عبد المجيد بن الطاهر- باستعراض تاريخ بناء الدولة والمجتمع في المغرب المستقل، سنجد أن هذا التاريخ قد ارتبط في مفاصل أساسية منه بذاكرة الاغتيال، حيث تمت التصفيات الجسدية بين بعض مكونات الحركة الوطنية في السنوات الأولى للاستقلال، مثلما أدى التعذيب النفسي والجسدي إلى اختطاف واستشهاد قادة بارزين ومواطنين بمخافر الشرطة أو في أماكن سرية، وذلك في لحظات الصراع بين الدولة واليسار، أو بين اليسار والإسلاميين، وذلك في لحظة التقاطع الخفية بين مصالح الدولة وقوى الارتداد والظلام. لكن الملاحظة أن ذاكرة الاغتيال قد أريد لها أن تتحول إلى اغتيال الذاكرة، بمعنى أن فعل التصفيات التي تمت على مستوى النفوس والأجساد قد تحول إلى فعل القتل الرمزي، بالإصرار على عدم امتلاك الجرأة لإعادة قراءة التاريخ، لفهم ما جرى و لمعرفة الحقيقة كاملة. إذ من غير المعقول أن يتوصل تهريب الحقيقة أو طمسها إلى ما لا نهاية. وفي السياق السياسي الذي تعرفه بلادنا بتولي حزب العدالة والتنمية مسؤولية رئاسة الحكومة يكون لموضوع ذاكرة الاغتيال حساسية خاصة، لا فقط لأن تنصيب هذه الحكومة قد تم في إطار الحراك العام الذي عرفته بعض البلدان العربية وضمنها المغرب من أجل بناء الديمقراطية وإقرار الإصلاح الحقيقي، ولكن أيضا لأن حزب العدالة والتنمية نفسه من يتولى وزارة العدل، ومن ثم فالجرأة تقتضي أن يواجه ملفات الحقيقة والماضي وملفات الاغتيال السياسي بكل تفاصيلها وإحراجاتها، وأحيانا بعض شبهاتها التي تربط بعض أفعال الاغتيال بمسؤولية بعض قياديي هذا الحزب كما في حالة اغتيال عمر بن جلون (1975) أو كما في اتهام أحد قادة الحزب في ملف اغتيال محمد أيت الجيد بنعيسى (1993). إننا حين نكون إزاء المرآة، نكون أمام خيارين إما أن نرى أنفسنا كما نحن ونقبل بها كما هي، أو نكسر المرآة وكل المرايا، وفي الحالة السياسية المغربية، سيكون من المفيد أن نستعيد الذاكرة بكل جراحها لنتمكن من طي صفحة الماضي إلى الأبد، والعيش بسلام في رحاب المستقبل. ..................... عبد القادر حلوط، مناضل سابق في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب/ مسؤول نقابي حاليا: لا يمكن للظلاميين غسل اليدين من جرائم تصفية المناضلين
أصدرت عائلة محمد أيت الجيد بنعيسى، بيانا للراي العام بخصوص قضية ابنهم يثيرون فيها شبهة تورط حامي الدين القيادي في حزب العدالة والتنمية، ما هي قراءتكم لهذا المعطى؟ أولا، لابد من التأكيد على حق عائلة الشهيد ورفاقه طرح قضية الشهيد ايت الجيد. بل من واجبهم وواجب المناضلين بالنظر لاعتبارها قضية مبدئية تتصل بتضحيات شعبنا ومواجهته لأعدائه الطبقيين. أما ما أثير من دخول أحد الأحزاب الرجعية على الخط فهو لا يعدو أن يكون توظيفا مشبوها من طرف هذا الحزب ومحاولة للاسترزاق من دماء ونضالات الشعب المغربي في التنافس السياسي بين مختلف أطراف وأدوات النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي. إلا أن هذا لا ينفي المسؤولية المؤكدة المباشرة للقوى الظلامية، خاصة جماعة «العدل والإحسان» و«حركة التوحيد والإصلاح» في اغتيال الشهيد أيت الجيد محمد بنعيسى. باعتبارك واحدا من الذين عايشوا اللحظة التي قتل فيها المعطي بوملي، ما الذي جرى في ذلك التاريخ؟ من المعروف أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ومنذ أن اختار خط مواجهة المخططات التي تستهدف حق أبناء الشعب في التعليم كان مستهدفا من طرف النظام القائم. وعندما عجزت كل أشكال القمع عن تحجيم هذا المد النضالي واجتثاث فصيل الطلبة القاعديين باعتباره قائد هذا النضال، لجأ النظام إلى القوى الظلامية التي تربت في أحضانه وبتشجيع منه، لتقوم بهذا الدور الذي ينسجم مع طبيعتيها ويخدم مصلحتيهما. وبعد أن فشلت المحاولات الأولى نهاية الثمانينات، جيشت هذه القوى اتباعها وإمكانياتها المادية الكبيرة وشنت هجوما على أوطم بداية التسعينات اعتقادا منها ومن أسيادها أن القمع والاعتقالات التي طالت أغلب المناضلين في نفس الفترة ستسهل عليها الأمر. وهم انكشف مع الصمود البطولي لجماهير ومناضلي أوطم متسلحين بقوة الارادة والمبدأ في الدفاع عن الطلبة وحرمة الجامعة ومبادئ أوطم وتاريخه. فمع بداية موسم 90-91 جمعت القوى الظلامية جحافلها من تلاميذ وخضارين وجزارين وأصحاب كل المهن الأخرى ومن جميع المدن، ولما لم يتمكنوا من الاستيلاء على القلعة النضالية لجأوا لتكوين عصابات تصطاد المناضلين. ويوم 31 أكتوبر اقتحم مجموعة من هؤلاء الظلاميين قاعة الأعمال التطبيقية بكلية العلوم بوجدة ما بين الرابعة والنصف والخامسة بعد الزوال واختطفوا الرفيق المعطي بوملي أمام أستاذه وطلبة قسمه PC2 وأخذوه إلى منزل لهم معروف بحي القدس المحاذي للكلية، حيث عرضوه لمختلف أشكال التعذيب الفاشية، فما تزحزح البطل عن موقف وما بدل. فقاموا بتقطيع شرايين اليدين والرجلين لإطالة مدة القتل والتعذيب، ولما عانق الشهيد أرواح رفاقه (زروال ،سعيدة، شباظة...) رموا جثته الطاهرة في حديقة غير بعيد عن إقامتهم. ألا تكون عناصر تتحمل اليوم مسؤوليات مهمة في الحياة السياسية المغربية وراء شبهة إصدار فتوى بإهدار دمه؟ لا يمكن لأي من الأطراف الظلامية أن تغسل اليوم يديها من الجريمة بهذه السهولة، فحقائق التاريخ أكدت أن تصفية المناضلين والآلة الحربية الموفرة أطرتها ونظمتها الجماعتان الظلاميتان «العدل والاحسان» و»التوحيد والاصلاح» فأقاموا مجالس الافتاء وحددوا لوائح المناضلين المستهدفين وأقاموا خطب الجمعة ببعض مساجد وجدة والمدن المجاورة للدعوة للجهاد في الجامعة، وهو ما يبين الطرف الآخر في المؤامرة أي النظام القائم. وجميع هجوماتهم وجرائمهم كانت مشتركة منسقة متبناة من الجميع. ومن الطبيعي أن تنفذ الجريمة بيد أشخاص وأتباع مقتنعين بفكر هؤلاء وبانضباط لأوامر أمراء الإرهاب هؤلاء. أما حكاية في منزل أي طرف و... فذاك استهزاء وطعن لروح الشهيد، إلا إن كان البعض ينتظر أن يكون للشهيد أكثر من جسد حتى يتقاسم الجميع متساوين ثواب تصفيته أين وصل ملف المعطي بوملي؟ جدير بالذكر أن النظام في صبيحة العثور على جثة الشهيد بوملي دشن حملة مداهمات واعتقالات في صفوف رفاق الشهيد، وهم بالمناسبة مناضلو فصيل الطلبة القاعديين، استكمالا للمؤامرة وتحسبا لرد الفعل. وقدم النظام عبر أخبار القناة الثانية الخبر مصحوبا بصورة واسم ونسب الشهيد. وبعد ذلك تم تهريب جثته من أسرته ورفاقه وحرمانهم حتى من قبره ودفن سرا باسم مجهول!! فتكاملت أدوار المشاركين في الجريمة من الاغتيال إلى طمس معالم الجريمة. فنظمت العائلة