ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة العنف في المغرب و الاغتيال السياسي
نشر في شبكة دليل الريف يوم 10 - 05 - 2014

تكاثر الحديث اليوم و يسيل الكثير من المداد حول العنف و أسبابه و من يقف وراءه. أحاول أن أتابع من بعيد الموضوع جسديا و عن قرب جدا روحيا و عاطفيا و عقليا، لأنني عشت مرحلة هامة من حياتي كشاهد عيان حول دخول العنف المنظم إلى الجامعة و حول كيف تم تخريبها و تآمر الجميع عليها و على الفكر التقدمي و الديمقراطي الحداثي فيها. كيف تم القضاء على الفلسفة و الفكر النقدي من طرف النظام و تعويضه بالدراسات الإسلامية و الفكر ألظلامي؟ و كيف دعم النظام سرا و علانية القوي المتاسلمة لاقتلاع شوكة القاعديين بالسيوف من الجامعة بعد أن عجز النظام القضاء عليهم بسجونه و قمعة و توقيفه لعشرات المناضلين و المناضلات.
من المؤكد أن للعنف في المغرب أسسه و أسبابه وجذوره، و هناك من صنعه و رعاه بل لازال يصنعه في غرف مغلقة، بالرغم إن بعض تمظهراته نراها في الجامعة أو غير الجامعة و يؤدي ثمنها الباهظ طلبة أبرياء متحمسين و عاشقين للعلم و الحرية.
سأحاول من خلال هذا المقال المتواضع أن أتناول كيف صنعت ثقافة العنف في المغرب من طرف أولائك الذين يريدون إحراق الشعب كله من اجل استمرار يتهم هم. و كيف مورس العنف ضد الخصوم السياسيين منذ المسمى «استقلال المغرب" إلى اليوم. و كيف تم اغتيال عشرات من اشرف و أنظف و أنبل وأقدس الأشخاص في المغرب الذين سقطوا شهداء دفاعا عن مغرب الحرية و الديمقراطية و الكرامة.

العنف ثقافة استعمارية
قد يرجع تاريخ العنف في المغرب إلى ما قبل الفترة الاستعمارية، لكن هذا المقال لا يتسع للوقوف عن ظروف تشكل المجتمع المغربي أو إلى تأسيس الدولة المغربية، لذا نود فقط الوقف عند العنف في مغرب الحماية و بعده.

لا يتناطح كبشان و لا يختلف اثنان بان الاستعمارين الفرنسي و الاسباني فرضا هيمنتهما على المغرب بقوة السلاح بما فيه الأسلحة الكيماوية التي استعملت في الريف. و بعد تصاعد المقاومة و تأسيس جيش التحرير، وافقت فرنسا الاستعمارية بشروط على استقلال المغرب في إطار اتفاقية اكس ليبان و ابرز هذه الشروط هو تصفية جيش التحرير شمالا و جنوبا لضمان استمرار مصالحها و هذا ما وافق عليه للأسف الحكام الجدد بالمغرب.

العنف في المغرب المستقل
يرجع أسباب التصفيات الجسدية إلى غياب دولة الحق و القانون في المغرب منذ "الاستقلال" إلى اليوم. فكل الاغتيالات السياسية و التصفيات الجسدية للمعارضين تمت خارج القانون و صمتت عليها العدالة بأوامر عليا، حتى أصبحت الحركة الوطنية متهمة اليوم بتصفية جيش التحرير. و حزب الاستقلال صفي المخالفين معه في الرأي (دار بريشة بتطوان مثلا)، تمهيدا له لتأسيس الحزب الوحيد بالمغرب.
- سنة 1956، المهدي بن بركة احد القادة التاريخين للحركة الوطنية و اليسار متهم علانية بالتورط في اغتيال الشهيد عباس المسعدي.

