ثمة ميل لدى مغاربة الخارج إلى تلميع صورتهم في بلد الإقامة أو التبني لما يتقدمون على هيئة أشخاص «ما يزعزعوش الدجاجة على بيضها»، مع العلم بأنهم لما يرجعون إلى المغرب لا يترددون في لبس جلدتهم المحلية والتعاطي «للّبونية» في الجوطيات أو «التخابيط» بالسطولة في الحمامات بالنسبة إلى النساء. الهدوء و«التباتة» في الخارج هما بالكاد محصلة لتربية الخوف والطاعة. لكن هذه السلوكات التي يمسح بموجبها المهاجرون الحيطان، ناتجة عن الخوف من السلطات الفرنسية، كانت مضاعفة «أيامات الزيار» في المغرب بالموقف الأبوي الزاجر للحسن الثاني. لم تكن عين النظام منصوبة على ناس الداخل وحسب، بل كانت تغطي ناس الخارج أيضا، والويل لمن لم يمثل المغرب أحسن تمثيل، وذلك ب«دخولو لسوق راسو». «تحويل العملة الصعبة وعدم الاختلاط مع النصارى» كان أحد الشعارات التي مررتها الوداديات المغربية في أوساط عمال المهجر. كان مغرب الرصاص هو الحاضر في المشهد الإعلامي الفرنسي، أما قضايا المخدرات والإجرام والتطرف فلم نكن نسمع عنها إلا في ما ندر، اللهم قضية عمر الرداد التي حولها الإعلام الفرنسي إلى ما يشبه «ستار أكاديمي» من الدرجة الساقطة. وبالتلاشي النسبي ل«الزيار» في البلاد وانبثاق جيل جديد من المغاربة المخضرمين، بدأنا نعاين، ولأسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية، انزلاق بعض من شرائح الجيل الثاني نحو ممارسات مشبوهة وعنيفة، مثل الاتجار في المخدرات والاعتداءات الجنسية والتطرف. وعليه، شرع المغاربة في فقدان امتياز صورة الأشخاص المهادنين، الطيبين، ال«حشوميين» التي راجت أو روجوها عن أنفسهم إلى وقت قريب. فبالاستناد إلى بعض الوقائع الأخيرة التي تورط فيها مغاربة في بعض الدول الأوربية، يمكننا القول إن «خوتنا»، مثلهم مثل غيرهم من المنتمين إلى باقي الجنسيات المهاجرة، يسرقون، يكذبون، وقادرون على الزج بأنفسهم في مخططات جهنمية. في بلجيكا، عاينا المغامرة البئيسة لعصابة مدينة بريج، التي انتهى شوطها الأخير في الريف المغربي باعتقال السكاكي وجوهر، الفارين من السجن بمساعدة البلجيكية ليسلي التي اختفت نهائيا. في الحادي عشر من غشت، سلمت السلطات الفرنسية نظيرتها المغربية، بطلب من المغرب، المدعو (أ-عزيز)، 31 عاما، والذي يعتبر أحد المتاجرين الكبار في المخدرات. وكان محط مذكرة بحث من طرف الأنتربول. كما اعتقل مواطن مغربي يحمل اسم حسن، كان يعمل رئيس فرقة في إحدى الضيعات لقطف العنب في الجنوب الغربي لفرنسا. أسند إليه رب الضيعة مهمة توظيف 18 فلاحا مغربيا لمدة ستة أشهر. لكن حسن «كان كيحسن ليهم بلا ماء»، إذ اشترط على كل عامل يوظفه أداء مبلغ 3000 أورو. وقد اتهمته العدالة بممارسة الرق في حق أبناء بلدته وجلدته الذين بلغت به الوقاحة درجة إرغامهم على بناء بيته. في بريطانيا، أفادت صحيفة «الدايلي تلغراف» بأن مواطنا من أصل مغربي يدعى عبد العالي، ناشط ومقيم في مقاطعة ويست يوركشاير بإنجلترا، وجهت إليه تهمة اغتصاب فتاة آسيوية وافدة من هونغ-كونغ للقيام بجولة سياحية-ثقافية في المنطقة. تعرف الناشط على الفتاة عبر موقع إلكتروني مخصص لمتطوعين من ذوي النيات الحسنة لضمان الاستقبال والمبيت المجاني للمسافرين. وقد استقبل الناشط ضيفته، البالغة من العمر 29 سنة، في شقته قبل أن يعتدي عليها جنسيا ويخضعها لإهانات جسدية. في إسبانيا، وضعت السلطات القضائية لمدينة مدريد، في الثاني عشر من شهر غشت، المغربي سعيد رحو، 27 سنة، تحت الإقامة المحروسة لاحتمال تورطه في التفجيرات التي شهدتها العاصمة الإسبانية في ال11 من مارس 2004. وهكذا، تأتينا يوميا من وراء البحار ومن كل فج أخبار لمغاربة «ما حمدوش الله» ونال منهم الطيش مبلغه، فوجدوا أنفسهم، في نهاية المطاف، في«لبنيقة». وكما يقول المثل: «حوتة وحدة تاتخنز شواري».