بصعوبة تمكن المحجوب بن الصديق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، من تلاوة خطاب ألقاه صباحا أمام مئات العمال والعاملات ممن جاؤوا للمشاركة في تظاهرة فاتح ماي، وكانت الكلمات تخرج بصعوبة من فم الزعيم النقابي وهو يخطب في منصة تطل على جمع غفير من العمال بساحة الزلاقة في شارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، جاؤوا للاحتفال بعيد العمال هذا العام تحت شعار «من أجل الدفاع عن القدرة الشرائية للمأجورين وعموم الفئات الشعبية» . وخيم حادث محرقة الحي الصناعي «ليساسفة» الذي احترقت فيه جثث 56 عاملا وعاملة على احتفالات الفاتح من ماي، ودعا زعيم الاتحاد المغربي للشغل المشاركين في تظاهرة عيد العمال إلى قراءة الفاتحة على أرواح الضحايا قبل أن يشرع في تلاوة خطابه. وانتقد الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل بشدة تضييق السلطات على الحريات النقابية ولجوئها إلى الفصل 288 من القانون الجنائي لتجريم ممارسة النشاط النقابي المشروع، مشيرا إلى أن مدونة الشغل تشهد انتهاكات وصفها ب«الجسيمة» من لدن أرباب العمل في تجاهل للهيئات المسؤولة عن تطبيق القوانين الاجتماعية. وقال بن الصديق إن أوضاع الطبقة العاملة في المغرب تشهد تدهورا مستمرا، كضرب القدرة الشرائية للمأجورين بشكل مستمر نتيجة المضاربات والتهاب أسعار المواد الاستهلاكية، مشددا على أن ثلاثة أرباع أجراء القطاع الخاص محرومون من حقهم في التقاعد والتغطية الصحية، مشددا على أن التماسك الاجتماعي أصبح مهددا في المغرب في هذه الظرفية الدقيقة. وانتقد زعيم نقابة الاتحاد المغربي للشغل بشدة أرباب العمل وقال إن أصوات بعض العقول المتحجرة في صفوف أرباب العمل أصبحت تنادي بمصادرة حق الإضراب المضمون دستوريا، بإجراءات ماكرة تذكر بالعهد الاستعماري. وهاجم بن الصديق أرباب العمل ووصفهم ب«الاستغلاليين» الذين لم يستسيغوا مدونة الشغل الجديدة، وصاروا يرددون شعار ضرورة مراجعتها، وهم الذين كانوا يطالبون بالمدونة منذ سنوات وشاركوا في صياغتها. وذكر الزعيم النقابي كيف أن أرباب العمل يقتطعون المساهمات الاجتماعية من أجور العمال دون أن يقوموا بتأديتها لصندوق الضمان الاجتماعي، مشيرا إلى أن النضال النقابي والواجب الوطني لا يتعارضان، «بل إنهما وجهان لعملة واحدة». على حد قوله. وشوهد ضيوف «الاتحاد» يجلسون في المنصة الرسمية، ضمنهم إسماعيل العلوي زعيم حزب التقدم والاشتراكية ومناضلون آخرون في الحزب الشيوعي المغربي السابق كانوا يجلسون بالقرب من أعضاء في حزب الاتحاد الدستوري وممثل بعض الفعاليات الجمعوية. وبالرغم من أن الاتحاد المغربي للشغل حشد المئات من العمال بشارع الجيش الملكي منذ الصباح الباكر، فإن بعضهم قرر الانسلال من مكان التظاهرة، وفضلوا العودة إلى منازلهم بسبب تأخر انطلاق مراسيم الاحتفال بالفاتح من ماي. وانتشر بين العمال باعة قبعات ورقية وسقاؤون ظلوا يقرعون أجراسهم النحاسية المميزة لإغراء المشاركين في التظاهرة بشرب ماء معبأ في قرب جلدية وبه نسمة قطران. ولوحظ تواجد مكثف لقوات الأمن في الأزقة الفرعية المؤدية إلى شارع الجيش الملكي، وجندت السلطات قوات احتياطية من فرق«التدخل السريع» داخل سيارات ظلت رابضة بالقرب من ملعب العربي بنمبارك القريب من شارع الجيش الملكي. وعمم الميلودي مخاريق، عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، تصريحا يتضمن موقف الاتحاد من«الكتاب الأبيض» الصادر عن منظمة أرباب العمال. ويشير التصريح إلى أن «أرباب العمل استعرضوا الإخفاقات المعروفة كالقضاء والتعليم والنظام الجبائي، الذي يخدم مصالحهم بالدرجة الأولى، دون أن يتساءلوا بأي شكل من الأشكال عن التجاوزات والامتيازات الممنوحة للمضاربين والغشاشين المستفيدين من اقتصاد الريع». ويرى الاتحاد المغربي للشغل أن «الكتاب الأبيض»، الصادر عن منظمة أرباب العمل، ينبثق من ثقافة الأنانية والهيمنة، كما أن أدبياته لم تخصص ولا كلمة واحدة لعشرين مليار درهم أو أكثر من مخلفات مساهمات أرباب العمل في الضمان الاجتماعي. كواليس فاتح ماي < وزعت بالمجان على المشاركين في احتفالات فاتح ماي نسخ كثيرة من عدد أمس لجريدة «رسالة الأمة»، لسان حال حزب الاتحاد الدستوري، وتوصل العمال المشاركون في الاحتفالات، التي نظمها الاتحاد المغربي للشغل في شارع الجيش الملكي، بنسخة مجانية من الجريدة وقد استعان بها البعض لحجب أشعة الشمس الحارقة عن الرأس والوجه. < حمل عمال لافتة كتب عليها «السلطات العمومية تتحمل مسؤولية محرقة ليساسفة» < دعا الاتحاد المغربي للشغل العمال المشاركين في تظاهرة فاتح ماي إلى الحضور على الساعة الثالثة بعد الظهر لمشاهدة مباراة في كرة القدم بين فريق «ليدك» و«المكتب الوطني للكهرباء» سيتسلم الفريق الفائز فيها «كأس الاتحاد». < كادت أن تندلع مواجهات بين بعض المتظاهرين حول احترام حق الأسبقية، فبمجرد أن أعطيت الانطلاقة لمواكب ممثلي القطاعات المشاركة في تظاهرة عيد الشغل، حتى ارتفعت أصوات مستنكرة لتجاوز بعض الوفود لحق الأسبقية وسجل تلاسن بين عمال الاتحاد المغربي للشغل في يوم عيدهم. < انتقد مسؤول نقابي في الاتحاد المغربي للشغل إقدام أرباب العمل على إصدار «كتاب أبيض» وقال إنه كتاب يأتي ليزيد «الشحمة في ظهر المعلوف»