بعد أسابيع من تحذير والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري الحكومة من مغبة تقديم أي تنازلات مالية في جلسات الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية، طفت على السطح أخبار بشأن زيادات مهمة في أجور ورواتب السفراء والكتاب العامين للوزارات والمدراء المركزيين، وهو الأمر الذي أثار استياء المركزيات النقابية. وانتقد عبد القادر الزاير، الرجل الثاني في الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، مثل هذه الزيادات، واصفا إياها ب «العشوائية». وقال عبد القادر الزاير في اتصال مع «المساء» صباح أمس: «نحن كنقابة عمالية مع الزيادة للجميع، ولكن الأولوية التي تحتمها الظروف المعيشية وغلاء الأسعار يجب أن تعطى للطبقات المسحوقة». وأوضح قائلا «كيف يمكن لعامل يحصل على 2000 درهم أن يواجه متاعب الحياة اليومية»، مضيفا أن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل تطالب بالعدالة في توزيع الخيرات وتحارب الفوارق الكبيرة في الأجور في المغرب، إذ تصل هذه الفوارق إلى 1 على 100، في حين أنها لا تتجاوز في الدول الأوربية 1 على 6. وتعليقا على ما قاله مؤخرا والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري بشأن تحذير الحكومة من مغبة التنازل للنقابات العمالية في الحوار الاجتماعي الذي تقاطعه الكنفدرالية، قال الزاير: «كلف فقط بالحديث عن الصغار وليس عن الكبار». ومن جهته، قال محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في اتصال مع «المساء» صباح أمس الأحد، إن المشكل ليس في مبدأ الزيادة في أجور السفراء والكتاب العامين أو حتى الوزراء، لأن هذه الزيادات لا تعني أن ميزانية الدولة لا يمكنها في حالة إقرار هذه الزيادات، أن تستجيب أيضا لما أسماه «المطالب الموضوعية» للمأجورين والموظفين. وأوضح محمد يتيم أن المشكل يكمن في رمزية تلك الزيادات والإيحاءات التي تقدمها الحكومة من خلالها، وقال: «عندما تقدم إجراءات ضريبية محفزة الشركات، وتدعم بعض القطاعات، وتقدم الهدايا الجبائية لبعض القطاعات، وتقرر أيضا الزيادة في رواتب الموظفين السامين، فإن الحكومة تقوم من الناحية الرمزية في الزيادة من مشاعر الاحتقان والغضب». وأضاف يتيم أن ما يهم الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب هو «المطالب الموضوعية للعمال» التي يجب أن تتعامل معها الحكومة بمنطق اقتصادي يرتكز بالأساس على دعم القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية الضعيفة والمتوسطة، بدل اعتماد مقاربة أسماها «محاسباتية مالية». ومن جهته، قال حميد شباط الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب في اتصال مع «المساء»، إن الاتحاد سيدافع خلال الحوار الاجتماعي الذي من المقرر أن ينعقد يوم 26 أكتوبر الجاري عن مطلب الزيادة في الأجور بنسبة 20 في المائة، حتى تتناسب مع الزيادات الأخيرة في الأسعار. وقال شباط «إذا كان والي بنك المغرب قد حذر الحكومة من أي تنازلات للنقابات العمالية، فذلك شأنه، نحن سندافع عن مطالبنا في الزيادة في الأجور من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعي»، مضيفا أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب دعا أيضا إلى تخصيص 20 ألف منصب شغل سنويا من أجل حل مشكل العاطلين عن العمل. وأشار شباط قائلا «نحن لسنا ضد أية زيادة لأي إطار من الأطر، ولكن نريد أيضا أن تقوم الحكومة بزيادة محترمة في أجور العمال والموظفين الصغار، زيادة توازي أو تفوق الزيادات الأخيرة في كلفة المعيشة والأسعار».