يدشن موقع نفيس.كوم مع موقع المسائية العربية نشر حوارات بشكل مشترك مع عدد من الشخصيات النقابية والسياسية والمدنية حول أزمة الجامعة المغربية على المستوى التنظيمي غايتها التعرف على طبيعة الوضع الراهن واستشراف المستقبل بما يخرج الجامعة من أزمتها ويفتح آفاقا واسعة لأداء وظيفتها التربوية والتكوينية على مختلف المستويات. ويرحب الموقعان الإلكترونيان معا بأي مساهمة في الحوار على أساس الإجابة على الأسئلة الرئيسية المطروحة. عمر الزيدي مزداد بمدينة سلا سنة 1949، والتحق بحركة اليسار الجديد منذ نشأتها سنة 1970.وهو من مؤسسي منظمة "لنخدم الشعب" سنة 1972. - عرف سجون البيضاء، مكناس والرباط في الإعتقالات التي تعرض لها سنوات 1974-1977-1984. - عضو في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ تأسيسها، وساهم في إحيائها منذ 1986، وتحمل مسؤولية الكاتب العام للجمعية ثم نائب الرئيس ما بين 1989 إلى 2002. - ساهم بشكل فاعل ومحوري في تجميع اليسار الجديد منذ صيف 1990، وساهم في تأسيس الحركة من أجل الديمقراطية في يونيو 1996، وحزب اليسار الإشتراكي الموحد في يوليوز 2002. - منذ 2005 انخرط في النضال الإيكولوجي مدنيا وسياسيا. - رئيس جمعية عمل المواطنة والإيكولوجيا - اللجنة الوطنية لمتابعة قضية اغتيال الشهيد أيت الجيد محمد بنعيسى الحقيقة، الإنصاف والمصالحة في الجامعة، ومناظرة وطنية لإحياء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب السؤال الأول : ما هو تشخيصكم للأوضاع الجامعية على المستوى التنظيمي؟ لابد في البداية من التوضيح بأن مرحلة الجامعة تشكل محطة هامة في تجربة الطلبة والطالبات، بما هي مجال للتفتح ومراكمة المعرفة وبناء الخيارات الفكرية والسياسية بما يعود بالنفع على المجتمع. ومنذ بدايات الجامعة المغربية كان "الإتحاد الوطني لطلبة المغرب" يشكل الحاضنة لفعل الطلبة والطالبات. وانطلاقا من هذه الأهمية الإستراتيجية كانت القوى السياسية وخاصة التقدمية تعمل على الهيمنة على التنظيم الطلابي، وهو ما كانت تعبر عنه الصراعات إبان المؤتمرات وخلال السنوات الدراسية. وكلما برزت قوى سياسية جديدة في الساحة السياسية إلا وحاولت الهيمنة على أجهزة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، هذا ما عرفته الساحة الطلابية عند بروز اليسار الماركسي من خلال الصراع بين الإتحاد و"جبهة الطلبة التقدميين". فجاء الحظر في 24 يناير 1973 متبوعا بحملة اعتقالات واسعة وسط طلبة الجبهة الذين استفردوا بقيادة الإتحاد في المؤتمر 15. وحين استرجع الإتحاد مشروعيته مع المؤتمر 16 بضمانات اتحادية، كان اليسار يشكل قوة كبيرة داخل الجامعة في إطار الطلبة القاعديين التقدميين كمكون شكل امتدادا لأفكار وخيارات اليسار، وهي القوة التي برزت في المؤتمر 17 مما أربك حسابات باقي مكونات الساحة الطلابية. وبعد انسحاب الطلبة الإتحاديين بعد عدم التوصل إلى توافق خلال المدة الطويلة التي استغرقها المؤتمر (18 يوم) تدخلت السلطات لإيقاف المؤتمر، فاضطر الطلبة إلى تكليف لجنة مما تبقى من اللجنة التنفيذية السابقة لتدبير شؤون المنظمة في انتظار استئناف المؤتمر. فتدخلت آلة السلطة من جديد وحصدت العديد من المناضلين والمناضلات من صفوف القاعديين، وهي العملية التي تكررت في يناير 1984. استمر الطلبة رغم ذلك في تنظيماتهم المحلية على مستوى التعاضديات ولجان الأقسام. فأمام هذا الوضع الذي كان يتميز بالحضر العملي، أصبح التيار الذي يستقوي في الساحة الطلابية يفرض برنامجه وخططه، وأمام عدم قدرة السلطات القضاء على حركية الطلبة في كل المواقع رغم الإعتقالات المستمرة كل سنة ستلجأ السلطة إلى نوع من التدبير المفوض في العلاقة الواضحة والمتواطئة مع التيارات المتأسلمة التي كانت تبحث عن الإستقواء داخل الجامعة كخطوة أساسية بالنسبة لها للهيمنة على المجتمع. وهنا يحضرني حدثين بارزين جاءا في الوقت الذي استطاع القاعديون بكل مكوناتهم الوصول إلى نقاش فصائلي يحضر لمؤتمر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، الأول سنة 1991 حيث تجندت التيارات "المتأسلمة" في هجوم كاسح على الجامعة في فاس مستعينين بمائات الأشخاص من خارج الجامعة (مهنيين وغيرهم ومن مدن مختلفة) راح ضحيتها جرير نورالدين الذي استهدفوه بالقتل والذي استكمل شفاءه