وعد وزير الداخلية، شكيب بنموسى، بفتح تحقيق شفاف معمق حول حادث الحريق الذي قتل صباح السبت الماضي 55 عاملا في مصنع للمفروشات. وقال بنموسى إنه، استنادا إلى هذا التحقيق، سيتم اتخاذ جميع التدابير الضرورية لتفادي تكرار ما حدث. هل نسي السيد شكيب بنموسى أن وزارته متهمة بالتقصير في مراقبة شروط العمل في المصانع؟ وهل نسي أن مبدأ العدالة ينص على الفصل بين الخصم والحكم؟ إن وزارة الداخلية ووزارة الشغل ووزارة الصحة والوقاية المدنية ووزارة الإسكان وقطاعات أخرى هي التي تعطي تراخيص البناء واستغلال المصانع، علاوة على مسؤوليتها في مراقبة الشروط القانونية لمزاولة المهنة. فكيف يتصور السيد بنموسى أن لجان الوزارات المكلفة بالتحقيق ستدين نفسها؟ إن هذا العبث هو الذي قاد وسيقود إلى كوارث أبشع من تفحم 55 مواطنا فقيرا ومهمشا في الدارالبيضاء، التي أصبحت جل مصانعها غير خاضعة لأية رقابة، سواء من جهة ظروف العمل وساعاته، أو من جهة الأجور الهزيلة التي يستعبد العمال مقابلها. إن النيابة العامة الموجودة تحت تصرف وزارة العدل مطالبة بفتح تحقيق في الأسباب المباشرة وغير المباشرة للمحرقة، والوقوف على كل الملابسات التي تحيط بالحادث قبل وقوعه وأثناء وقوعه، إن القضاء مدعو إلى أن يلعب دوره في تطبيق القانون وحماية أرواح الناس وصيانة كرامتهم. إن حاجة المغاربة إلى الشغل لا تبرر استعبادهم من قبل «تجار الدم» الذين يستغلون وفرة اليد العاملة وضعف النقابات وتواطؤ السلطة لكي يعبثوا بحياة المواطنين. عندما امتدت يد وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري إلى «رجال الأعمال» في حملة التطهير الظالمة سنة 96، خرج الجميع يندد بالظلم وبانتهاك حقوق الإنسان، بل أكثر من هذا، عمد لوبي رجال ونساء المال والأعمال إلى الانتقام من الدولة عن طريق وضع مدونة جمركية جديدة وقوانين جديدة «تشجع» على الجريمة الاقتصادية وتضع ألف حاجز قبل الاقتراب من الأيادي غير النظيفة. اليوم الفقراء والمهمشون والضعفاء لا صوت لهم في الدولة كما في الحكومة، في البرلمان كما في النقابات، يدافع عن حياتهم وحقوقهم التي تهان يوميا في المصانع... إن استرخاص الحياة لعب بالنار وتشجيع على قانون الغاب.. إن كان في الغابة قانون أصلا...