- سنتي 58/59 ، الحسن الثاني و اوفقير قصفا الريف بكل أنواع الأسلحة ردا على مطالب مشروعة و بسيطة لسكان المنطقة الشمالية من المغرب إبان انتفاضة بالريف.
- مارس 1965، الحسن الثاني يعطي أوامره لإعدام المتظاهرين الرصاص بالدار البيضاء.
- 29 أكتوبر 1965، الحسن الثاني و اوفقير قتلا أو متهمان على الأقل بتصفية المهدي لابن بركة.
- سنة 1971، الجيش بقيادة اعبابو و المدبوح يقودان انقلابا داميا و فاشلا ضد حكم الحسن الثاني و هذا الأخير زج بعشرات الضباط بدون محاكم في المعتقل الرهيب بتازمامارت و لسنين طويلة
- سنة 1972، اوفقير يقود انقلابا على الحسن الثاني، و الحسن الثاني يقتل افقير خارج أي محاكمة .
- سنة 1975 تصفية عمر بن جلول و التهم دائما موجهة للنظام و أدواته المتاسلمين
- الجنرال دليمي يصفى من طرف الحسن الثاني خارج أي محاكمة عادلة له.
سنة 1981، الحسن الثاني يأمر بقتل المتظاهرين بالبيضاء.
- يناير 1984، الحسن الثاني يأمر بقتل المتظاهرين في الشمال و مراكش و أكد ذلك في خطاب رسمي
- يناير 1988 قتل الطالبين زبيدة خليفة و الاجراوي محمد عادل
- سنة 1991، قتل متظاهرين بفاس بدم بارد
في عهد محمد السادس
- توفي عشرات من المواطنين و المواطنات في ظروف غامضة كشهداء الخمسة الذين احرقوا في البنك الشعبي بالحسيمة (الدولة ترفض إجراء أي تحقيق).
- اغتيال كمال العماري بأسفي و كمال الحساني ببني بوعياش / الحسيمة و فدوى العروي بالقنيطرة... (و الدولة ترفض إجراء أي تحيق جدي و مستقل حول اغتيالهم و القتلة لازالوا أحرار) .
- العودة إلى المحاكمات الصورية و الاعتقالات العشوائية و صلت 12 سنة سجنا نافذة في بني بوعياش الحسيمة.
- استمرار الإفلات من العقاب فرجال الشرطة لا يحاسبون و لا يعاقبون عندما يمارسون كل أشكال التعذيب و العنف ضد المواطنين و المواطنات.
- استمرار الفساد و الاستبداد و عدم استقلال القضاء و هذا ما يوفر أرضية خصبة لاستمرار عنف الدولة و المجتمع.

عنف السياسات المتبعة
تتسم السياسات المتبعة منذ الاستقلال إلى اليوم على النهب و إقصاء و تهميش مناطق بكاملها و كانت نتائجها كارثيا على المستوى الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية، فلا صحة لعلاج المرضى و لا تعليم في المستوى، و لا شغل لجيوش من المعطلين المتعلمين منهم و الغير المتعلمين و لا سكن لائق للأغلبية المطلقة من المغاربة.
العنف و المدرسة
أن تمعنا في البرامج التعليمية المغربية فنجدها مليئة بالتحريض على العنف و العنصرية و التمييز ضد المرأة و زراعة الكراهية ضد مخالفي الدين الإسلامي من يهود و نصارى و اللائكيين و إن كانوا مغاربة أبا عن جد و أم عن جدة.
نصوص و آيات قرآنية المحكمات منها و المتشابهات تدرس جاهزة بدون رعاية سن الأطفال و لا حتى بذل حتى أي جهد لشرح أسباب نزولها.
العنف في الجامعة
إن العنف في الجامعة ما هو إلا انعكاس لعنف الدولة و المجتمع. و في اعتقادنا فالعنف ناتج عن التربية أولا و عن عدم قدرة تدبير الاختلاف في إطار نقابي متوافق عليه. و ترجع مرجيات العنف إلى محاولة تحييد الجامعة عن دورها التربوي و التكويني و غياب الحوار و تقبل الآخر و محاولة فرض الرأي بالقوة و عدم القدرة على الإقناع و الاقتناع.

