اتسعت دائرة الزواج المختلط في المغرب خلال السنوات الأخيرة، وأصبح فصل الصيف الفترة المناسبة لزيجات مختلطة تشهدها العديد من مدن المملكة، ويرى نور الدين حيار، النائب الأول لرئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية الدارالبيضاء، أن الإجراءات المتعلقة بالزواج المختلط في المغرب أصبحت تتضمن توفير مجموعة من الوثائق الجديدة تصادق عليها وزارة الخارجية المغربية. «تركز الإجراءات الإدارية على كفاءة الزواج التي تسلمها المصالح القنصلية للدولة الأجنبية إلى الخاطب، وتتم ترجمة جميع الوثائق إلى اللغة العربية قبل إيداعها لدى محكمة قضاء الأسرة»، وأضاف معلقا: «لم يعد فصل الصيف الفرصة المواتية لعقد هذا النوع من الزيجات، فنحن نستقبل في المحكمة العديد من الملفات طيلة أيام السنة، مما يؤكد مدى الإقبال الذي يعرفه الزواج المختلط في المغرب». وانتشرت ظاهرة الزواج المختلط بين أصحاب الجنسيات والأديان المختلفة وفق العديد من الإحصائيات، ويرى البعض أنه ذو طبيعة معقدة نظرا إلى وجود اختلاف في العادات والتقاليد خصوصا بعد إنجاب أطفال. وطفت على السطح العديد من المشاكل منها الاجتماعية ومنها الاقتصادية والقانونية، فالعلاقة الزوجية بين مغربية وفرنسي، أو مغربي وأمريكية، أو مغربية وإنجليزي، هي علاقة بين هويتين مختلفتين تثير مشاكل قانونية عدة، كثيرا ما تؤدى إلى الاصطدام والنزاع نتيجة اختلاف تربية ودين وتقاليد وعادات كل من الزوجين. ويظل من أهم أسباب فشل الزواج المختلط التباين الشديد في الثقافات والعادات والتقاليد، لأنه لا بد أن يصطدم الأزواج يوما بعادات أو تقاليد لا يمكن أن يستوعبها أحد الطرفين, وبذلك يكون ذلك بداية الشرارة التي تحرق الزواج وتدمره، ليستفيق الاثنان على واقع مرير وكابوس مروع ربما يعصف بحياتهما أو يغير مجراها. فبين هذا وذاك تظل العلاقة الزوجية تحمل ما تحمل من الأسرار ومن الخصوصيات والمعاني أيضا. تزوجت «غزلان» قبل سنتين بشاب فرنسي بعد أن تعرفت عليه في زيارة عمل قامت بها إلى باريس، وتوطدت العلاقة بينهما بعد عودتها إلى المغرب، ليقررا تتويج هذه العلاقة بالزواج. «اتفقنا على أن يعلن إسلامه ويلتزم بتعاليمه الدينية، وكان هذا الشرط حاسما بالنسبة إلي لقبول الارتباط به، ويبقى من أهم مقومات الزواج الناجح احترام المشاعر وتقديس العلاقة». تعترف «غزلان» بأن التقارب النفسي والثقافي بين الزوجين يرفع نسب نجاح هذه الزيجة المختلطة: «الزواج هو خلق وتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي ومحاولة صهر وإذابة كل الفوارق والاختلافات لتحقيق التكافؤ الاجتماعي والتعليمي والنفسي، لأن الزواج مسؤولية تستوجب الاستقرار المادي والمعنوي والنفسي كأهم دعامة وركيزة ينبني عليها هذا البناء, الذي إن صلح صلح المجتمع كله وإن فسد انهار وتلاشى المجتمع». وسجلت الإحصائيات التي أنجزها قسم قضاء الأسرة في الرباط مؤخرا حول الزواج المختلط بين مغاربة وأجانب، 334 حالة سنة 2003، تتوزع فيها جنسيات الأجانب على 34 دولة، منها 15 دولة عربية و11 دولة أوربية و7 دول إفريقية و6 دول أسيوية ودولتان من أمريكا الشمالية.