لقد تحدى القرآن الكريم الإنس والجن على سواء، وقد أقر العرب بعجزهم بأن القرآن فوق طاقة البشر وكان أبلغ ما قالوه لو نشأ لقلنا مثل هذا، ولكنهم كفوا ألسنتهم فلم يقولوا شيئا فقد كانوا عبدة البيان قبل عبدة الأوثان، وقد سمعنا بمن استخف منهم بأوثانهم، ولم نسمع قط بأحد منهم استخف ببيانهم. أما رسالة الإسلام من أول وحي نزل بها فهي ولله الحمد رسالة العلم والعلماء والمعرفة والبيان. وأول وحي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول سورة "اقرأ" إلى قوله تعالى: "عَلَّمَ الاِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق، 5] فنوه ذلك بفضل العلم والعلماء، ووضح أن الرسالة الخاتمة جاءت لتخرج الناس من ظلمات الجهل والتخلف إلى نور العلم، والتقدم في منهاج واضح خاتم العطاء الفياض لقرءان الكريم، والذي يشمل كل مكان، ويمتد عبر كل زمان قد أنهي إليه كل تشريع، وأودعه كل نهضة وناط به كل سعادة إذ القرآن دستور الخالق لإصلاح الخلق؛ فالمؤمن يحرص على أن تكون حياته على هدي من القرآن العظيم قولا وعملا، وأن يكون موصولا بعصره يقدم للحياة هديا قرءانيا يعالج مشكلاتها الواقعية ويهدي خطاها في الحياة ويرقي بها إلى أوج الكمال قال تعالى: "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" [الاِسراء، 9]. فهو دستور الحياة المثالية للفرد والأمة معا، ودائرة التنزيل قد وسعت العالم بأسره وما ضاقت عن شيء منه؛ إن القرآن الكريم هو الدائرة التي تسع منها أضواء الهدي العقائدي، والهدي التشريعي، والهدي الأخلاقي، وهو دائرة النور والهداية التي تكلفت بإصلاح الأمة جملة وتفصيلا. وقد تناول العلماء نشأة تفسير القران الكريم وتاريخه، ومعنى التفسير في اللغة والاصطلاح، والتفسير في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين رضي الله عنهم، ومعنى التفسير الموضوعي وأنواعه والإسلام يقيم نظامه على أساس من حساسية الضمير المرقب لله سبحانه وتعالى في السر والعلن وعلى أساس آخر هو التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وصدق الله العظيم إذ يقو جلت قدرته: "وَابْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الاَخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" [الاِسراء، 77]… يتبع في العدد المقبل..