اعتبر الطاهر بنجلون في معرض حديثه في لقاء مفتوح نظمه بيت الشعر ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب أن الثقافة المغربية تحتاج إلى دعم كبير على المستوى المادي والمعنوي وأنه آن الأوان للاستثمار في القطاع الثقافي وتحويله إلى قطاع منتج كما تحدث عن تجربته الشعرية والروائية معتبرا أن الذي لا يملك مشروعا ثقافيا محكوم عليه بالفشل قال الطاهر بنجلون، في اللقاء المفتوح الذي جمعه بجمهور معرض البيضاء للكتاب، إن الشعر بالنسبة إليه ضرورة وجودية وضمان للحد الأدنى من الحق في الحرية وفي الكرامة وأشار إلى أنه يستحيل على جنرالات الحرب أن يكونوا شعراء حتى وإن نظموا بعض الأبيات، لأن الشعر لا يدخل في صميم عملهم وليس بالنسبة إليهم ضرورة وجودية بقدرما هو ترف. وتحدث بنجلون، الذي كان يلبس «سبور» في أناقة واضحة، عن أهمية الشعر في حياته، بينما كانت وزيرة الثقافة ثريا جبران في المقدمة تنصت إلى الروائي الذي يزاحم الفرنسيين في المعترك الباريسي. وفي الوقت الذي كان فيه بنجلون يتحدث عن ديوانه «حديث الجمل»، الذي كتبه سنة 1975 دفاعا عن القضية الفلسطينية وإشارة إلى أهمية هذه القضية في النسيج العام العربي، ومنها النسيج الإبداعي، دخلت القاعة خديجة أسد رفقة زوجها عزيز سعد الله، المهاجران «الكنديان» الغاضبان على الوضع الفني في البلاد، من أجل مؤازرة «زميلهما» الفرنسي في هذا اللقاء المفتوح. على صعيد آخر، وجه بنجلون ما يشبه النصيحة إلى الوزيرة الجالسة في الصف الأمامي حين قال لها إنه ينتظر منها الكثير لكي تفعله من أجل الثقافة المغربية ومن أجل الكتاب المغربي، مشيرا إلى أن أهم مشروع للوزارة يكمن في جعل المغاربة ينخرطون في الحياة الثقافية، وقال إن المال موجود ولا يشكل عائقا أمام الدفع قدما بالمشروع الثقافي المغربي، مادامت الأهداف واضحة. ولم يفصل بنجلون في المشروع الثقافي الذي يقصده، ولكنه اعتبر أن الثقافة هي المدخل الأساسي لتجاوز التحديات المطروحة على المجتمع المغربي. من جهة أخرى، أشار بنجلون في معرض حديثه إلى أن الشعر القديم قد أثر كثيرا على مخيلته الشعرية، وبالتالي صاغ منظوره الفني والجمالي حتى وهو يكتب بالفرنسية، ودافع عن أهمية الصدق في التجربة الإبداعية، معتبرا إياه القنطرة التي توصل إلى القراء، ومؤكدا على مقولة ظل يرددها طوال اللقاء وهي أن الشعر طريقة للوجود في العالم، مانحا عدة تعاريف للشعر من بينها أن الشعر هو رياضيات المشاعر. وقال أستاذ الفلسفة: «لست فيلسوفا حتى وإن تضمنت نصوصي الشعرية بعض التأملات الشعرية، وحتى وإن كنت قارئا للنص الفلسفي»، واعتبر أن الخميرة الأساسية التي تجعل تجربته الشعرية والإبداعية ذات مدى كبير هي خميرة التجربة الحياتية التي تخلق منها وتخلقت منه. وتحدث بنجلون عن معاناته الفردية ومعاناته كجيل ستيني تواق إلى الإنعتاق والحرية، تلك التجربة التي وصمت جيلا بكامله ومرحلة ماتزال تلقي بظلالها على المغرب المعاصر، ومن تلك المعاناة انبثق الشعر كجرح فردي وكغناء جماعي يعبر عن الذات الجماعية. ربما تلك الآلام الباطنية التي تحدث عنها بنجلون هي التي دفعته اليوم إلى الالتفات إلى جانب مهم من الثقافة العربية، وهي ثقافة المقموعين في الأرض، حيث عاش تجربة في الكتابة مع التشكيلي المغربي فؤاد بلامين، حينما عملا معا على نصوص الحلاج. وهي التجربة التي اعتبرها تجربة في العمق الإنساني والثقافي وفي إعادة اكتشاف تجربة إنسانية مبدعة عاشت على تخوم الخطر ودفعت الثمن غاليا من أجل الوفاء لنظرتها إلى العالم. لقاء بنجلون عن تجربته الشعرية يأتي في سياق تقديم أسماء من الثقافة المغربية في معرض الكتاب، وفي الوقت الذي كان فيه بنجلون يتحدث عن الشعر وعن دور المثقف المغربي اليوم، كان الكاتب والناقد المغربي محمد برادة يقدم كتابه الجديد واقفا في رواق وزارة الثقافة، بينما كان لقاء آخر يجري مع فاطمة المرنيسي، وتلك هي التي الزحمة التنظيمية التي أضاعت الكثير من ألق هذه اللقاءات.