يحظى عيد الأضحى المبارك أو العيد الكبير كما نسميه في المغرب باهتمام وحرص للاحتفاء به وجعل المناسبة الدينية حدثاً ساميا للتكافل الاجتماعي والتضامن وصلة الأرحام. ولا يمكن الحديث عن العديد الكبير دون استحضار الأكباش باعتبارها محور المناسبة، ومؤثرا في الرأي العام قبيل العيد إذ تفسح له المجال للحديث عن الأسواق والأسعار والقروض، وما لا ينتهي من الموضوعات التي تدخل حديث المجالس في سجالات ومتاهات لاقتناء الأضحية ولوازم العيدوإذا كانت بهجة العيد لا تكتمل في الأسرة إلا باقتناء الأضحية، إلا أن المناسبة تصبح محكا حقيقيا لميزانية الأسرة التي تتحكم فيها أشكال متعددة للقروض (السكن، الاستهلاك،...) ومصاريف الماء والكهرباء والتطهير، وتكاليف المعيشة ... إذن، كيف للميزانية الهزيلة للسواد الأعظم من المغاربة أن تستقر على أرضية متينة، ومما يعقدها ويدخلها في عجز مستمر توالي المناسبات والأحداث و«المفاجآت» بدءاً من العطلة الصيفية والدخول المدرسي ورمضان والأعياد ولا يمكن لأمهر المحاسبين فك معادلة: الدخل المحدود أمام الحاجيات والمتطلبات المتوالية... وسط هذه الإكراهات وغيرها نتساءل عن كيفية استطاعة اقتناء الأضحية؟ وهل يعقل أن تتحكم المتاجر الممتازة و"الشناقة" في الأسعار؟ ومن المسؤول عن غلائها؟ ولماذا تحاول الأبناك استغلال المناسبة الدينية والعجز المادي للكثير من المواطنين لإدخالهم في دوامة القروض وتنتهز فرصة غياب قانون يحمي المستهلك؟ ومتى يصبح للمواطن وعي بأن تجليات المناسبة الدينية وغاياتها ليست في المباهاة بسعر الأضحية وشكلها وسلالتها (هذا سردي، أحسن من البركي، أو بني كيل...)؛ بل في إحياء السنة وإضفاء أجواء التراحم والتضامن بين المواطنين... كل هذه المحاور وغيرها بسطت للنقاش مع مهنيين في القطاع وجمعيات مدنية لحماية المستهلك ورصد ارتسامات المواطنين. عيد استثنائي من حيث الوفرة والجودة بدأت معالم عيد الأضحى المبارك الذي يحتفى به هذه السنة في الأيام الأخيرة من شهر نونبر الجاري، بعرض الكسابة ومنتجي اللحوم الحمراء للأضاحي التي يتم انتقاؤها على مدار السنة ل "العيد الكبير" حيث تغري الباعة بالجملة قبل عرضها في الأسواق ومحلات بيع الأضاحي بالكيلو. وأوضحت مصادر مهنية ل "العلم" أن ما يميز عيد الأضحى هذه السنة جودة الأضاحي ووفرة العرض وسلامة الأغنام من جميع الأمراض . وقال الدكتور عبد العزيز مرحبا رئيس المصلحة البيطرية بالرباط في تصريح ل " العلم" إن الموسم الفلاحي الجيد وتلقيح القطيع الوطني من الأغنام ضد طاعون المجترات الصغيرة في زمن قياسي بالإضافة إلى تسجيل حالات نادرة لنفوق الأغنام وانخفاض استهلاك هذا الصنف من اللحوم الحمراء، كلها عوامل مكنت من تحسين الجودة وعدد رؤوس الماشية، مضيفا أن الموسم الفلاحي الأخير أعفى مربي الأغنام من تكاليف إضافية لاقتناء الأعلاف والأدوية . وأكد الناصر عمر مهندس فلاحي وكساب بجهة الدارالبيضاء أنه بخلاف السنة الماضية التي عرفت