ومناضلو أوطم جنازة رمزية بحضور نضالي قوي لأبناء مدينة الشهيد مدينة جرسيف. وإلى اليوم مازال الوضع كما كان فأطراف الجريمة طلقاء، بل واستفادوا من» تعويضات سياسية»وجثة الشهيد وقبره مهربان من أحضان أسرته وشعبه. لكن الذاكرة النضالية لا يقتلها الطمس والقمع، فذكراه يخلدها رفاقه القاعديون كل سنة داخل الجامعات ودربه يغص اليوم بالمناضلين وأوطم أمانة محفوظة قبل وبعد كل شيء. لكن لابأس من الاشارة إلى أن جميع الملتحفين للنضال الحقوقي و.... رأوا ربما في قضية الشهداء ومنهم المعطي قضية لا تصلح للمتاجرة والربح فأداروا وجوههم وفروا، وخيرا ما فعلوا. حسين أيت الجيد، شقيق المرحوم محمد أيت الجيد بنعيسى: شبهة تورط حامي الدين في مقتل أخينا لم تأت من فراغ
أصدرتم بيانا للرأي العام بخصوص قضية أخيكم المرحوم محمد أيت الجيد بنعيسى، تثيرون فيها شبهة تورط عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في مقتله، ما الذي جعلكم تنتظرون كل هذه الفترة لتأكيد تورط قيادي في العدالة والتنمية؟ أولا، نحن كعائلة الشهيد الرمز ايت الجيد محمد بنعيسى غير معنيين بالشق الثاني من السؤال أما إصرارنا على شبهة تورط حامي الدين فلم تأت من فراغ فنحن كعائلة ولمدة ثلاثة عشر سنة لم نتهم احدا ولكن بعد بروز الملف وحضورنا كطرف مدني في محاكمة عمر محب عضو جماعة العدل والاحسان تمكنا في ذلك الوقت أي سنة 2007 أن نجمع كل الوثائق المتعلقة بالملف بما فيها محاضر الضابطة القضائية لتاريخ 1 مارس 1993 وعبد العالي حامي الدين يعرف جيدا ما أعنيه. ألا تتحركون وفق إملاءات؟ إملاءات ممن؟ ألا تكتبون في جريدتكم هذه وفق إملاءات؟ هناك من قال علينا ذلك، مند بداية محاكمة عمر محب اننا مدفوعين دفعا وسيسيل مداد هذه المرة اكثر لأنه كما وردت في سؤالكم الاول يتعلق الامر بقيادي بارز واستاد للعلوم السياسية ووو... دم شهيدنا أمانة في رقابنا فلم ولن يوقفنا أحد في المطالبة بمحاكمة كل المتورطين والمدبرين والمتسترين على قتله بتلك الطريقة الوحشية الهمجية التي لا تمت لكل الاعراف والأديان بصلة. ماهي الأسس التي ارتكزتم فيها على إثارة شبهة تورط عبد العالي حامي الدين؟ هناك أسس قوية ارتكزنا عليها لكن في هذه اللحظة الكلمة للقضاء. أثناء فتحكم لملف أخيكم أيت الجيد، هل استشرتهم مع هيئات سياسية أو جمعوية؟ في كل فترات هذا الملف الذي نعتبره قضية وليس بملف نستشير فيه مع مجموعة من الاطراف السياسية والجمعوية افرادا ومؤسسات وكل من نشم فيه رائحة ابننا ايت الجيد محمد بنعيسى. وما العيب في ذلك؟ ملف الشهيد يوجد بين يدي الرميد وزير العدل، والمتهم في هذا الملف قيادي في العدالة والتنمية.. أأنتم واثقون من كسب المعركة خصوصا وأن وزارة العدل ترأس النيابة العامة؟ السيد وزير العدل والحريات وزير لعدل وحريات كل المغاربة وثقتنا في العدالة كبيرة وخاصة مع تنزيل الدستور الجديد. ونعرف جيدا انه ممن ناضل من أجل استقلالية القضاء إما أن يكون ينتمي لنفس اجهزة حزب سياسي مع المشبوه في مشاركته بقتل ابننا فهذا سؤال سياسي اتمنى من اطياف اليسار المغربي أن تجيب عنه. ذكرت في معرض إجابتك أن لك ثقة كبيرة في العدالة لإيمانكم باستقلالية القضاء، لكن ما العمل في حال ما إذا تعثرت هذه القضية؟ لا بد من التذكير بأن روح الشهيد رقبة في ضمير القوى الحية في الوطن، وعائلته لن تسكت مهما كان الثمن... لكن لننصت جميعا لدور القضاء الذي لا نشك في نزاهته واستقلاليته... أما إذا لم يكن كذلك، فإننا سنقوم بالتصعيد في قضية «الشهيد محمد ايت الجيد بنعيسى»، وسنطرق جميع الأبواب التي يمكن لها نفض الغبار عن القضية ويمكن لها أن تنصف عائلتنا. ملف أيت الجيد في أربع محطات - الخميس 25 فبراير1993:تم بمحيط جامعة محمد بن عبد الله بفاس اغتيال ايت الجيد محمد المزداد قيد حياته عام 1964، بدوار تزكي أدويلول بإقليم طاطا وهو أصغر إخوته.انتقل إلى مدينة فاس، حيث يقطن أكبر إخوته. - 3 مارس 1993: جنازة شارك فيها الآلاف من الطلبة و المواطنين بظهر المهراز بفاس و من هناك سهرت عائلة أيت الجيد ومجموعة من رفاقه واصدقائه على تنظيم ذكرى استشهاده السنوية في منزل الأسرة. - 2006: محاكمة عمر محب بتهمة القتل العمل مع سبق الإصرار و الترصد قبل أن يتم تكييف التهمة بالمشاركة في القتل. - سنة 2007 التي صادفت أول محاكمة في القضية، شكلت لجنة متابعة قضية أيت الجيد ونظمت مهرجانا خطابيا بحضور مجموعة من الهيئات السياسية و النقابية و الجمعوية، ثم وقفة في مكان اغتياله بحضور وازن للجمعية المغربية لحقوق الانسان الفرع المحلي والمكتب المركزي ومنتدى الحقيقة والإنصاف، و بعد ذلك قافلة كانت من انجح محطات الملف طول هده المدة و دلك بحضور لافت لكل رفيقات صديقات رفاق أصدقاء أيت الجيد إلى دوار تيزكي اداو بلولب إقليم طاطا مسقط رأسه الذي هربت له جثته في ليلة سوداء، ولكن شاء القدر أن تنيرها الثلوج التي تساقطت على مدينة فاس، تلك الليلة قبل الذكرى 19 شكلت «لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد» التي نظمت مع لجنة القصر الكبير الذكرى الأخيرة. نورالدين جرير، الناطق الرسمي باسم الطلبة القاعديين التقدميين سابقا: أصولية الرميد تمنعه من أن يرى في بنجلون وبنعيسى الجيد والمعطي بوملي شهداء
أصدرت عائلة محمد أيت الجيد بنعيسى، بيانا للراي العام بخصوص قضية ابنهم، يثيرون فيها شبهة تورط عبد العالي حامي الدين القيادي في حزب العدالة و التنمية، في قضية ابنهم ما هي قراءتكم لهذا المعطى؟ مطلب الكشف عن الحقيقة ومحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال الشهيد ليس وليد اللحظة، فلا العائلة توقفت عن ذلك، ولا رفاق الشهيد، إذ قبل أشهر قليلة، و في ذكرى اغتيال بنعيسى، اعتبرت قضية الشهيد الجيد قضية اغتيال سياسي ذهب ضحيته يومها أحد قادة اليسار الطلابي، وهو فصيل الطلبة القاعديين التقدميين، وقد حصل ذلك في زمن كانت بعض القوى المحسوبة على حركات الاسلام السياسي وهي العدل والإحسان و الإصلاح والتجديد نواة العدالة والتنمية حاليا، تحاول السطو على الجامعة من أجل استعمالها في معركة «الإعلان عن الذات». وقد حدث كل هذا في سياق تميز بعنف شديد ومتوتر ومزدوج من طرف النظام وتلك الجماعات الظلامية سعيا منها لاجتثاث فصائل اليسار وعبرها الفكر التقدمي. لقد ضرب حول قضية بنعيسى صمت رهيب وحرف التحقيق حولها عن مساره الحقيقي، إذ لم يقم القضاء بدوره، ولم تقم هيئة الإنصاف والمصالحة بدورها في قضية بنعيسى باعتبارها قضية لم تفقد راهنيتها لا بالنسبة لرفاقه ولا بالنسبة لعائلته المكلومة.... من قتل بنعيسى؟ من المتهم بجريمة الاغتيال؟ هذا ما يجب على القضاء الحسم فيه. باعتبارك واحدا من الذين عايشوا اللحظات الدموية التي عاشتها الجامعة المغربية خلال مرحلة الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، ما الذي جرى في ذلك التاريخ؟ أنا إلى جانب رفاق آخرين، كنت مسؤولا عن فصيل الطلبة القاعديين التقدميين، وعضو اللجنة الانتقالية المنضوية تحت الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وقد كان نشاطنا يومها منصبا على تجسيد خلاق لعلاقة النقابي والسياسي، إذ سطرنا ملفات مطلبية مدققة على مستوى الكليات والجامعة، وبالموازاة مع ذلك، عملنا على إعطاء الجامعة دورا متقدما في الحراك السياسي والاجتماعي، الشيء الذي جعلنا نتعرض لقمع شديد ومتواصل من طرف النظام. كان مناضلونا يتعرضون للخطف والتعذيب والمحاكمات الثقيلة. لقد عجزت الاستراتيجية القمعية للنظام ابعادنا عن (أ و ط م)، فلجأت إلى الاستعانة بخدمات القوى الظلامية التي بدأت بين الحين والآخر تشن غاراتها وانزالاتها لنسف بعض الانشطة أو لمناوشة نشطاء (أ و ط م)... كانت تسبق إنزالاتهم حملات تشويه تشبه ما يقال اليوم في حق نشطاء حركة 20 فبراير، لتبرير العنف، وقد غض النظام الطرف عن ذلك، مع أنه كان يرصد التوافد العديد لأنصار الظلام في مدن أخرى. يصعب حصر عدد الإنزالات التي عرفتها جامعات فاسووجدة وتطوان ومكناس... لكنني طبعا أذكر هجوم فجر 25 أكتوبر 1991 الذي كان تحت شعار: «تحرير كابول» الذي تعرضت فيه شخصيا لمحاولة اغتيال تنفيذا لفتوى حكم الإعدام الذي أصدرته في حقي محاكم تفتيش تلك القوى... لتلتقطني قوى الأمن فانتهيت محكوما بعشر سنوات سجنا. هل تعتقد بأن مصطفى الرميد وزير العدل والقيادي في العدالة و التنمية الذي يسير البلاد حاليا، قادر على إنصاف عائلات شهداء الجامعة المغربية؟ الرميد شأنه شأن باقي الوزراء لا يعدو أن يكون موظفا ساميا لا يتمتع بالاستقلالية، ولا يملك سلطة القرار، فهو لم يبد في يوم من الأيام، لا اليوم و لا سابقا، أي قبل توليه حقيبة وزراة العدل، أي عطف تجاه شهداء أو تجاه عائلاتهم، لأن أصولية الوزير تمنعه من أن يرى في عمر بنجلون شهيدا، وبنعيسى شهيدا، والمعطي بوملي شيهدا. لقد أنكر الوزير وجود معتقلين سياسيين في المغرب، واعتبر الشهيد المهدي بنبركة ليس من أولوياته. المسألة إذن تتوقف على ممارسة الضغط على من يمتلكون القرار للكشف عن الأطرف المتورطة في الجريمة ومحاكمتها. وفي كل الأحوال ليس هناك حل من خارج القضاء نفسه. مهما طال الزمن يجب إنصاف الشهيد بنعيسى الذي حرم من حقه في الحياة، كما يجب إنصاف عائلته التي سرق منها ابنها. من هو نور الدين جرير؟ نور الدين جرير، الناطق الرسمي باسم الطلبة القاعديين التقدميين سابقا، اعتقل سنة 1991 وحوكم ب 10 سنوات سجنا بعد نجاته من محاولة اغتيال من طرف الفصيل الإسلامي. 