ورفاقه بالسجن حيث حوكموا بعشر سنوات سجنا. وبذلك أدخل المتأسلمون العنف بالسيوف والسواطير إلى الجامعة. المناسبة الثانية في سنة 1993 حين نظم هجوم ثاني على الطلبة في جامعة فاس، وجاء ذلك حين استطاع الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى خلق شروط تنسيق فصائلي لتهيئ مؤتمر الإتحاد، وحين لم يعثروا عليه في الجامعة لأنه كان من الذين يرفضون العنف ويدينونه، اعترضوا سبيله وهو في سيارة أجرة صحبة رفيقه الخمار وأنزلوه بالقوة من الطاكسي في حي بعيد عن الجامعة وقتلوه بدم بارد بضغضغة رأسه "بطوار"، كانوا حوالي 30 شخص. هيمن بعد ذلك المتأسلمون على العديد من التعاضديات، وبقي القاعديون والقوى الديمقراطية الأخرى يشكلون خط الممانعة، فتدهورت الأوضاع التنظيمية من جيل إلى آخر، وأصبحت تشكيلات هوياتية تبرز في هذه الجامعة أو تلك، حركات أمازيغية، صحراويون، وبعض الأحيان يأخذون تسمية المناطق التي ينحدرون منها لتوفير شيء من الإحتماء، فأصبحت ضرورة التنظيم الوطني المتمثل في "أوطم" ضرورة تاريخية حتى لا تستفحل الأوضاع img src="" src="http://almassaia.com/ar/modules/myfiles/files/6_1401351274.jpg" border="0" alt="http://almassaia.com/ar/modules/myfiles/files/6_1401351274.jpg"" / ماذا يعني العنف في الجامعة وما علاقته بغياب التنظيم النقابي؟ العنف مبدئيا مدان في كل الأحوال وكيفما كان مصدره، ومن خلال الصيرورة المختصرة التي أشرت لها سابقا يتضح أن العنف مارسته السلطة أولا، ومارسته التيارات السياسية-الدينية بهدف الترويع والتخويف وفرض خياراتها على القطاع الطلابي ومن ثمة على المجتمع، وبالتأكيد أن غياب التنظيم النقابي ومحاولات فرض وجهات النظر على الطلبة دفع إلى ممارسة العنف بشكل مرفوض في فضاء يشكل مجالا للحوار والجدل الفكري والثقافي والسياسي. والديمقراطية تفترض من ضمن ما تفترضه تعدد الآراء وتعايشها وصيانة حق الجميع في التعبير عن آراءه. فما وقع في جامعة فاس مؤخرا ناتج عن استفزاز متعمد من طرف التيار المتأسلم بمحاولة تنظيم ندوة يحضرها أحد المتهمين في تصفية الشهيد آيت الجيد، فما كان من طرف الإتجاه القاعدي إلا التصدي خاصة وأن التيار المتأسلم قام بإنزال كما هي عادته، بحيث غصت الساحة الطلابية بعشرات الغرباء عن الجامعة جيء بهم من مواقع مختلفة، ولعل الشاب المأسوف على حياته وذويه الطالب الحسناوي الذي ينتمي إلى جامعة مكناس لأحسن دليل على ذلك، ونتساءل كيف تمت الإعتقالات في طرف دون الآخر. وبالمناسبة لم يسمع أحد بالمعلومة التي قالها الأخ حسن السوسي كون جلالة الملك نعت الطالب الحسناوي بالشهيد، لأنه موقف سياسي لا نخال الملك سيتورط فيه، فالملك طالب بإنهاء حالة العنف في الجامعة، وهو مطلب كل المغارب هل يمكن إحياء الاتحاد الوطني بمختلف هياكله للجواب على الوضعية الحالية ام هناك مستجدات ينبغي أخذها بعين الاعتبار؟ لا شك بأن حيوية وأهمية إحياء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب أصبحت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى، وهذا سيتطلب التفكير في هيكلة جديدة تأخذ بعين الإعتبار الإنتشار الواسع للجامعات والعدد الهائل للطلبة والطالبات الذي يقدر بعشرات الألوف (ما يفوق 350 ألف)، وهذا يتطلب عدة شروط: أولا: توقيف المخطط الحالي الذي يستهدف الطرف التقدمي في الجامعة والذي يستهدف من وراءه المتأسلمون اكتساح الجامعة بمخططاتهم مستعينين بالعسكرة التي بشرت بها المذكرة الثنائية والترويج لكون القاعديين إرهابيين، لخنق أنفاس كل صوت ممانع في الجامعة. ثانيا: التفكير في عدالة انتقالية في الجامعة تستوحي تجربة الانصاف والمصالحة لإبراز الحقيقة وإنصاف المعتدى عليهم والضحايا وعلى رأسهم الشهيد آيت الجيد بنعيسى، وتقديم كل الجناة إلى محاكمة عادلة. ثالثا: إرساء نقاش عام بين الطلبة يتأسس على مصالح الطلبة المباشرة في الدراسة والنقل والإقامة والمنحة والتغذية، يفضي إلى التداول على هياكل توفر شروط الديمقراطية التشاركية حتى يكون أوطم معبرا فعليا عن مصالح الطلبة وطموحاتهم. رابعا: هذا العمل يتطلب نقاش عام يشارك فيه كل الطلبة تتلوه مناظرة وطنية حول الجامعة تعبد الطريق لمؤتمر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب كمنظمة ديمقراطية جماهيرية مستقلة وتقدمية.