خصاصا في الأضاحي ببعض المناطق نتيجة الاختلالات المسجلة في العرض والطلب ونفاد الأكباش في اليومين الأخيرين قبيل العيد فإن عيد الأضحى هذه السنة سيكون استثنائيا من حيث الوفرة مشددا على أن "الشناقة" والوسطاء يؤثرون بشكل مباشر في سعر الأضحية التي تعرف زيادات متتالية تنعكس على القدرة الشرائية للمواطن. وأضاف أن ما يتم تداوله من وجود سماسرة أو ما يصطلح عليهم بالشناقة والذين يساهمون بطريقة مباشرة في رفع الأسعار لا يوجدون فقط في قطاع تربية الماشية بل في قطاع البناء وقطاع الحبوب والخضر والفواكه... أولى مؤشرات أسعار هذه السنة من محلات بيع الأكباش بالأسواق الممتازة حيث تراوحت الأسعار في بداية الأسبوع الماضي ما بين 45 و49 درهم للكيلو/حي وهو ما يمثل زيادة 5 % بالمقارنة مع السنة الماضية. الأسعار تخضع للعرض والطلب يتذرع معظم الكسابة وحتى "الشناقة" والمصالح الرسمية بالقول إن ما يتحكم في السعر هو ثنائي العرض والطلب وهذا ما أكده بنمبارك الفنيري رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، وقال في تصريح للعلم إن ثنائية العرض والطلب تؤثر بشكل كبير في الأسعر وكذا الجودة والصنف وسن الأضحية والمناطق ومكان السعر والفترة التي تفصلنا عن العيد. وأوضح أن عرض رؤوس الأغنام بالأسواق المغربية ، بمناسبة عيد الأضحى لهذه السنة ، يفوق الطلب وأنه بفعل المردودية الوافرة للموسم الفلاحي الماضي، فإن العرض من رؤوس الأغنام سيصل إلى 6 ملايين رأس مقابل طلب في حدود 5 ملايين رأس. ويستفاد من بلاغ لوزارة الفلاحة والصيد البحري أن العرض المرتقب من الأغنام والماعز لعيد الأضحى يفوق الطلب، يقدر بحوالي 6.9 ملايين رأس، مقابل 5.1 ملايين رأس. ويتضمن العرض 3.4 ملايين رأس من ذكور الأغنام، و2.6 مليون رأس من الماعز وإناث الأغنام، اعتمادا على دراسة حول توقعات العرض والطلب من أضاحي العيد والماعز، أنجزتها الوزارة، بمساهمة المديريات الجهوية للفلاحة، في أهم مناطق تربية الأغنام والماعز، والجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز وتطابق رأي الوزارة مع آراء المهنيين حول أثمنة الأضاحي التي تختلف حسب الجودة والصنف وسن الأضحية، وكذلك حسب المناطق ومكان البيع والفترة الفاصلة عن يوم العيد . ويستفاد من الإحصائيات المسجلة في السنتين الأخيرتين أن مجموع قطيع الأغنام انتقل من 11 مليون رأس سنة 1981 إلى أكثر من 17 مليون رأس ، وأن وزن الخرفان البالغة 4 أشهر لم يكن يتجاوز11 كلغ سنة 1981، في حين أصبح يصل إلى 18 كلغ. ويساهم قطاع تربية الأغنام بنسبة 38% في الانتاج الوطني من اللحوم الحمراء وأن عدد الفلاحين الممارسين لتربية الأغنام في المغرب يتجاوز 550.781 فلاح. واللافت للانتباه أن استهلاك الفرد في المغرب للحوم لا يتعدى 4 كلغ في مقابل 40 كلغ/ للفرد في أوربا، رغم أن عدد رؤوس الأغنام في المغرب يتجاوز 17 مليون رأس موزعة بين الهضبة الوسطى (الشاوية والرحامنة وعبدة) ب 19%. والهضاب