خيمت أجواء محرقة ليساسفة وفشل جولات الحوار الاجتماعي مع الحكومة على تظاهرة فاتح ماي للمركزيات النقابية لهذه السنة بالدار البيضاء. ورددت خلالها الطبقة العمالية شعارات غاضبة منددة بالحريق، ومطالبة بالكشف عن باقي ضحايا المحرقة، ومحاكمة ما أسمته بـالمجرمين الحقيقيين. وقد اختارت مجموعة من ضحايا الحريق الانخراط بشكل عفوي في تظاهرة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. فيما حمل محمد يتيم الكاتب العام لاتحاد الوطني للشغل الحكومة كامل المسؤولية الكاملة عن الحريق بسبب عجزها عن تطبيق مدونة الشغل، وخاصة ما يتعلق بشروط الصحة والسلامة على حد قوله. وهاجم القيادي النقابي السياسات الحكومية المتلاحقة التي رهنت المغرب لتقلبات السوق الدولية في مجالات حيوية مثل الطاقة، وفي مواد حيوية في أمنه الغذائي، والتي أسهمت من خلال سياسية ضريبية جائرة في تعميق أزمة الغلاء وتوجيه ضربات متلاحقة للقدرة الشرائية للمواطنين. نبرة الاحتجاج على الحكومة كانت أكثر حدة في خطاب نوبير الأموي، الكاتب العام الكونفدرالية الديمقراطية، والذي هاجم حكومة الفاسي التي تنهج ما أسماه ثنائية التجربة والفشل. وفي شارع الجيش الملكي بالعاصمة الاقتصادية، قال المحجوب بن الصديق الأمين العام للإتحاد المغربي للشغل من منصة الخطابة إن التماسك الاجتماعي أصبح مهددا في هذه الظرفية الدقيقة، لما تعرفه من ضرب للقدرة الشرائية للمأجورين وعموم الفئات الشعبية، نتيجة المضاربات والتهاب أسعار المواد الاستهلاكية. وأما الاتحاد العام للشغالين الذي اختارت قيادته توجيه خطابها في الحي المحمدي، فصرح مصطفى نشيط عضو مكتبه التنفيذي أنه هناك العديد من مظاهر الحيف بالوحدات الإنتاجية والخدماتية، وأن المضايقات مستمرة ضد العمل النقابي وهي السمة البارزة في ميدان الشغل، وتساءل عن جدوى الحوار الاجتماعي والجولات المناسباتية التي غالبا ما تتم تحت ضغط الاحتجاجات والإضرابات. وفي الرباط شهدت ساحة باب الحد تدافع قياديين في نقابة الاتحاد المغربي للشغل مع عناصر من الأمن بعد منع هذا الأخير مسيرة الاتحاد من المرور بمدار الساحة، قبل مرور مسيرة المنظمة الديمقراطية للشغل، وقد أدى المنع إلى وقوع مشاداة بالأيدي بين أعضاء في النقابتين. وقد عبرت قيادية نقابية في الاتحاد المغربي للشغل أن هذا الأخير يرفض مقترحات الحكومة. وتميزت مسيرات فاتح ماي بمراكش بغياب الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عن الاحتفالات بسبب تصدع أجهزتها المحلية، وقد طغت الشعارات المناهضة للغلاء في مسيرات كل المركزيات النقابية، واتفق الجميع على التنديد بحكومة عباس الفاسي، والمطالبة برحيلها في جو الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب. وفي فاس منعت السلطات المحلية نقابة الاتحاد الوطني للشغل، دون باقي النقابات، من إقامة منصة للخطابة، وأفاد مراسل التجديد أن أحد مناضلي الاتحاد تعرض للاعتداء بالضرب من لدن من أسماهم بـ المليشيات بحي المسيرة. وحسب الضحية فإن المعتدين تابعين لنقابة أخرى. واختارت نقابة عمالية جديدة الظهور من مدينة أكادير، وهي تابعة سياسيا لحزب التجمع الوطني للأحرار، وقد شهد فاتح ماي بالمدينة حضور أمني قوي ومكثف لكل الأجهزة الأمنية.