوزان الذي زار المنطقة في هذه الفترة(سنة 1510م) وعاين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة لم يقف عند حدود المفهوم إلا في إطاره الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي قائلا:"نون منطقة مسكونة على شاطيء المحيط ليس بها سوى قرى عامرة بناس فقراء,تقع بين نوميديا وليبيا ولكن القسم الأعظم منها ينتسب إلى ليبيا التي لا ينبت فيها إلا الشعير وقليل من التمر الرديء.ويرتدي أهل هذه البلاد لباسا سيئا وهم فقراء لأن الأعراب يستغلونهم ويستنزفونهم ويذهب بعضهم للاتجار في مملكة ولاتة .[16]ويبقى وصف حسن الوزان ناقصا حسب محمد حجي فيما يخص توطين المنطقة[17].
نعود إلى الرواية الشفوية التي تفيد بأن المنطقة كانت عبارة عن بحيرة كبيرة يملؤها حوت يحمل اسم النون فأطلق هذا الاسم على المنطقة فسميت "وادي نون"وهذا ما أكده جواكيم كاتل حينما زار المنطقة سنة 1864 حيث كانت تقطنها مجموعة من اليهود التي تؤكد أن أصل التسمية عبري ،ذلك أن كلمة "نون "عندهم تعني "اله السمك "[18]نقف عند هذه الرواية لنشير إلى التعارض الواضح بين التحقيقين الجيولوجي من جهة والتاريخي من جهة ثانية فالتغيرات الجيولوجية والمناخية تحدث وفق سلم يقاس زمنيا بملايين السنين أي قبل تواجد الإنسان فوق الأرض. فكيف للرواية الشفوية أن تراقب هذا التحول بل بألإضافة إلى أن وادي أسكا، الذي يمر شمال منطقة وادي نون ويحدها مع منطقة أيت باعمران ،جاء نتيجة انفجار هذه البحيرة فانشق الوادي وهذا التفسير فيه تعارض واضح مع التفسير الجيولوجي وقد اتخذ المصطلح مدلولا أخر بحيث أورد دي لاشابيل أن منطقة وادي نون كانت مجالا خصبا بالكلأ للإبل في الصحراء إلى حد أن الأسطورة القديمة عرفت الإسم القديم لهذا المجال ب "وادي النوق" إلا أن استقرار الرحل أدى إلى انخفاض تربية الإبل مع ظهور الواحات وتطوير الزراعة،[19] وقد يحيلنا ذلك إلى طرح تساؤل اخر حول تاريخ تواجد الإبل بالمنطقة[20] ومع ذلك نتساءل عن علاقة المفهوم بحركة الرواج الكبير للإبل في المنطقة خصوصا إذا علمنا أن وادي نون بعاصمتها كلميم كانت تعتبر من اكبر الأسواق الخاصة بتجارة الإبل في الصحراء الكبرى.
وإذا رجعنا إلى بعض الكتابات الإيبيرية نجدها تتحدث عن ميناء نون[21] أو رأس نون cap noun[22]وهذا يعبر عن مدى التعامل المحدود للبرتغاليين والإسبانيين مع مجال وادي نون، بصفة عامة مقتصرين على السواحل ،وهذا يعكس ثقافتهم البحرية التي يتميزون بها في تعاملهم مع المجالات والمجتمعات التي يصلون إليها . وقد أعطت بعدا أخر للمفهوم ذو طابع إقتصادي وإجتماعي وثقافي متميز أدمجته فيما يطلق عليه ب "تراب البيظان" وتقولOdette Du Puigaudeau في هذا الباب: "يمتد مجال تراب البيظان حاليا على الأقاليم الممتدة من وادي نون وطرفاية وتافيلالت والساقية الحمراء ووادي الذهب والجمهورية الإسلامية الموريتانية وغرب صحراء مالي”[23] على أن الدراسات الأجنبية خلصت إلى أن وادي نون يمتد من الحدود الجنوبية الغربية للأطلس الصغير حتى شمال كتلة باني[24] أي بين واد أساكا وواد صياد وواد إفران والمنطقة عبارة عن سهل على مسيرة يوم طولا ونصف يوم عرضا(40 كلم على 22 كلم) ولم تخرج الدراسات المتأخرة عن هذه التعاريف حتى في مجال البحث الجغرافي حول المنطقة.
