مع تنامي الهجرة و توسع إمكانيات الاتصال بين الشعوب و الدول عرف الزواج المختلط تزايدا مطردا بين مواطني مختلف بقاع العالم، والمغرب عرف بدوره الظاهرة التي تزايدت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، إذ تفيد إحصائيات لوزارة العدل انه تم خلال السنة الماضية عقد حوالي 6000رسم زواج بين مغاربة وأجانب من جنسيات مختلفة.. و يعرف الزواج المختلط بأنه الزواج الذي يكون فيه أحد الزوجين من جنسية تخالف جنسية الطرف الآخر، و قد يكونا مختلفي الديانة أو من ديانة واحدة. ونتيجة لهذا الوضع، يترتب عن الزواج المختلط آثار قانونية متميزة، هذا فضلا عن الإشكاليات الثقافية والاجتماعية التي تنعكس على الزوجين وعلى أبنائهما. ففي الزواج المختلط، يقع تصادم بين ثقافات أطرافه، وفي ظله تبرز اختلافاتهم النفسية والتربوية بحكم الفوارق بين تقاليدهم وعاداتهم وخلفياتهم الاجتماعية. كما أن الزواج المختلط يعاني وبشكل حاد من اختلاف الأنظمة القانونية لأطرافه وهو ما يتولد عنه إشكالات قد يصعب حلها. وإن كل هذا، يفرض على الزوجين في زواج مثل هذا، مواجهة جملة من الضغوط والأعباء، وتحمل مسؤوليات جسيمة، من أجل ضمان استمرار العلاقة الزوجية ، وإلا كان الفشل هو مصير هذا الارتباط المعقد. الجوانب القانونية للزواج المختلط: من الناحية القانونية، لا بد من توفر شروط معينة ليكون الزواج المختلط صحيحا. فمثلا يعتبر من موانع الزواج بالنسبة للمرأة المغربية المسلمة التزوج بغير مسلم، ولذلك يتعين على الأجنبي غير المسلم الذي يرغب في الزواج بها أن يعتنق الإسلام، كما لابد من استيفائه لشروط تتعلق بالإذن له بالزواج وفق مساطر محددة. وللإشارة فقد بلغ عدد رسوم زواج الأجانب و معتنقي الإسلام في المغرب سنة 2008 ما مجموعه 5994 رسم زواج حسب إحصائيات وزارة العدل المتعلقة بأقسام قضاء الأسرة. كما أنه قد يعقد مغربي زواجه على أجنبية خارج أرض الوطن وفق قواعد الزواج لبلد إقامته ويتعين عليه إتباع إجراءات من أجل تصحيحه. وهناك معضلة أخرى تتعلق بجنسية الأولاد المزدادين نتيجة زواج مختلط، إذ قد نصبح أمام أولاد مزدوجي الجنسية، كما أنه ووفق النظام السابق للجنسية المغربية فإن الأبناء المزدادين من أم مغربية وأب أجنبي لم يكن لهم الحق في الجنسية المغربية، وهو إشكال كان قائما وترتبت عنه عدة مآس خاصة عند وقوع فرقة بين الزوجين وتحمل الأم المغربية لحضانة أبنائها. وقد زال هذا الوضع بعد منح الجنسية المغربية للأبناء من أم مغربية وأب أجنبي، حيث تم تعديل قانون الجنسية الذي يعود لسنة 1958 وأصبح من حق هؤلاء الأبناء حمل الجنسية المغربية. التعديل الأخير لقانون الجنسية أنهى مشاكل عديدة كان يعاني منها أبناء الأم المغربية من زوج أجنبي.. ومن جهة أخرى فإن اختلاف الديانة يعد مانعا من الإرث، وهو ما قد يقع إذا كان طرف في الزواج مسلما وكان الطرف الآخر من ذوي الديانات الأخرى. وإذا تم تجاوز مثل هذه المشاكل القانونية، فإن مشاكل أخرى ترافق الزواج المختلط، وتشوب الحياة اليومية لأطرافه لاسيما من الناحية الاجتماعية. الجوانب الاجتماعية و الثقافية: الزواج ليس فقط اقتران شخصين ورغبتهما في العيش تحت سقف واحد، بل هو ميثاق ترابط وتماسك، وهو اجتماع و اختلاط عائلات بما يصاحب ذلك من تعارف وزيارات و تواصل بين أقارب الزوجين و في حالة الزواج المختلط نجد أنفسنا أمام بيئتين مختلفتين على مستوى العادات والتقاليد والأعراف و أحيانا على مستوى الدين والمعتقدات , فأسلوب العيش يختلف من بلد لآخر و نمط الحياة يتنوع حسب المجتمعات لذلك يجد الكثير من المتزوجين او المتزوجات بأجانب أنفسهم أمام مشاكل و عراقيل تكدر الحياة الزوجية و تجعلها مستحيلة في بعض الأحيان فالفرو قات الثقافية و الاجتماعية تبقى حاجزا صعب التجاوز إذ يتشبث كل طرف برأيه و يرى نفسه على صواب فلا يبقى مكان للتضحية هذا إذا علمنا أن الزواج المختلط لن يكون ناجحا إلا بتنازلات متبادلة . كما لا يجب أن نغفل ثمرات الزواج المختلط, فالأبناء يتأثرون بطريقة مباشرة بثقافة و تربية آبائهم ولكن في ظل وجود رؤى فكرية مختلفة بين أمهم و أبيهم لا يعرف الأبناء بأي تقاليد سيتشبثون و لا أي ديانة يعتنقون الشيء الذي يؤثر سلبا عليهم فيصبحوا الضحية الأولى لهذا الزواج خاصة إذا انتهى هذا الأخير بالطلاق . شهادات و تجارب 27سنة من الزواج أثمرت أربعة أبناء وانتهت بالطلاق السيدة خ.