الشرقية (وجدة وفكيك وتازة وجرادة) ب 17% الأطلس المتوسط ب 5ر17% الأطلس الكبير ب 12% . سلامة الأضاحي من الأمراض وطمأنت الوزارة المواطن بسلامة الأغنام من الأمراض، وذلك _ حسب نفس المصدر _ بفضل حملات التلقيح ، خلال سنة 2009، والتي مكنت من تلقيح حوالي 23 مليون رأس من الأغنام على الصعيد الوطني، وحوالي 500 ألف رأس من الأغنام ضد مرض الجذري، وحوالي 40 ألف رأس من الأغنام ضد مرض اللسان الأزرق. وأخبرت الوزارة أن المصالح البيطرية ستنظم عمليات لمراقبة الحالة الصحية للأغنام والماعز بنقط البيع المرخص لها من طرف السلطات المحلية، وبرمجة مداومة بيطرية يوم عيد الأضحى. 7.2 مليار درهم.. ومما يجب الانتباه إليه جيدا في تقدير الوزارة للعرض من أضاحي العيد لسنة 1431 في فقرة خاصة بالانعكاسات الاقتصادية للعيد والرواج الاقتصادي الذي سيمكن من تحسين دخل الفلاحين والمربين، خصوصا في مناطق انتشار الأغنام والمناطق الرعوية. وحسب بلاغ وزارة الفلاحة والصيد البحري ، ينتظر أن يفوق رقم المعاملات التجارية 7.2 ملايير درهم، وسيجري تحويل مجمله إلى العالم القروي، ما سيساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية بهذه المناطق. فرحة الكسابة: وابتسم ميلود الطيبي ( كساب من المنطقة الشرقية) في سؤال للتعليق على رقم 7.2 مليار درهم ونصيبه منها قائلا: «الحمد لله على تربية الماشية... أملك حاليا أكثر من 800 رأس غنم في منطقة بني كيل الشرقية أنا متخصص في إنتاج الفحول التي يقارب الوزن لدى الكبار 70 إلى 90 كلغ/حي، واستطعنا الوصول إلى هذا المعدل بفضل مجهودات الدولة، و«الكسيبة مزيانة» والحمد لله درنا منها لا باس». وتعليقه عن السعر الذي تجاوز 45 درهما للكلغ/حي قال إن هناك أسباب متعددة، منها مضاربات الوسطاء الذين يؤججون أسعار الأكباش في عيد الأضحى. وفي نفس السياق قال محمد أمد (كساب من جهة الدارالبيضاء الكبرى) إن عيد الأضحى يعد مناسبة للرواج الاثتصادي في البادية، مبرزا أن الستة الفلاحية الجيدة والآثار الإيجابية لتلقيح المواشي من الأمراض لم تسجل إلا نسب محدودة لتفوق الأغنام هذه السنة بخلاف العام الماضي الذي وصلت نسب نفوق الأغنام إلى أكثر من 20% . أرقام ونسب: 38% نسبة مساهمة قطاع تربية الأغنام في الانتاج الوطني من اللحوم الحمراء 550.781 عدد الفلاحين الممارسين لتربية الأغنام في المغرب. 17 مليون رأس من الأغنام في المغرب موزعة على الهضبة الوسطى (الشاوية والرحامنة وعبدة) ب 19%. والهضاب الشرقية (وجدة وفكيك وتازة وجرادة) ب 17% الأطلس المتوسط ب 5ر17% الأطلس الكبير ب 12% سلالات الأغنام المحلية: بني كيل بوجدة، فجيج جرادة بولمان، تازة تيمحضيت: بأقاليم مكناس، ايفران بولمان، خنيفرة، بني ملال، أزيلال خميسات الحاجب. السردي بأقاليم سطات، قلعة السراغنة، بني ملال قلة السراغنة، بني ملال أبي الجعد بأبي الجعد وخريبكة وبني ملال. الدمان: بالرشيدية وورزازات بني يحسن. الرباط، قنيطرة طنجة