هناك نوعان من العنف في الجامعة: عنف لفضي و رمزي و عنف جسدي. و يكون العنف أللفضي عندما يرفض وجود الآخر بالرغم من الاختلاف معه. فالأغلبية المطلقة من الطلبة المغاربة تشبثوا بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب كممثل شرعي و وحيد حسب تعبير الطلبة الاوطميين.
تأسيس الاتحاد العام لطلبة المغرب
ترجع أولى لحظات العنف اللفظي بين الطلبة إلى سنوات الستينات عندما أسس حزب الاستقلال نقابته الخاصة الاتحاد العام لطلبة المغرب سنة 1964، اد رفض مناضلو و مناضلات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بشكل مطلق لتواجد نقابة رجعية تنافسهم و تشوش عليهم و على عملهم و خاصة بعد أن أصبحت اوطم منظمة مستقلة عن الدولة .
شروط الفصائل "الإصلاحية" شكل من أشكال العنف
إن اخطر عنف مارسته الفصائل التابعة للأحزاب المسماة "إصلاحية" هي فرضها لشروط مسبقة و عدم تقبلها لنتائج الانتخابات الطلابية الديمقراطية و ألأغلبية التي تفرزها صناديق الاقتراع.
فالأحزاب الإصلاحية انسحبت من المؤتمر الخامس عشر بعد أن تأكدت أن الطلبة الجبهوين فازوا بالأغلبية الساحقة بمندوبي المؤتمر 15، نفس السيناريو يتكرر إبان المؤتمر 17 عندما جاء القيادي محمد اليازغي بنفسه للمؤتمر لإعلان كلمته الشهيرة " أن ارض الله واسعة" و دعا إلى انسحاب الاتحاديين من المؤتمر بعد أن عجزوا فرض رأيهم أمام تحالف القاعدين و رفاق الشهداء آنذاك.
الحوار الوطني ألفصائلي التي دعا إليه القاعديون التقدميون سنتي 1993/1994 و 1994/1995 و الذي وصل الى مستويات متقدمة بعد 5 من جولات من الحوار التي احتضنته كل من فاس و الرباط، و فشل عندما عاد الاتحاديون إلى شرطي " الصحراء" و "الكراس" (و لنا عودة إلى الموضوع).
عنف القاعديين
القاعديون ليسو بالملائكة كما يمكن أن يصوره لنا البعض. فكل من يمارس يخطا و من يستفيد من خطاه فكأنه يتعلم درسا من التاريخ، و إن تكررت نفس ألاخطاء يصبح الخطأ إيديولوجية.
إن وقوفنا عند اخطاء القاعديين ليست للإساءة إليهم بل لحث الجيل الحالي للاستفادة من أخطاء أسلافهم.
فمنذ الطلبة اللجانيون و المجالسيون و أرضية "اللقاءات الستة" للقاعديين، و هم تخترقهم اجتهادات و تيارات و أفكار. و هذا شيء طبيعي لكل من يمارس و يتطور و يتفاعل مع حركية المجتمع.
ففي بداية الثمانينات برزت مجموعة بنيس بالرباط مثلا، و تلتها المبادرة الجماهيرية و كان ابرز متزعميها المرحوم الرفيق حكوم بفاس. و هذه الاجتهادات كانت مهمة و أغنت نظريا النقاش بين القاعدين و تراثهم الفكري و النظري.

وجهة نظر الكراس
تختلف مع سابقاتها كونها وجهة نظر لمناضلين أرادوا إحياء منظمة إلى الأمام و هذا حقهم المطلق. لكن المشكلة كانت في طريقة محاولتهم إلحاق القاعديين كلهم بهذه المنظمة مما أثار غضب الأغلبية المطلقة للقاعديين (الذين كانوا واعون بتعدد روافد اليسار الجديد في المغرب) ، وجعلهم يرفضون وجهة نظر هذه التي لم يشرك القاعديين في صياغتها و لا في الأفكار الجديدة الواردة فيها مما جعلهم يدافعون على استقلاليتهم عن كل التنظيمات السياسية .