82 ألف درهم لجبر أضرار حامي الدين في أحداث 25 فبراير 1993 بفاس اتصلتنا بعبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، صباح يوم الإثنين 10 شتنبر 2012 لمعرفة وجهة نظره بخصوص البيان الذي أصدرته عائلة «أيت الجيد بنعيسى»، غير أنه تعذر عليه الإجابة عن تساؤلات «الوطن الآن» لوجوده خارج المغرب في مهمة، واكتفى بالقول إن «قضية بنعيسى» فيها مقرر تحكيمي صادر عن هيأة الانصاف والمصالحة، وهو المقرر الذي أحال حامي الدين الرأي العام عليه. ... تنشر المقرر كاملا «المملكة المغربية هيئة الإنصاف والمصالحة مقرر تحكيمي ملف عدد: 1033 قضية: عبد العلي حامي الدين مقرر رقم: 1221 بتاريخ: 30 نونبر 2005 إن هيئة الإنصاف والمصالحة، بناء على القرار الملكي السامي الصادر في 11 رمضان 1424 (6 نونبر 2003) بالمصادقة على توصية المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان المتعلقة بإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، وبناء على الظهير الشريف رقم 1.04.42 الصادر في 19 صفر 1425 (10 أبريل 2004) بالمصادقة على النظام الأساسي لهذه الهيئة، وبعد الاطلاع على الطلب المسجل بكتابة هيئة الإنصاف والمصالحة في 6 فبراير 2004، والمقدم من طرف: السيد: عبد العالي حامي الدين رقم بطاقة التعريف الوطنية: c285117 العنوان: 43 شارع فال ولد عمير رقم 6 أكدال الرباط والذي يعرض فيه أنه إثر الأحداث التي عرفتها جامعة محمد بن عبد الله بفاس بتاريخ 25 فبراير 1993، أرغم من طرف الشرطة على التوقيع على محضر بعد إصابته بضربة بليغة في الرأس نقل على إثرها للمستشفى حيث أجريت له عملية جراحية، فاحتجز لمدة ثلاثة أيام، ثم أحيل إلى المحكمة بتهمة الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح الأبيض المفضي إلى الموت دون نية القتل والمساهمة والمشاركة، فتمت مؤاخذته بتاريخ 04 أبريل 1994 من طرف محكمة الاستئناف بفاس بسنتين حبسا نافذا، قضاها بالسجن المدني عين قادوس بفاس والسجن المحلي بالراشيدية، وقد تسبب له ذلك في أضرار صحية. أثناء الاستماع للسيد عبد العالي حامي الدين بتاريخ 20 دجنبر 2004، أكد ما ورد في طلبه، موضحا أنه اعتقل من المستشفى، فنقل لمكان مجهول بفاس لمدة سبعة أيام. وفي استماع ثان بتاريخ 1 نونبر 2005، أوضح أنه بعد يومين من خروجه من المستشفى نقل إلى الدكارات لمدة يومين ثم إلى مركز البطحاء لمدة ثلاثة أيام وبعد إحالته إلى المحكمة الابتدائية أعيد إلى مركز البطحاء ومكث به يوما واحدا، ثم أحيل إلى قاضي التحقيق وبقي رهن الاعتقال الاحتياطي مدة ثلاثة عشر شهرا. وعلى ضوء البحث المجرى مع الضحية أدلى بشهادتين إحداهما من الدكتور أحمد الريسوني بصفته رئيسا لجمعية رابطة المستقبل الإسلامي والتي كان فيها الضحية عضوا نشيطا وخاصة في تنظيمها الطلابي المعروف باسم فعاليات طلابية وقد ورد في هذه الشهادة ومن المعلوم عندنا وعند زملائه أن هذا الاعتقال كان قد جرى بصفة عشوائية وتعسفية، وقد أديت هذه الشهادة إسهاما في الإنصاف والتصحيح وللحقيقة التاريخية»، لذلك يلتمس إعادة الاعتبار والتعويض عما لحق به من أضرار. وبعد دراسة الملف من لدن فريق العمل المكلف بجبر الأضرار، على ضوء التقرير الذي قدمه عضوه المقرر، وبعد عرض القضية على أنظار هيئة الإنصاف والمصالحة في اجتماعها العام المنعقد بتاريخ 30 نونبر 2005، ومداولتها طبق أحكام نظامها الأساسي، من حيث الشكل: حيث إن الطلب قدم داخل الأجل ووفق باقي الشروط المنصوص عليها في النظام الأساسي لهيئة الإنصاف والمصالحة من حيث الموضوع: حيث إن الطلب الذي تقدم به السيد عبد العلي حامي الدين يرمي إلى جبر