خلال تتبعنا لمصطلح وادي نون والتلوينات التي اتخذها عبر مجموعة من الفترات التاريخية، نخلص إلى أن المصطلح اتخذ أبعادا مختلفة في التفسير بعضها أسطوري ، والأخر انطلق من محددات طبيعية واجتماعية واقتصادية ،على أن هذه التفسيرات أغنت المصطلح وصبغته بدلالات عميقة.
وادي نون والصحراء
إن مشكل التحديد الجغرافي لمنطقة وادي نون يطرح بحدة في دراسة المنطقة ما بين المجال الضيق للمنطقة /الوادي ومجموع التراب الذي استعمله المستقرون بالمنطقة خلال ما يزيد عن ثلاثة قرون حيث يمتد من طرفاية جنوبا إلى تاغوينيت شرقا ومن إيفني شمالا إلى ألإكيدي بالجنوب الشرقي، ووادي نون بالرغم من دلالة الكلمة(وادي)"عبارة عن سهل على مسيرة يوم ونصف(40كلم على20)"[25] مليء بالغرين والطين،يضم العديد من الأودية المتفرعة كوادي صياد وأم لعشار لتشكل في النهاية وادي أساكا الذي يصب في البحر.هذا الوادي يحدده فانسون مونطي Vincent Monteil بالحوض الأسفل بغرب وادي صياد والممتد على طول 50 كلم من الشمال إلى الجنوب ،و30 كلم من الشرق إلى الغرب[26] بينما يقدر جواكيم كاتيل Joachim Gatell مساحته الإجمالية ب 144كلم مربع [27] وعموما تحد المنطقة ككل شمالا أخر هضاب الأطلس الصغير وسفوحه الجنوبية الغربية وجنوبا الساقية الحمراء بينما الحدود الشرقية فهي من وادي تمنارة إلى المحيط الأطلسي.
وقد تساءل ناعيمي عن إمكانية إدماج المنطقة في المجال شبه الصحراوي. رابطا ذلك بمعاينة المنتوجات الزراعية لتحديد طبيعة المجال.ولكون هذه المنتوجات تلعب أيضا دورا كبيرا في إندماج المجال في إطار متغيرات جهوية [28].وقد صنف الجغرافيون الوسيطيون ومنهم إبن حوقل والبكري والإدريسي المجال على أساس التنوع الإقتصادي وليس الجيومورفولوجي[29] فالأول يدخل نول في وصف الأطلس الصغير أي سوس الأقصى.أما البكري فيحدد مجال نول عند بداية الصحراء فاصلا بينه وبين سوس الأقصى[30].في حين جاء الإدريسي ليموضع نول في المجال الصحراوي في نفس الخط مع مدينتي:تزكاغت و أكرنو[31].أما إبن خلدون فيشير إلى وادي درعة تضيع مياهه في الصحراء بين سجلماسة وسوس ليصب في المحيط بين نون و وادان وتحيط بجنباته أشجار النخيل المثمرة الكثيرة لكن إشارة إبن خلدون هذه تبقى عامة وليست دقيقة.فمجال أيت الجمل في وادي نون خال من النخيل وإن وجد فبأعداد قليلة جدا في تسكنان و الكصابي. على عكس مجال أيت بلا حيث نجد أشجار النخيل الوافرة في كل من أسرير،تغمرت،أزريويلة، وفاصك ،وأسا . ..
