حينما يسمع الجمهور المغربي «حتى فات الفوت» يتذكر الصوت الشجي للمطربة ماجدة عبد الوهاب، وحينما يسمع هذا الاسم يتذكر تلك الفنانة التي رحلت في أوج شهرتها.. إنها ماجدة التي منحت، بعد «ياك أَجرحي» لنعيمة سميح، إحدى أجمل الأغاني العاطفية المغربية الأصيلة. ومن المفارقات الغربية لهذه الأغنية أن يقول الملحن الرقيق الراحل علي الحداني في كلماتها وكأنه يتحدث عن مصير المطربة: «وايلي حتى فات الفوت عاد سولني كيف بقيت ليه الحمد نجيت من الموت والصبر دواني وبريت... كل شي كيرحل ويفوت» الأغنية كما يعرف الجميع من خلال ما جاء في الحلقة الخاصة بها في برنامج «في البال أغنية» لصاحبه محمد أمسكان- كانت هناك علاقة خاصة بشأنها بين نعيمة سميح والراحلة ماجدة عبد الوهاب والملحن عبد القادر وهبي، إذ اعتبرت الأغنية -في رأي المهتمين- بمثابة الجزء الثاني من أغنية «ياك أجرحي» التي منحت نعيمة -بعد أدائها- الشهرة في المغرب والعالم العربي. عن أغنية «حتى فات الفوت»، التي تعد من أجمل أغاني الثمانينيات من القرن الماضي والتي حملت إلى عالم الشهرة اسم ماجدة عبد الوهاب، يقول عبد القادر وهبي، في تصريح ل«المساء»: «هذه الأغنية مازالت تحظى باهتمام التلفزيون المغربي والعربي، ومازال الجمهور يرددها رغم مرور السنين والأيام. هذه الأغنية -كما سبق لي أن ذكرت في تصريحات صحافية وإذاعية وتلفزيونية سابقة- كنت قد لحنتها لتؤديها الفنانة نعيمة سميح، إلا أن ظروفا حالت دون أن تؤديها هذه الأخيرة، فبعد نجاح أغنية «ياك أَجرحي» التي لحنتها لها، اشتهرت نعيمة، غير أن هذه الشهرة انعكست سلبا، للأسف، على شخصيتها، إذ بدأت تعاملني -رغم أنني كنت أنا من لحن لها الأغنية الأخيرة- بشكل أعتبره خاليا من الاحترم، إذ لم يعد هناك وجود لذلك التقدير الذي كان قائما أثناء تعاملنا في أغنية «ياك أَجرحي»، فغاب التبادل الفني بيننا، ورغم أن بعض الأصدقاء تدخلوا لمنح الأغنية لنعيمة سميح فإنها رفضت، فقدمنا الأغنية إلى المطربة ماجدة عبد الوهاب والتي تعاملت معها بشكل خاص». «فالمطربة الراحلة ماجدة كان لها تعامل أنيق مع الأغنية، وكانت لديها مخارج أصوات سليمة، فكنت تسمع صوتها فتجده صوتا نقيا. هذه المطربة كانت مجتهدة، وهذا الاجتهاد برز في كونها قامت بمجهود أعتقد أنه يتجاوز إمكانياتها الصوتية، لأن الأغنية لها تركيبات صوتية قوية وجمل موسيقية تفترض طاقة صوتية كبيرة، وأظن أن ماجدة عبد الوهاب وفقت إلى حد كبير في منح الأغنية الشحنة العاطفية والنفس الذي تحتاجه»، يقول عبد القادر وهبي. وأشار عبد القادر وهبي- في تصريح صحفي سابق- إلى أن «الأغنية لحنت على أساس أن تؤدى بصوت نعيمة سميح، ومن ثمة بقيت محتفظة بالأسلوب الغنائي المعروف لديها.. على إيقاع ما يسمى في المغرب ب«الحضّاري» على مقام «النكريز» ذي النغمات الشجية مع اقتباس مقطع من السمفونية الخامسة لبتهوفن في المقدمة الموسيقية للأغنية..». ولعبد القادر وهبي ذكريات أخرى مع أغنية «حتى فات الفوت»، يقول عنها: «هذه الأغنية قمت بستجيلها بسرعة، لماذا؟ لأنني كنت متخوفا من أن تضيع مني، إذ سبق أن وقع لي مشكل مع الملحن عبد العاطي آمنا، ذلك أني وجدت الأغنية لدى آمنا، فحاولت أن أقنعه بأن هذه الأغنية ملكي، وقد لحنتها ولدي شهود على ذلك، ولما أحسست بأن الضياع يتهدد الأغنية بادرت إلى تسجيلها في أول فرصة أتيحت لي، والحمد لله على أن هذه الأغنية نجحت وتوفقت فيها الراحلة ماجدة عبد الوهاب». نجاح ماجدة عبد الوهاب لم يدم طويلا، ففي سنة 1992 خطف الموت مبدعة «حتى فات الفوت» رفقة زوجها إثر حادثة سير مروعة، في الوقت الذي كتب فيه العيش لابنتها «سكينة». رحلت ماجدة عبد الوهاب، تاركة تحفة فنية مغربية تحمل عنوان «حتى فات فات» إلى جانب أغان أخرى عديدة، من بينها: «غني يا طير»، «بلادي».. كما سجلت أغنية «جاري يا حمودة».