رد عليهم القاعديون آنذاك ببرنامج مرحلي (البرنامج المرحلي بنقاطه الثلاثة، و ليس الأبدي كما يعتقد البعض أو يمارسه). و ه وبرنامج عملي يدعو للصمود أمام الآلة القمعية و خاصة بعد أن أصبح القاعديون عاريون أمام القمع نضرا لتنصل الجميع من مسؤوليتهم.
و منذ ذلك التاريخ ضل الكراس موجودون و كانوا يجدون دائما صيغ للتفاهم و التواصل مع القاعديين إلى أن انفجرت صدامات وجدة.
صراع وجدة
إن أي قراءة موضوعية لتاريخ القاعديين لا ينكر أن القاعديين أساءوا لنفسهم مرة واحدة على الأقل عندما دخلوا في صدامات حول من يمتلك "الشرعية للتحدث باسم القاعديين" بوجدة. و خاصة عندما تداخل فيها الشخصي بالسياسي.
هذا الصراع كاد أن ينتقل إلى فاس و تطوان لولا نضج و حكمة المسئولين القاعديين فتلك المواقع من بينهم الرفيق سعيد عبو مسئول الطلبة القاعديين بفاس... (لنا عودة إلى الموضوع).
القاعديون التقدميون
ما يحسب للقاعديين التقدميين هو تمكنهم من تطوير فكر القاعديين (الكلمة الممانعة و الورقة التنظيمية و البيانات التوجيهية الوطنية منها و المحلية....). و تمكنهم من بناء تنظيم وطني قوي و متماسك يشارك فيه ممثلين عن الإطارات السرية للقاعديين التقدميين في كل المواقع الجامعية باستثناء الدار البيضاء و المحمدية.
هؤلاء تمكنوا لأول مرة منذ فشل أو إفشال المؤتمر السابع عشر لاوطم من تنظيم حوار وطني على أعلى مستوى بين الفصائل التاريخية لاوطم لكن للأسف أن هذا الحوار توقف في جولته الخامسة بعد عودة الاتحادين إلى شرطي الصحراء و "الكراس" مباشرة بعد أن عرض الحسن الثاني على الاتحاديين دخول الحكومة و منصب الوزارة الأولى....و إذا به لم نربح لا الصحراء و لا الديمقراطية و لا اوطم.
عنف النظام
عنف النظام عنوانه "الإصلاح الجامعي" و انصياعه التام لقرارات الصندوق الدولي و يبتدئ بالحظر العملي على اوطم و الاعتقالات اللامتناهية في حق مناضلي و مناضلات اوطم و قتل العديد من الطلبة بدم بارد (زبيدة خليفة، الاجراوي عادل.....الخ)، مرورا عبر حصار الجامعة وعسكرتها و انتهاءا بتخريب الجامعة و القضاء على أمال اجيال من الطلبة في الحرية و التنظيم و التعليم...
عنف الاسلاميين

منذ الانتفاضة الطلابية ل20 يناير بفاس سنة 1988، التي راح ضحية القمع الهمجي الشهيدين عادل الاجراوي و زبيدة خليفة، تمكنت من خلالها الجامعات المغربية فك الحصار و لو نسبيا (المضروب عليها منذ فرض الحضر العملي على اوطم و الذي ازداد شدة و قمعا بعد انتفاضة 1984). فبعد فك الحصار النسبي هذا بدأت الحركة الطلابية تسترجع هيبتها بعدما تم تحقيق تسجيل كل المطرودين بفاس و وجدة و تطوان...، و تجميد الاواكس و اتفاق كل الفصائل الاوطمية التقدمية آنذاك على تنظيم اوطم في إطار لجان اوطمية انتقالية ابتداء من فاس و وجدة مرورا بتطوان و القنيطرة و صولا إلى كل المواقع الجامعية باستثناء جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء التي كانت ضيعة للرجاويين و الوداديين و العدليين.
لم أتوقف عند مقاطعة 1989 الشبه الوطنية، و لا إلى حجم الاعتقالات، لكن ما يهمني في هذا المقال هو كيف تمكن الاسلاميون وضع قدمهم في الجامعات المغربية بمساعدة و دعم مطلقة من طرف النظام و قواته القمعية.
النجاح الباهر لمقاطعة الامتحانات في فاس، وجدة، تطوان، القنيطرة، مكناس) جعل النظام يجن مما دفعه يشن حملة عشواء على مناضلي اوطم و يقطع الطرقات و يعتقل عشرات المناضلين و على رأسهم مسئول الطلبة القاعديين بفاس آنذاك الرفيق سعيد عبو.
في تطوان مثلا فشل النظام اعتقال مسئولي اوطم ، لكنه نجح في طرد و توقيف 51 مناضلة و مناضلا اوطميا اختيروا بعناية في كليتي الآداب و العلوم طيلة سنة 1989/1990. و أعطيت أوامر صارمة للاواكس و الشرطة أن لا يلج أحدا منا أسوار كليتي الآداب و العلوم معا. فكلما كنا نهزم الاواكس يتدخل السيمي بقوة لاعتقالنا و مطاردتنا في الشوارع. ففي الوقت التي كنا نمنع فيه دخول الجامعة و تهاجم حلقيات متعاطفينا، أطلق النظام العنان للإسلاميين (الإصلاح و التجديد و العدل و الإحسان) للتعبئة و تنظيم أنشطتهم بكل حرية و خاصة في كلية العلوم.