الأضرار المادية والمعنوية التي لحقته من جراء ما تعرض له من اعتقال تعسفي وما ارتبط به من انتهاك لحقوقه. وحيث يتضح من الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملف ومن التحريات التي قامت بها هيئة الإنصاف والمصالحة، والبحث الخاص المجرى بخصوص ملابسات وظروف اعتقاله، وباعتبار الشهادتين المدلى بهما، أن الاعتقال تم دون التقيد بالشروط والمساطر القانونية والضمانات المنصوص عليها في التشريع الوطني والمتعارف عليها دوليا، خصوصا ما يتعلق بالحراسة النظرية، بمدتها وضوابطها وظروفها، مما يكون معه الاعتقال تعسفيا، وحيث إن المهام والصلاحيات المخولة للجهات القضائية والمصالح والأجهزة التابعة لها أو المراقبة من لدنها في متابعة الأشخاص المنسوبة إليهم أفعال غير قانونية ومعاقبتهم عند الاقتضاء صيانة للأمن العام ولسلامة الأفراد والجماعات، لا تكتسب مشروعيتها إلا باندراجها ضمن القانون وبالحرص على احترام كامل لحقوق الأشخاص المعنيين، علما أن كل عمل مخالف لذلك يؤسس مسؤولية الدولة ويستوجب جبر أضرار الضحايا. وحيث إنه، بالنظر لما تعرض له السيد عبد العالي حامي الدين من انتهاك لحقوقه كمواطن وكإنسان، ولما عاناه من سوء معاملة وتعذيب جراء ظروف الاعتقال، وما خلفه من آثار وتبعات وما ترتبت عنها من أضرار مادية ومعنوية في حق الطالب، واعتبارا لقواعد الإنصاف ولروح المصالحة، فإن الهيئة تقديرا لكل ذلك، تقرر بأحقيته في تعويض مادي قدره اثنان وثمانون ألفا وتسعمائة (82900.00) درهم. لهذه الأسباب: أولا: أداء للسيد عبد العالي حامي الدين تعويضا قدرهم اثنان وثمانون ألفا وتسعمائة (82900.00) درهم. ثانيا: توجيه نسخة من مقررها هذا إلى السيد الوزير الأول وتسليم نسخة أخرى إلى الطالب، بهذا صدر المقرر التحكيمي النهائي في التاريخ أعلاه، ووقعه عن الهيئة رئيسها ومنسق وأعضاء فريقها المكلف بجبر الأضرار.» الموقعون إدريس بنزكري عبد العزيز بنزاكور أحمد شوقي بنيوب محمد مصطفى الريسوني مبارك بودرقة المحجوب الهيبة مصطفى اليزناستي عبد اللطيف المنوني محمد النشناش هكذا قتل المعطي بوملي
المعطي بوملي اقتيد من قبل عناصر إسلامية يوم 31 أكتوبر 1991، من قاعة الأشغال التطبيقية بكلية العلوم بوجدة، أمام أعين أستاذه ورفاقه، إلى منزل بحي القدس، بعد أن صدرت في حقه » فتاوى بإعدامه «، إذ كان يصرخ ويستنجد بزملائه الذين لم يتمكنوا من تخليصه من قبضة المختطفين. ووجد الضحية، صباح اليوم الموالي، جثة هامدة بالحي نفسه بمدينة وجدة، بعد أن شوهت جثته التي بدت عليها آثار تعذيب وتعنيف إثر قطع شرايينه، وجمع دمه في قنينات زجاجية، إلى أن لفظ أنفاسه، بداعي انتمائه إلى فصيل « الزندقة والإلحاد«. ونقلت جثة الهالك تحت حراسة أمنية مشددة إلى مستشفى الفارابي بوجدة بعد أن أخبر حارس ليلي، مصالح الأمن بالعثور عليه، إذ رفضت السلطات مدينة وجدة، تسليم جثته إلى أسرته، إذ دفن باسم مجهول ما جعل قبره مجهولا لدى الرأي العام وأقاربه. وكان الطالب الضحية المزداد في دوار أيت بوملي بعمالة تازة سنة 1971، والذي عاش يتيما بعد وفاة والده، تابع دراسته الثانوية بمدينة جرسيف، حيث حصل على شهادة الباكلوريا في موسم 1989/1990، شعبة الرياضيات بتفوق، قبل أن يلتحق بكلية العلوم بجامعة وجدة.