وحسب طرح الأستاذ ناعيمي.من الملائم إعتبار حدود تواجد النخيل كحدود شمالية للصحراء[32].إن أهم ما يمكن أن نخرج به في تعامل الإسطغرافيا الوسيطية مع مصطلح ''وادي نون''.أنها كانت تتعامل معه من وجهة اجتماعية اقتصادية .ويعود ذلك .في اعتقادنا. لاعتبارين اثنين:أولهما أن الفتوحات الإسلامية وجدت مجالا جغرافيا تقطنه مجموعات بشرية صنهاجية وعلى وجه الخصوص لمطه .لهذا اقترن اسم المكان بالمجموعات القاطنة فيه .ثاني هذه الاعتبارات آن المنطقة كانت من المراكز الاقتصادية الهامة المتراصة بمحاذاة الأبواب الشمالية للصحراء الكبرى والمستقبلة لتجارة السودان الغربي.

- معطيات طبيعية:
أ- مناخ المنطقة:
المناخ السائد في المنطقة صحراوي ،حار وجاف صيفا وبارد شتاء،لكنه يبقى معرضا للمؤثرات البحرية و القارية ويتراوح معدل التساقطات السنوية مابين 100 و 400 مل سنويا. وتتميز الحرارة بالارتفاع حيث تصل إلى أزيد من45 درجة صيفا وبالرغم من التقلبات المناخية السريعة ،وهبوب الرياح "الشركية" فان منطقة وادي نون تمثل إحدى المناطق الأكثر خصوبة على الضفة الشمالية للصحراء بفضل التأثيرات البحرية الملازمة لإمتداد الشاطيء بمحاذاة المنطقة.
ب- التضاريس :تتميز تضاريس المنطقة بكونها ضعيفة التموج حيث يمكن التمييز بين وحدتين تضاريسيتين كبيرتين هما :
-الوحدة الجبلية:تتباين من حيث ارتفاعها ومن حيث تقطعها وأيضا تحدب القمم ، ويمكن التمييز فيها بين كتلة أيت باعمران، وأعراف باني،وتيرت.
-الوحدة الهضبية :وتتمثل في هضبتي لخصاص وتيسة وكير اللتان تقعان في الجهة الجنوبية لمنخفض كليميم.
أما بالنسبة للتربة فهي ضعيفة ولا تساعد على قيام نشاط فلاحي بالشكل المطلوب ويرجع ذلك إلى كونها إما تربة حصوية أو رملية وقليلا ما نجد بالقرب من المجاري المائية تربة غرينية تسمح بإقامة نشاط فلاحي محدود.
ج-الشبكة لهيدروغرافية:نظرا لقلة التساقطات المطرية، وعدم انتظامها والجفاف الغالب على مناخ المنطقة فقد كان لذلك انعكاسا سلبيا واضحا على الشبكة المائية، وتمثل ذلك بالأساس في أن اغلب وديان هذه المنطقة، وديان موسمية أكبرها وادي درعة ووادي صياد وواد بوكيلا ،هذان الأخيران اللذان يعدان رافدين لوادي أساكا الذي يصب حمولته في المحيط الأطلسي إضافة إلى أودية صغيرة كوادي أم لعشار وواد أسيف ازرو.وواد بوياسافن .إضافة إلى أن المنطقة تتوفر على فرشة مائية كبيرة تظهر على السطح على شكل عيون نذكر منها عين أبربور في أزريويلة،عين تغمرت ،عين تارمكيست ،عين اباينو ،عين الشويخات عين أيت ياسين....
د- الغطاء النباتي:يدفعنا الحديث عن الغطاء النباتي الى الحديث عن العوامل التي تؤثر في نموه و تشكله ،ففي منطقة وادي نون ونظرا لتنوع المؤثرات المحيطية والصحراوية فأنها ادت الى تكوين غطاء نباتي ، غير كثيف خاصة الدغموس والرمث وشجر الأركان ،إضافة إلى الدفلة والطلح والسدر والطرفة والزيات وتنتشر هذه النباتات في الأودية وعلى سفوح الهضاب.