الهجوم على جامعتي تطوان و القنيطرة
دشن الإسلاميون "العدل و الإحسان" و "الإصلاح و التجديد" فتوحاتهم في كل من جامعتي تطوان و القنيطرة سنة 1990/1991، باعتمادهم على أشخاص لا علاقة لهم بالجامعة.
ففي تطوان مثلا فعبد سنة من التوقيف لم تكن عودتنا للساحة مفروشة بالورود فالعدو أضحى عدوين. ما قبل 1989 كنا نواجه خصما واضحا يتمثل في النظام بثوابته اللا وطنية اللاديموقرية و اللا شعبية، لكن هذه المرة وجدنا أنفسنا أمام خصم لا يقل شراسة و عنفا من النظام. خصم بدل خطابه و بدا ينازعنا في شرعية اوطم، بعدما أن كان يعتبر اوطم بمجرد "اتحادا وثنيا لخربة المغرب" قبل هذا التاريخ و يرفض التعامل مع النقابات و الأحزاب باعتبارها بدعة غربية.و للإشارة هنا بان الحركات الاسلاموية العالمية و بدعم سعودي امريكي عقدت لقاءا في هولندا صيف 1988، أوصى بضرورة العمل داخل النقابات و الجمعيات من اجل ضرب مواقع اليسار من الداخل).

في 25 فبراير 1991 هوجمت تطوان بفيلقين عسكريين من الاسلاميين (ما يقارب 500 ظلامي)، مدججين بكل أنواع الأسلحة و بخطوات متقونة و عسكرية. الفيلق الأول كانا يضع على رؤوس أعضائه شارة خضراء مكتوب عليه "باسم الله"، و الفيلق الثاني يضع على رؤوس أعضائه شارة حمراء مكتوب عليه كلمة "الجهاد".
عند اقتحام الجناح الجديد من كلية الآداب بمرتيل، كسر الفيليقين باب ساحة 19 يناير ، و بدؤوا يضربون و يقطعون و "يشركون" في الطلبة بدون استثناء و خاصة طالبات الانجليزية المعروفات بانفتاحن و تحضرهن. الإسلاميون و خاصة منهم الغير المنتمين للكلية لم يكونوا يفرقون بين المناضلين و الطلبة العاديين كان يقطعون "افخاض" الطالبات اللابسات للألبسة القصيرة (تنورة/الميني جيب) يضربوهن و يقطعون شرايين العديد من المتعاطفين و المناضلين.و الاعتداءات لم تقف عند هذا الحد بل امتدت إلى الأحياء و المدن المجاورة لتطوان.

أكتوبر الدامي في فاس و وجدة
تدرب الإسلاميون طوال الصيف على فنون الحرب بشواطئ "واد لاو" في الشمال و ربما في شواطئ أخرى في المغرب.
ففي أكتوبر هاجمت مجموعات إرهابية منظمة و مسلحة أمام أعين السلطات جامعة وجدة أولا حيث تم تصفية الشهيد المعطي بوملي و بعدها هاجمت فاس حيث تم تكسير فك و رجل الرفيق نورالدين جرير و الذي لازال يعاني من عاهة مستديمة... و في الموسم الموالي تم تصفية الشهيد ايت الجيد محمد بنعيسى.. هكذا امتدت الهجمات و الاعتداءات إلى باقي الجامعات..

خلاصة: كل مؤكد أن النظام هو المسئول الأول عن صناعة العنف في الجامعة، أما الاسلاميين رغم كل عنفهم لم يستطيعوا السيطرة على الجامعات لان مشاريعم مبنية على الدعوة و ليس على أسس مطلبية و برنامجية تستجيب لتطلعات الطلبة و تراعي مصالحهم مهما كان انتمائهم السياسي و الفكري و الديني.... (يتبع).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.