«هاذ الناس تيفتشو على جوا منجل»، بهذه الكلمات علق محمد نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على التحذير الذي أصدره والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، خلال ندوة عقدت بكلية الحقوق بالدار البيضاء، الأسبوع الماضي، حول موضوع «المغرب أمام الأزمة وما بعد الأزمة»، بخصوص مطلب رفع الأجور الذي ترفعه المركزيات النقابية. وقال الأموي في اتصال مع «المساء» : «مثل هذه التصريحات تشي بأن العديد من أطر الدولة ومسؤوليها يجهلون أبسط مبادئ الاقتصاد، وأن منهم من يحاول أن يتجاهل تلك المبادئ تنفيذا لتوجهات بعض الجهات وخدمة مصالح بعض المقاولات المحلية والدولية»، مضيفا: «هناك أكاذيب وادعاءات باطلة ومغالطات يحاول البعض الترويج لها، فعدم الزيادة في الأجور من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كارثية ويسهم في زيادة البطالة وتدني الاستهلاك، في حين أن الاستجابة لمطلب النقابات بتحسين الأجور سينعكس إيجابا على التنمية». وكان والي بنك المغرب قد أعاد تحذيره للحكومة من مغبة رفع الأجور تحت ضغط الحوار الاجتماعي، على اعتبار أن الاستجابة لمطلب الزيادة الذي ترفعه المركزيات النقابيات ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني على المدى البعيد، مطالبا النقابات بالتحلي بالموضوعية والروح الوطنية. وتساءل الجواهري في تدخله: «لماذا لا تضع هذه النقابات الإنتاجية على طاولة البحث في أجندتها كما هو الحال لدى النقابات في دول أخرى؟»، مشيرا إلى أن النقابات في دول عدة قبلت بتنازلات عدة للحفاظ على هذه المناصب، وعيا منها بالظروف الاقتصادية التي تعاني منها بلدانها. من جهته، عبر محمد يتيم، الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن رفضه التام لتصريحات الجواهري، محذرا من أن انسياق حكومة عباس الفاسي وراء مثل هذه الدعوات من شأنه أن يسهم في زيادة التوتر الاجتماعي والاحتقان. وقد أبدى يتيم استغرابه من مطالبة الجواهري المركزيات النقابية بالتحلي بالموضوعية والروح الوطنية، وقال: «إقحام الروح الوطنية في هذا السياق لا معنى له، لذلك نستغرب أن يربط والي بنك المغرب بين التمسك بالمطالب العادلة للشغيلة والتمسك بها و بين هذه الروح، كما نبدي استغرابنا من تحذيره للحكومة من الزيادة في الأجور، في وقت كان عليه أن يحذر الحكومة من الانفجار الاجتماعي وانعكاساته على الاستقرار. إن والي بنك المغرب يصدر في مواقفه عن منظور محاسباتي تقنوقراطي ضيق»، مشيرا إلى أن الزيادة في الأجور من شأنها تعزيز القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة التي انحدرت إلى قاع الهرم الاجتماعي، وتعزيز الاستهلاك والطلب الداخلي. إلى ذلك، وصف سعيد صفصافي، القيادي في الاتحاد المغربي للشغل، تصريحات الجواهري بأنها «ليست بالغريبة عن السيد الوالي الذي أصبح يفضل الحلول السهلة لمواجهة الإشكالات الماكرواقتصادية على حساب ما هو اجتماعي وجيوب المأجورين وبسطاء المواطنين»، مشيرا إلى أن «المسؤول الأول عن البنك المركزي بموقفه هذا يصطف إلى جانب الحكومة في مواجهة النقابات والتهييء بشكل مسبق للرد الحكومي حول الرفع من الأجور والترقية الاستثنائية». وقال صفصافي: «نطالب الجواهري بأن يتحلى بالقليل من الموضوعية للحديث عن الأسباب الحقيقية للأزمة بالمغرب، وأن تكون له الجرأة الكافية للحديث عن لوبيات استنزاف المال العام والتملص الضريبي الذي يحرم الخزينة العامة من ملايير الدراهم سنويا والإعفاءات الضريبية التي تذهب إلى جيوب الأغنياء وأجور كبار البيروقراطيين التي تستنزف ما يزيد عن %14 من الكتلة الأجرية في القطاع العام».