خ ، مغربية تقيم الآن في المغرب، وهي أم لأربعة أبناء من زوج أردني, انتهى بها المطاف بالطلاق بعد زواج دام أكثر من 27 سنة، سألناها عن تجربتها فأجابت: لم أتخيل يوما أنني سأتزوج برجل عربي غير ابن بلدي لكن عندما تعرفت علي زوجي السابق تعلقت به بشكل كبير وأحببته كثيرا. في البداية لم أجد صعوبات في التواصل معه بحكم وحدة اللغة و الدين، و أثناء فترة الزواج لم أر فرقا كبيرا بين سلوكه الشرقي و سلوك الرجل المغربي رغم بعض النزاعات التي كانت تنشب بيننا من حين لآخر بسبب اختلاف تقاليدي و طباعي عنه، لكن مع مرور السنين تزايد الخصام والعتاب و توترت علاقتنا بشكل كبير إلى أن و صلنا لطريق مسدود عندها أصبح الطلاق هو الحل الوحيد لتسوية الأوضاع. حقيقة الزواج المختلط معقدة للغاية و مسيرة صعبة جدا تتطلب عدة تضحيات و تنازلات يمكن أن تكون على حساب هوية أحد الطرفين لكن رغم كل هذا فأنا لست نادمة على زواجي الذي استمر أكثر من 27 سنة، ووهبني أربعة أبناء هم كل حياتي و أعزما أملك. سفيان شعبان سفيان( 21 سنة, طالب صحفي ) واحد من أبناء الزواج المختلط ,من أم مغربية و أب أردني انتهى بهما المطاف بالطلاق بحكم تجربة والدي يمكنني القول بأن الزواج المختلط هو زواج فاشل مائة بالمائة فمن المستحيل الجمع بين زوجين مختلفين في اللغة والتقاليد حتى و إن كان كلاهما من بلدين عربيين فالاختلاف يبقى دائما قائما.. عندما بلغت الثانية عشرة من عمري قررت أمي اصطحابنا للمغرب قصد الاستقرار فيه بشكل نهائي بينما بقي أبي بالأردن. قرار أمي هذا نبع من رغبتها في استرجاع عملها بالمغرب وكذلك لكي نكمل دراستنا في المغرب خاصة أن تكاليف المدارس و الجامعات بالأردن باهظة الثمن.. يضيف سفيان" أعوامنا الأولى بالمغرب كانت صعبة بالنسبة لي وكذا بالنسبة لإخوتي وأمي,أول شيء اصطدمنا به هو مشكل الدراسة فمناهج التعليم الأردنية مختلفة تماما عن البرامج التربوية المغربية كما شكلت اللغة الأجنبية الثانية "الفرنسية" عائقا ما زلت أواجهه لحد الساعة كما أن أمي هي من يتحمل أعباءنا و مصاريفنا و أقساط السكن الشيء الذي يثقل كاهلها و يتعبها كثيرا.. "تركت في الأردن أقاربي و أصدقائي و زملائي في الدراسة و مازلت أحتفظ بعدة ذكريات و مواقف لن أنساها ما حييت، ولكن رغم كل شيء أحمد ربي سبحانه على كل شيء كما أنني اكتسبت أصدقاء كثر،وتعلمت تقاليد جديدة (يختم كلامه ضاحكا ) أستمتع يوميا بوجبات أمي المغربية اللذيذة كما أعشق أطباق جدتي الرائعة . الزواج المختلط شيء عادي للغاية... سناء شابة تبلغ من العمر 22 سنة سألناها عن رأيها في الزواج المختلط فأجابت أرى بأن الزواج المختلط شيء عادي للغاية, فإذا وجد الانسجام بين الطرفين وأحبا بعضهما البعض من الطبيعي أن يتوج هذا بالزواج, شرط أن تكون وحدة الدين بالنسبة للنساء المسلمات. وأضافت في ظل التفرقة و العنصرية التي يعرفها عالمنا اليوم فإن الزواج المختلط يلعب دورا كبيرا في التقريب بين الشعوب و تبادل الثقافات كما يجعل الفرد يتقبل الآخر ويرضى بالاختلاف. الدين والتقاليد من أهم المشاكل المدمرة للزواج المختلط رشيدة مغربية مقيمة بالديار الإسبانية انفصلت عن زوجها الإسباني الصيف الماضي سألناها هي الأخرى عن تجربتها فأجابت منذ 10 سنوات هاجرت إلى إسبانيا لتحسين وضعي المالي و إخراج أمي من براثن الفقر استقريت بمدينة كاديث، و هناك اشتغلت في مقهى صغير. كان طليقي يتردد على المقهى يوميا, تطورت علاقتنا إلى أن طلب مني الزواج حينها ترددت كثيرا لسبب واحد و أساسي "ديانته" حاولت إقناعه باعتناق الإسلام, لكي يكون زواجنا شرعيا وبعد جهد كبير وافق وأسلم في أحد المساجد الموجودة بمدينة برشلونة.، في الأشهر الأولى من الزواج غمرتني سعادة كبيرة, كان طليقي يحترمني و يقدرني لكن بين ليلة و ضحاها تغير الوضع كليا ، وصرت أعيش في تعاسة كبرى خاصة بعد توتر علاقتي بأسرته التي لم تستلطفني يوما،, زيادة على هذا ارتداد زوجي السابق لدينه الأصلي. أمضيت أياما عصيبة رفقة طليقي الإسباني إلى أن قررنا الانفصال و ذهب كل واحد في حال سبيل . تتعدد التجارب و يختلف المصير ....