شرع فريق من الباحثين المغاربة والاسبان في علوم الآثار والتراث مؤخرا، في إنجاز أبحاث وتحريات أثرية بإقليم كلميم تندرج في سياق استكمال العمل الميداني الذي انطلق بحوض وادي نون من منبعه إلى مصبه منذ 1995. وتهم هذه الأبحاث التي ستتواصل الى غاية 21 مارس الجاري موقعي تاكاوست لقصابي (حوالي 12 كلم جنوب غرب مدينة كلميم) واغرم ايكيزولن الواقع بين بين فاصك وتيمولاي (شمال شرق كلميم). وأوضح يوسف بوكبوط، أستاذ باحث في علوم الآثار والتراث، الذي يترأس البعثة المغربية الاسبانية أن منطقة لقصابي التي سيشملها البحث تضم حسب الرواية الشفوية وكتابات المؤرخين والجغرافيين العرب مدينة كبيرة تسمى «تكاوست» مشيرا الى أن هذه المدينة التي يعود تاريخها الى العصور الوسطى كانت مركزا للقوافل التجارية العابرة للصحراء. وأبرز في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء أن الفريق الأثري سيعمل على سبر أغوار هذه المدينة وسيحدد على الاقل مركزها أي قلبها النابض وذلك لحمايته والحفاظ عليه من الضياع جراء التوسع العمراني والمنجزات التنموية التي تشهدها المنطقة. وأكد أن هذه العملية التي سيتم خلالها الوقوف على المواد الأثرية وتحديد طبيعتها ونطاقها الجغرافي تندرج في اطار «الاركيولوجيا الاستباقية» بهدف المحافظة على التراث الأركيولوجي وتثمينه. وأضاف بوكبوط أن الفريق المغربي الاسباني سيقوم في إطار مهمته الحالية بدراسة موقع «إغرم ايكيزولن» لمعرفة أهميته الأركيولوجية وتحديد تاريخه بشكل دقيق خصوصا أن الرواية الشفوية تؤكد بأنه يعود لفترة ما قبل الإسلام. وذكر الباحث المغربي بالابحاث الاركيولوجية التي جرت خلال السنة الماضية والتي همت موقعين هما «نول لمطة» باسرير (نحو 12 كلم شرق كلميم) وفم واد أساكا الذي كان منفذا بحريا للمبادلات التجارية الخاصة بمدينتي «نول لمطة «و»تكاوست». وأبرز في هذا السياق ان البحث المغناطيسي على المواد الاثرية المدفونة تحت الارض، والذي تم القيام به بالاستعانة بخبراء ومهندسين في هذا المجال اسفر عن وجود شوارع وبنيات اركيولوجية مغمورة تحت الارض في منطقة اسرسر. وأضاف أن المنفذ البحري، الذي حدد الفريق الاثري موقعه من الناحية الاركيولوجية، كشف في مستوى أعمق منه على معمل لإنتاج صباغة من نوع خاص كان يستعملها آنذاك الملوك وهي رمز للنفوذ والجاه. وكان المسح الاثري الذي غطى حوض وادي نون منذ 1995 على طول 150 كلم قد مكن من اكتشاف ازيد من 260 موقعا ذا اهمية اركيولوجية واثنوغرافية يمتد تاريخها ما بين فترة ما قبل التاريخ والعهد الاسلامي. وللاشارة فإن الأبحاث الأثرية المغربية الاسبانية التي تهم حاليا منطقة لقصابي تتم بشراكة وتنسيق مع جمعية «تكاوست» للتنمية.