سنة مرت على فاتح ماي الأخير، الذي كانت فيه مطالب المركزيات النقابية تركز على الزيادة في الأجور، ومناهضة الزيادات المتواصلة في الأسعار، والدعوة إلى تحريك سلم الأجور، وحذف المتاريس في وجه الموظفين المستحقين للترقية، وتقليص الفوارق بين الأجور الدنيا والأجور العليا، والرفع من الحد الأدنى للأجور كي يصل إلى 3000 درهم. من جانبها، الحكومة في شخص وزيرها الأول وعدت قبيل فاتح ماي 2007 بالشروع في تطبيق السلم المتحرك للأجور وبالشروع في الأخذ بمبدأ التعويض عن فقدان الشغل. لكن كل هذه الوعود قد تبخرت، وكان المبرر هو انتخابات السابع من شتنبر، والتغيير الحكومي الذي تشكلت إثرها. المشكلة، أن حزب الوزير الأول وعد في برنامجه الانتخابي بالمحافظة على المستوى العام للأسعار في حدود 2 في المائة، وبتخفيض الضريبة العامة على الدخل بالنسبة للطبقة الوسطى من 40 في المائة إلى 35 في المائة، ورفع الحد الأدنى للإعفاء إلى 28000 ألف درهم، والتخفيض من القيمة المضافة من 20 إلى 18 في المائة، بل إن التباري انطلق على أشده في الحملة الانتخابية بين الحزبين الشريكين في الحكومة على رفع شعارات كبيرة في المجال الاجتماعي مثل مليوني منصب شغل خلال خمس سنواتومحاربة الفقر من خلال منح شهرية للأسر الفقيرة قدرها 500 درهم شهرياكما هو الشأن في برنامج الاتحاد الاشتراكي! وعود أظهر اللهيب الذي اشتعل في الأسعار إخلافها للموعد، وكشف فشل جولات الحوار الاجتماعي عمق أزمة المصداقية التي تعرفها حكومتنا. المركزيات النقابية هذه السنة، ستحمل معها ثلاث ملفات جديدة، ملف الماضي المثقل والذي لم تستطع الحكومة أن تبذل أي جهد من أجل تسويته، والملفات الجديدة القديمة التي تحينت بفعل الزيادة المهولة في الأسعار وجمود الأجور، وملف جديد سيطرح أول مرة، وهو حياة العامل وشروط سلامته، بعد محرقة معمل ليساسفا وحريق معمل النسيج بالبرنوصي في الدارالبيضاء. فاتح ماي هذه السنة، لن يعرف فقط الشعارات المنددة بالسياسة الحكومية التي تزيد الطبقات الفقيرة فقرا، وتدفع بالطبقات الوسطى إلى التهاوي، ولكنها ستكون مسيرات مدوية، ترفع النعوش على الأكتاف، وتقرأ الفاتحة على الشهداء، وتعد العدة لمرحلة فاصلة من النضال على الواجهة الاجتماعية.