وجهت جماعة العدل والإحسان رسالة واضحة لمن يهمه الأمر، وهذه المرة لم توجهها إلى الدولة ورموزها ولكن وجهتها للتيارات السياسية التي ما زالت تدفن رأسها في الرمال معولة على تحالف وهمي مع حركة لا تؤمن بالنظام الديمقراطي، الذي يناقض نظام الخلافة خصوصا "إذا كانت على منهاج النبوة"، ومضمون الرسالة أن الجماعة تتهيأ للمرحلة القادمة التي لن تكون كالمرحلة الحالية، لكن القادم والمقبل من الأيام في عرف العدل والإحسان ليس هو نفسه فيما تتطلع إليه التيارات الأخرى. وإمعانا في الديماغوجية وطلبا لعطف القوى السياسية الأخرى دبجت جماعة العدل والإحسان افتتاحية موقعها الإلكتروني/البيان الرسمي للجماعة حول وفاة الشاب كمال عماري بآسفي، بسرد تاريخ الشهداء، طبعا شهداء الحركة الديمقراطية والتقدمية، الذين كانت الجماعة تلعنهم وتصفهم بأقذع النعوت، وهل ينسى اليسار، ويبدو أنه يحاول أن يتناسى، أن جماعة ياسين كانت تصر على وصف أبراهام السرفاتي، المناضل التقدمي، باليهودي الذي يريد أن يحكم المغرب. وطرحت جماعة العدل والإحسان أسئلة ظاهرها تبني الشهداء والمعتقلين وباطنها الاستغلال السياسي لأربعين سنة من الصراع على السلطة بالمغرب، تواضع المعنيون به على طي صفحته وفتح صفحة جديدة من خلال هيئة جبر الضرر والإنصاف والمصالحة التي ستصبح توصياتها في الدستور الجديد بندا قائم الذات. تساءلت الجماعة عمن قتل المهدي بنبركة ومن قتل الحسين المانوزي لكنها لم تتساءل عمن قتل الشهيد عمر بنجلون القائد الاتحادي، المعلق دمه بالشبيبة الإسلامية، ومن قتل بنعيسى أيت الجيد مسؤول الطلبة القاعديين، الذي اغتالته فيالق العدل والإحسان، التي كان يقودها حينذاك عبد الصمد فتحي مسؤول هيئة دعم قضايا الأمة التابعة للجماعة وحسن بناجح مدير مكتب الناطق الرسمي، ولم تتساءل عمن قتل الطالب اليساري المعطي بوملي بوجدة ولم تتساءل عمن رمى نورالدين جرير، رمز الطلبة القاعديين، من الطابق الثالث من الحي الجامعي بفاس وتسبب له في كسور ما زال يعاني منها. إذا كانت جماعة العدل والإحسان تريد أن تطرح الأسئلة الحقيقية فلتعد إلى بياناتها، التي اعتبرها حتى بعض أعضائها، أنها فضيحة والملغومة بلغة مبطنة كلها تكفير لليسار، والبيان المسجل على أشرطة كاسيت الذي وزع يوم 25 أكتوبر سنة 1991 تاريخ الغزوة التاريخية على الحي الجامعي بفاس لتحريرها من اليسار الكافر خير دليل على ذلك وهو البيان الذي وصفهم بالسموميين واليحموميين وهي أوصاف لجهنم. إن جماعة العدل والإحسان وهي تتبنى كمال عماري وتعتبره شهيدها تضع حجة أخرى ضدها لأنها لم تقدم المساعدة لشخص في حالة الخطر رغبة في وفاته لاستغلالها سياسيا وبالتالي تكون مسؤولة عن وفاته مسؤولية كاملة يعاقب عليها القانون وقد تبنت من قبله طالبين توفيا بداية التسعينيات في مواجهات داخل الجامعة المغربية، لأن هذه القضية كانت تشكل لديها عقدة مرضية لأنه ليس لها شهداء ولا معتقلين سياسيين باستثناء تلك الحالات البسيطة من أحكام لا تتجاوز السنتين ناهيك عن الحكم الثقيل الذي صدر في حق طلبتها لكن في قضية جنائية كان فيها اليسار هو الضحية. قالت جماعة العدل والإحسان إنه في الشرع لو شهد شاهدان في قضية ما لوجب تنظيم محاكمة عادلة وقد شهد عشرات الطلبة على أن الجماعة هي التي اغتالت بنعيسى والمعطي فهل تقبل بمحاكمتها محاكمة عادلة؟ وعندما تقول الجماعة "سيأتي يوم بإذن الله، وفي أجواء أخرى ديمقراطية وأكثر مصداقية، حيث يتم الكشف عن كل الحقائق" فهي تموه على حلفائها المفترضين فاليوم تقصد به قيام الخلافة والمحاسبة لن تشمل من كان في الحكم ولكن ستشمل أيضا اليسار الذي لوث عقيدة الشباب على حد تعبير عبد السلام ياسين.