خلاصة
وخلاصة القول يمكن أن نعتبر منطقة وادي نون من الناحية التاريخية والجغرافية ،منطقة ذات امتداد للزوابع الرملية،والنباتات الشوكية ،والوحيش المتكيف مع هذه الظروف الطبيعية .....فكيف تعايش الإنسان مع هذا المجال وماهي خصائصه الثقافية وعاداته وتقاليده ؟
------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------
[1] -Naimi Mustapha:nul lamta ou l eveil du sens etiologique ;contribution des approches pluridisciplinaires pour letude des nom geographiique:patrimoine et communication ;actes du premier colloque national sur les noms geographiques ;FEDALA-Mohammedia.1994.p51
[2] -ibid 52
[3] -Ibid 53
[4] -Ibid 54
[5] - Ibid 54
[6] - Ibid 54
[7] تقول الاية "فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم لولا ان تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم"الايتان '47-48 من سورة القلم الحزب السابع والخمسون
ابن منطور ,لسان العرب ,المجلد,11 دار صادر ,بيروت, بدون تاريخ مادة نول,ص 684 [8]
[9] جوماني احمد المدينة المغربية في العصر الوسيط بحث لنيل الأجازة في التاريخ القديم كلية الأداب والعلوم الأنسانية ابن زهر أكادير سنة
[10] الحموي ياقوت.معجم البلدان.مجلد 5.داربيروت 1987ص23
[11] الحميري الروض المعطار.تحقيق .احسان عباس.مؤسسة ناصر للثقافة.طبعة 2 بيروت1980 ص584
[12] الحموي .م.س.ص.213
[13] مجهول كتاب الاستبصار في عجائب الامصار.مطبعة جامعة الاسكندرية.1958.ص213
[14].تحقيق العريان سعيد والعلمي محمد. الطبعة 7 دار الكتاب.البيضاء.1983.ص ص9-10-508-512 المراكشي.المعجم في تلخيص أخبار المغرب
[15] Ibid p 356
[16] الوزان محمد الفاسي.وصف افريقبا ترجمة حجي محمد مالاخضر محمد دار الغرب الاسلامي الطبعة الثانية 1983 ج2 ص108
[17] نفس المرجع احالة رقم 81
[18] Joachim Gatell : « L'oued –Noun et Le Tekna,à la cote occidentale du Maroc »اورده خنفار ابراهيم في بحث التخرج من مدرسة فهد للترجمة-جامعة عبد الملك السعدي –طنجة 1997-1998
[19] De la chapelle.ESquise d une histoire du sahara occidental etudes notes et document sur le sahara occidetal VII eme congres de L institut des hautes Etudes Marocaines RABAT PARIS librairie Laros 1930 p42
[20] للمزيد من المعلومات حول هذه النقطة يرجى الاطلاع على النوحي محمد لحبيب حول دخول الجمل اللى المغرب واستعماله في العصر الوسيط اعمال الحلقة الدراسية الدولية حول الانسان والابل في افريقيا 24-29ماي 1990 جامعة إبن زهر منشورات كلية الاداب و العلوم الانسانية
اكادير 1994 ص ص 19 30
[21] Monteil V Reflexion sur l origine du chameau Africain Centre IFAN 1952
Meunie D Jacque Le Maroc saharien T 2 p881
[22] Bilaire Michaux Santa Cruz de mar Pequinea Revue du monde musulmane 5eme annee N 9 Tome XIII Paris septembre 1911 pp212-213
[23] Du Pgaudeau Odette artes et Coutumes des maures Hesperis Tamuda Vol VIII Fascicule unique 1967 p136
وحول تراب البيظان انظر ناعيمي مصطفى مادة تراب البيظان المعلمة ج 6 1951
[24] :Munie D J le maroc saharien p 140
[25] Frèderic de la chapelle : « Les tekna de sud marocain » Etude géographique et sociologique ,bulletin
[26] عبد العزيز بن عبد الله :الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية ، معلمة المدن،والقبائل ملحقةII مطبوعات وزارة لأوقاف والشوؤن الاسلامية الرباط 1977ص 147
[27] Joachim Gatell :L ouad et letekna à la coté occidental du maroc-Bulletin de société de géographie _Paris 3 octobre 1889.p157
[28] Naimi Mustapha .Nul lamta..tableaus .edifiants.hesperis.tamuda.Vol XXXIII 1995.p91
[29] Ibidem.p.91
[30] ناعيمي مصطفى ص 91
[31] 91 ناعيمي مصطفى ص


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.