كعادتها في كل مناسبة تسنح لها للقاء جمهورها العريض في شتى أنحاء العالم العربي, تتحف ماجدة الرومي المطربة اللبنانية ذات الصوت الشجي والمرهف جمهورها من عشاق الفن الرفيع بأغانيها البديعة على غرار ما صدحت به خلال حفل فني أقيم مساء الأربعاء بأبو ظبي. فعلى مدى حوالي الساعتين, تألقت الفنانة ماجدة الرومي على مسرح قصر الإمارات, في حفل نظمته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ضمن برنامجها (حفل الخميس الأخير من كل شهر), احتفاء بكبار نجوم الغناء والطرب في العالم العربي, مؤدية مجموعة من أغانيها الجميلة. تزاوج صوت ماجدة الرومي الأخاذ مع معزوفات الأوركسترا التي كان يقودها باقتدار المايسترو خالد فؤاد والتي شدت أحاسيس الجمهور الغفير بعزف مقطوعات إيقاعية غاية في البراعة سواء من خلال العزف الانفرادي أو الجماعي. وببراءة وعفوية طفلة, غنت ماجدة وتمايلت بفستانها الأبيض , على المسرح الكبير الذي زينته ديكورات ذات نقوش هندسية إسلامية, وتلاعبت بطبقات صوتها الرخيم, وبمشاعر جمهورها, وهي تنتقل بخفة فراشة بين إيقاعات موسيقية متنوعة وبين أغنيات عاطفية وأخرى وطنية, وبين أغنيات باللهجة العامية وأخرى بالفصحى من الشعر المنثور, في أداء مبهر ورائع. أنشدت ماجدة أغنيتها "يابلادنا مهما نسينا", من كلمات وألحان زكي ناصيف, وغنت "خذني حبيبي" من كلمات هنري زغيب وألحان نور الملاح, فتوفقت في جذب اهتمام الحضور اللبناني بالخصوص في أوساط الجمهور الذي أبى إلى أن يحيي فنانته المتميزة على طريقته الخاصة. بعد ذلك, أدت ماجدة أغنية "بالقلب خليني" وهي من كلمات نزار فرنسيس وألحان وتوزيع جان ماري رياشي, أعقبه أداء رائع لقصائد عربية شكلت مزجا غاية في السلاسة بين التراث اللبناني والموروث الغنائي العربي, تلتها أغاني "أحبك أن تغني" و"أحبك جدا" من شعر الراحل نزار قباني وألحان مروان خوري الذي غنت من كلماته وألحانه أيضا "غني للناس". كما قدمت أغنية "كلمات", وهي من شعر سعيد عقل وألحان إلياس رحباني, بإحساس دفين مرهف قابله الجمهور في لحظات متعددة بالتجاوب التلقائي والعفوي المصاحب بالتصفيق والاستح ولم تتردد ماجدة, في تلبية رغبات عشاق فنها من الحضور, حيث أدت رائعتها "اعتزلت الغرام", وهي من ألحان ملحم بركات, مسافرة بجمهورها العريض في بحر الكلمة المموسقة واللحن الجميل. فكأنما لتقول إن الفن الراقي باق وإن عكرت صفوه شوائب. ولم تتأخر ماجدة الرومي في العودة إلى ربيرتوارها القديم الذي يمزج بين الغناء العربي الأصيل وبين اللحن الموسيقي الجذاب, مقدمة أغنية "عم بحلمك يا حلم لبنان" التي غنتها في بداياتها الفنية, وتجاوب معها الجمهور طيلة أدائها لهذه الأغنية الحماسية الرائعة. ماجدة أو "طوق الياسمين" , كما يحب أن يسميها مواطنوها اللبنانيون, أنشدت وأطربت في ليلة ظبيانية خريفية, وفي رحلة سفر غنائي جميل في أقاصي الجمال والسحر والرقصات البديعة نشيد السلام والحرية والاعتزاز بالوطن. فكأنما ماجدة الرومي كانت حمامة سلام طردت الحزن من عينيها, ورقصت على إيقاع نسمات خريف أبوظبي بأناقتها المعهودة وسحرها الأخاذ ليستقبلها الجمهور الذي توافد على المسرح بكثافة لعله يظفر بمكان أقرب لمتعة هذا اللقاء الحميمي. وكانت ماجدة الرومي, التي سطع نجمها في عالم الموسيقى والغناء العربيين, ازدادت في بيت فني. فوالدها هو الموسيقار حليم الرومي الذي كان وراء بروز "أسطورة الغناء" السيدة فيروز قبل لقائها بالأخوان الرحباني. وتأثرت ماجدة منذ طفولتها بكبار الموسيقيين العرب أمثال محمد عبد الوهاب والسيدة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ واسمهان, وكان أول ظهور لها في برنامج (استوديو الفن) البرنامج الأكثر شهرة في لبنان, فأذهلت لجنة التحكيم بأدائها المتميز لأغنية "أنا قلبي دليلي" للفنانة ليلى مراد ومنحتها المركز الأول بتفوق. قدمت سنة 1975 أغنيتها الأولى "عم بحلمك يا حلم يا لبنان" ولفتت نظر المخرج المصري الراحل يوسف شاهين فقدمها بالرغم من صغر سنها في فيلمها الوحيد حتى الآن (عودة الإبن الضال) الذي حقق آنذاك نجاحا ملحوظا. ماجدة الرومي الحاصلة على شهادة البكالوريس في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية, والأم لبنتين .. هلا ونور دفوني, غنت للعديد من الشعراء والملحنين ودعيت لأغلب المهرجانات الفنية الكبرى في العالم العربي, وأطلقت عليها عدة ألقاب منها "ملاك الطرب العربي" و"مطربة المثقفين" للدلالة على تميز صوتها ورقي فنها.