أخذت أسعار الدجاج بأسواق خنيفرة تتراجع شيئا فشيئا باتجاه حدودها الطبيعية وطاقة المستهلك، بينما عرفت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا ملحوظا ولأسباب عزاها بعض الجزارين إلى هيمنة الوسطاء و"الشناقة" على أسواق المواشي والأبقار، وميل بعض مربي المواشي إلى التقليل من تسويق الأغنام بغاية الإبقاء على تربيتها وتعليفها في أفق مناسبة عيد الأضحى المقبل، إضافة إلى هذا وذاك يتجلى واقع الركود التجاري. ويشار إلى أن سوق الدجاج بخنيفرة عرف التهابا بدرجة فاقت كل التصورات والتقديرات. والمؤكد أن الأمر أعاد إلى الأذهان، سيناريو الغلاء الذي عاشه هذا السوق عقب تنامي الإشاعات حول إصابة الدجاج بأنفلونزا الطيور، والمؤسف أن الغالبية الساحقة من العائلات التي استغنت عن شراء الدجاج وتوجهت إلى سوق السمك، حيث الأنواع الأكثر شعبية بالنسبة للمغاربة، ومنها السردين مثلا، وجدت هذا السوق هو أيضا "يغلي" فوق صفيح من الأسعار الملتهبة، وحدث ولا حرج لو فكر أحد من هذه العائلات في الالتفات نحو سوق اللحوم الحمراء الذي لا يزوره العديد من المسحوقين اجتماعيا إلا نادرا بفعل مظاهر غلاء المعيشة والفقر والهشاشة والراتب الهزيل والدخل المحدود، بالأحرى ونحن على أبواب حلول رمضان المبارك. أسباب ارتفاع سعر الدجاج تضاربت بصددها الآراء والتبريرات، فبينما يعزو المواطن الأمر إلى غياب المراقبة وعدم التحكم في محدودية الأسعار بغاية حماية القدرة الشرائية للمستهلك، يرى بعض باعة الدجاج أن قفزة أسعار الدجاج إلى ما هي عليه تعود بالأساس إلى مضاربات باعة الجملة، فيما ذهب آخرون إلى أن الأمر مرده محدودية العرض مقابل ارتفاع الطلب وتوقيف بعض الضيعات التي لا تتوفر على شروط التأهيل الصحي المنصوص عليها في المقتضيات قانون 49 /99، وبينما لجأ البعض الآخر إلى تعليق واقع السعر المرتفع بسوق الدجاج إلى دوافع أخرى لا تقل عن هيمنة المضاربين والوسطاء، أو ارتفاع سعر الكتاكيت والمواد العلفية التي تدخل في صناعة أغذية الدواجن، لم يختلف الباعة في الإجماع على أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الدجاج هو موجة الحرارة المفرطة التي تعرفها بلادنا، والتي نتج عنها نفوق الدجاج بالعديد من ضيعات تربية الدواجن، إضافة إلى ذلك يأتي الإقبال المتزايد على استهلاك الدجاج خلال فصل الصيف، حيث يتكاثر الضيوف والزوار بالتزامن مع عودة جاليتنا المقيمة بالخارج إلى أرض الوطن، وترتفع نسبة حفلات الزفاف والأعراس، وبالنظر إلى غلاء الدجاج لم يفت بعض المواطنين التأكيد على أنهم لاحظوا غياب الدجاج بأكثر الموائد، خلال الأسابيع الأخيرة من هذه السنة، وتم تعويضه إما ب"السفة" أو بالكسكس. ويتذكر الجميع يوم ظهر الوزير الأول إدريس جطو مرفوقا بعدد من وزراء حكومته على شاشات التلفزيون وهم يتناولون وجبة من الدجاج كإعلان رسمي /تطميني على سلامة الدجاج المغربي من الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور، بينما اليوم لم يظهر أي وزير في السوق للاطلاع على أسعار الدجاج، وحتى الكاميرا التي صورت وزيرنا الأول السابق لم تنزل هذه المرة إلى السوق لنقل قلق المواطنين وظروف أو ملابسات ارتفاع أسعار الدجاج بالصورة التي لا تعليق عليها سوى أن "الطيور هذه المرة أصيبت بأنفلونزا البشر"، علما بأن لحم الدجاج والبيض يعتبران من المواد الأساسية وأكثرها استهلاكا، وقد سبق لعملية إحصائية أن قدرت نسبة الاستهلاك في حوالي ستة ملايين ونصف المليون دجاجة كل أسبوع.