لم يخطر ببال رئيس فريق نهضة الكارة وهو يلتهم المسافات في اتجاه عاصمة قبائل لمذاكرة من أجل حضور أمسية تأبين، أنه يسير نحو قدر دامي ويسارع إلى مصير خارج الحسبان. بدأ المدعوون يغادرون البيت الراقد في حي البلوك الشعبي، كانوا ينسحبون بهدوء وهم يلتمسون من والدة الفقيد التسلح بما تيسر من صبر، وفي رصيدهم تعبئة مضاعفة من الدعاء الصالح الذي وزعه قبل لحظات مرتلون متطوعون في إطار المساعدة الروحية، لكن أحد المعتوهين انسل فجأة وسط زحمة نقاش كروي وطلب من رئيس الفريق منحه فرصة للعب للرجاء والاحتراف بنادي خليجي، واجه الرئيس الملتمس الأحمق بابتسامة وحاول استكمال الحديث على مستجدات النزاع القائم مع الفريق البيضاوي حول مستحقات النهضة من قضية سفيان العلودي، إلا أن الشاب الذي تبدو على محياه أعراض الاختلال قاطع الرئيس في إطار نقطة فوضى، وألح على ضرورة احترافه العاجل خارج الكارة بعد أن لمس في نفسه القدرة على التحول من تشكيلة المعتوهين إلى تشكيلة المحترفين، حاول تأكيد جاهزيته بحركات إحماء أمام بيت يلفظ ما بداخله من معزين. ارتفعت وتيرة النقاش وتبين أن الشخص غير المرغوب فيه يمارس البريسنغ الكلامي على الرئيس والمتحلقين حوله، قبل أن يأخذ الحوار منحى مسلحا بعد أن استل الشاب سكينا ووجه طعنة غادرة لرئيس الفريق الذي لم يكن ينتظر هجوما مرتدا بتلك الخطورة، بل إن الحاضرين عجزوا عن فهم ما يحصل ليكتشفوا أن الأمر جد لا هزل فيه وأن العرض تحول إلى جريمة ضد معلوم معتوه. نقل رئيس الفريق على وجه السرعة إلى مستشفى الرازي وهو بين الحياة والموت، حيث وضع في غرفة العناية المركزة، بينما ظلت السيدة المكلومة تضرب كفا بكف خوفا من نكبة مضاعفة، من حسن حظ الرئيس أنه ينتمي للهيئة الصحية وأن اسمه معلوم بين زملائه الذين بذلوا جهدا كبيرا لإنقاذ رئيس الفريق من موت محقق. باشرت السلطات الأمنية بحثها وألقي القبض على الجاني الذي كرر رغبته في السير على خطى العلودي، وتبين للمحكمة أن الفاعل نصف عاقل ونصف معتوه، فحين قرر الفرار فإنه اختار القرار الذي يمكن أن يلجأ إليه «الأسوياء» لكن حين أعاد أمام المحققين رواية الاحتراف اختلطت الأوراق. قدر الفرق التي تحمل تسمية النهضة أن تعيش وضعا يؤكد بأنها اسما على غير مسمى، فنهضة الكارة وجارتها نهضة سطات ونهضة بركان والنهضة البيضاوية وغيرها من «النهضات» المكلومة تقضي لحظات عسيرة في غرفة الإنعاش بمختلف البطولات، تنتظر «السيروم» والحقن التي تمدد عمرها وتؤجل وفاتها. ليس رئيس الكارة هو المسؤول الوحيد الذي تعرض لاعتداء دامي، فقد تعرض رؤساء فرق كبرى لغارات كادت أن تحولهم إلى جثث هامدة في ملاعب الكرة، نذكر بكثير من القلق ما حصل قبل سنوات للأب الروحي للوداد عبد الرزاق مكوار في ملعب البشير بالمحمدية، كان ضحية غارة من «محبي» النادي سقط إثرها مغمى عليه وحين استفاق وقع بيدين مكبلتين بأنابيب «السيروم» استقالة لا رجعة فيها. الاعتداء ليس بالضرورة داميا لكنه يأخذ أشكالا أخرى من قبيل التنكيل النفسي، مما يفرض على الجامعة التفكير في تأمين على الحياة للمسيرين المهددين بالانقراض، فصدقة في المسؤولين أولى.