بلغ عدد الناجين من محرقة معمل الأفرشة بالمنطقة الصناعية بحي ليساسفة بالدارالبيضاء، الذين أحيلوا على خلية من الأطباء النفسيين من مصلحة الأمراض العقلية بابن رشد، 27 مصابا كان المستشفى الحسني بالحي الحسني قد استقبلهم مباشرة بعد حادث المحرقة قبل أن يغادروه بعد تلقيهم العلاجات الضرورية فيما تم الاحتفاظ ب 7 منهم إلى اليوم الموالي للحادث. وقال الدكتور رشيد فرحات، واحد من الأطباء النفسيين الذين تكفلوا بتشخيص الحالة النفسية للمصابين بعد حادث المحرقة، إن معظم المصابين يعانون من اضطراب نفسي حاد غالبا ما يتسبب في فقدان النوم أو النوم المتقطع ومشاهدة أحلام مزعجة مصحوبة بحالة خوف شديد، فيما 3 من المصابين حالتهم النفسية جد متدهورة ومازالوا لم يستقيظوا من هول الصدمة. وحسب الدكتور فرحات، فهؤلاء المصابون الثلاثة يعيشون حالة من التيه ولم يستعيدوا بعد وعيهم بالمحيط من حولهم. ويعزو الدكتور فرحات سبب هذه الحالة النفسية من التيه إلى أن البعض منهم يشعر بوخز ضمير قوية لأنه لم يتمكن من إنقاذ بعض زملائه من نيران الحريق، كما يقضي بذلك الواجب. وهكذا تستوطن المصاب هواجس كلها لوم وعتاب واحتجاج على الذات. وحذر الدكتور فرحات من ظهور مرض مزمن يسمى اختصارا (P.T.S.D) وسط الناجين من حريق معمل الأفرشة، وهو مرض نفسي مركب ومعقد لا يظهر إلا بعد 3 أو 4 أشهر من حادث مفجع. أما عن أعراض هذا المرض، فيحددها الدكتور فرحات في استسلام المصاب إلى أفكار لها علاقة بالحادث ومشاهدة أحلام مزعجة مصحوبة بحالة خوف شديد، وأحيانا يشعر بأنه وسط الحادث. وقد يتطور الأمر، حسب الدكتور فرحات، إلى مضاعفات خطيرة تبدأ من حالة الاكتئاب وتنتهي بالإدمان على المخدرات إذا لم يخضع المصابون إلى العلاجات النفسية الضرورية. وليس هؤلاء ال27 من المصابين الذين عرضوا على أطباء مصلحة الأمراض النفسية بابن رشد كلهم من عمال معمل «روزامور»، وإنما هناك بينهم نساء من عمال بعض الشركات المجاورة، أصبن باضطراب نفسي بعد أن عاين عن قرب ألسنة النيران تلتهم أجساد العاملين أو عاين بعض العاملين يقفزون من طوابق عليا من بناية المعمل. إلى ذلك، قال عبد الرحمن السليماني مدير المستشفى الحسني إن المستشفى استقبل بعد حادث حريق معمل الأفرشة بحي ليساسفة 33 مصابا بينهم 3 حالات توفوا في منتصف الطريق ليتم نقلهم إلى مستودع الأموات «الرحمة»، فيما تم إحالة 6 حالات على مراكز استشفائية أخرى لاستكمال العلاجات الضرورية، غير انه تم الاحتفاظ ب7 حالات غادروا المستشفى في اليوم الموالي للحادث. وحسب السليماني، فمعظم المصابين الذين استقبلهم المستشفى لم تكن إصاباتهم خطيرة لانهم تمكنوا من النجاة من ألسنة النيران، لكن حالاتهم النفسية كانت جد سيئة ولهذا تم تجنيد خلية من الأطباء النفسيين من مصلحة الأمراض النفسية ببن رشد، الذين حلوا بالمستشفى وقاموا بتشخيص حالات المصابين طيلة يومين متتابعين. وقال السليماني إن هذه الخلية من الأطباء النفسيين سيكون مهمتها متابعة الحالة النفسية للمصابين، فيما سيبقى قسم المستعجلات بالمستشفى الحسني مفتوحا للمصابين في انتظار أن يستكملوا العلاجات الضرورية. من جهة أخرى، علمت «المساء» من مصدر مطلع أن الضابطة القضائية بكوميسارية الدار الحمراء بالحي الحسني استدعت، أمس الإثنين، كل الناجين الذين كانوا يرقدون بالمستشفى الحسني. وبينما لم يتسرب أي خبر حول دواعي هذا الاستدعاء، رجح واحد الناجين وهو في طريقة إلى الكوميسارية أن يكون سبب الاستدعاء هو فتح تحقيق مع هؤلاء الناجين لمعرفة ملابسات حادث الحريق وتجميع أكبر عدد من المعطيات حوله، قبل أن يتابع قلائلا «لا نعرف لماذا تم استدعاؤنا وغالبا ما سيكون هذا الاستدعاء له علاقة بالتحقيق في ملابسات الحريق».