أعادت قضية خالد السكاح، البطل الأولمبي المغربي السابق، موضوع الزواج المختلط وانعكاساته إلى الواجهة. وإذا كان السكاح يعتبر أن حادث اختطاف طفليه من قبل السفير النرويجي وتسليمهما إلى مواطنته، لا علاقة له بالزواج المختلط الذي يعتبره بمثابة مزيج بين الحضارات والثقافات، وأن المغرب عرفه على مر التاريخ، فإن بعض المغاربة والمغربيات يعتبرون هذا النوع من الزواج هو سبب فشلهم في حياتهم الزوجية، في حين يرى آخرون أن الزواج المختلط ليس دائما فاشلا. خلال شهر غشت من كل سنة، تعود إيمان إلى مسقط رأسها بالعاصمة الرباط لقضاء عطلتها رفقة زوجها الأمريكي المسلم، الذي يحب المغرب كثيرا ويعشق عاداته وتقاليده. تزوجا عن اقتناع، لكنها بين الفينة والأخرى تراودها فكرة العودة إلى المغرب بصفة نهائية، لأنها أصبحت لا تطيق الغربة والبعد عن عائلتها الكبيرة. تتحدث بنوع من الحسرة قائلة: «لدي ثلاثة أطفال وزوجي يحسن معاملتي، لكنني في كل مرة أفكر في العودة لقضاء آخر أيام عمري ببلدي، وكلما فاتحته في الموضوع، يخبرني أنه يحب هو الآخر العيش في وطنه، ويذكرني أنني قبلت العيش معه منذ البداية، ويطلب مني استبعاد هذه الأفكار التي يصفها بالسوداء». إذا كانت إيمان قد نجحت في الزواج من أجنبي، فإن نساء تزوجن أجانب مسلمين، وكان مصير الارتباط الفشل، سواء كان الزوج أوروبيا أو عربيا، فسعاد التي تزوجت مواطنا إماراتيا بعدما تعرفت عليه عبر الشبكة العنكبوتية، وانتقلت للعيش معه بدبي، تركها مع والدته ورحل إلى بريطانيا للعمل هناك ليتزوج مغربية أخرى، تاركا سعاد رفقة طفليه تتجرع مرارة الخداع والخيانة على حد تعبيرها. تقول سعاد: «ما قيمة المال إذا لم يكن زوجي بجانبي؟ وما معنى أن آتي للمغرب لوحدي دونه كي أمضي العطلة، لأعود إلى بيت أمه بدبي، إضافة إلى أنني تحملت لسنوات سوء معاملته ومعاملة أسرته لي المتمثلة في ضربي وسبي وشتمي ,بقاموس من الألفاظ النابية» . لا تفكر سعاد في الطلاق لأنها تعتبر ذلك هزيمة وفشلا، خاصة أنها تحدت عائلتها الكبيرة للزواج من مواطن إماراتي. تطليق للغيبة اقترنت رحمة بفرنسي مسلم من أجل التخلص من شبح العنوسة، فأقامت حفلا متواضعا، ولم يكلف الزوج نفسه عناء توفير لوازم العرس كباقي الأزواج. لم يكن هدف رحمة الهجرة نحو أوروبا قصد تحسين وضعها المادي، بقدر ما كان هدفها السكن إلى جانب زوج «يمنحها» أبناء يحسنون إليها إذا ما بلغت من العمر عتيا. زار الزوج المغرب أربع مرات ليطمئن زوجته أنه يعد لها وثائق التجمع العائلي، غير أن «الرياح تجري بما لاتشتهي السفن»، إذ أن أخبار الفرنسي انقطعت وانقطع معها أمل رحمة في التمتع بحياة جديدة. تقول رحمة: «انقطعت أخبار زوجي بعدما غير رقم هاتفه المحمول، واتصلت ببعض أصدقائه الذين كنت أتوفر على أرقام هواتفهم، فأخبروني أنه بخير وأنه لا يعاني من مشاكل مادية أو معنوية. انتظرت سنة كاملة كي يصحو ضميره ويعود إلى المغرب ليصحبني إلى بلده أو يقوم بتطليقي رغم أنه لم يحدث أي خلاف بيننا. وجهت له العديد من الرسائل أستفسره عن مبررات انقطاعه لكن دون أن أتلقى أي جواب، فرفعت دعوى أمام القضاء المغربي». انتظرت رحمة سنتين ليفك «سراحها» لتنضم إلى قائمة المطلقات عن طريق التطليق اللواتي بلغ عددهن السنة الماضية 66 ألفا و958 مطلقة. زواج مسلم ظاهريا تزوجت حنان، مغربية منحدرة من إقليمسطات، شابا إسبانيا أعلن إسلامه شكلا قصد الحصول على وثيقة اعتناق الإسلام ليقترن بها، هي التي هاجرت سرا عبر قوارب الموت لتستقر بجنوب إسبانيا. لم تخف حنان ندمها على الزواج من شاب غير مسلم، لكن في الوقت ذاته تعتبر أنه أفضل بكثير من بعض الشباب المغاربة الذين لا يحترمون العلاقات الزوجية. تقول بانفعال: «كنت على علاقة بمغربي ووعدني بالزواج قصد الحصول على أوراق الإقامة، لكنني اكتشفت بعد ثلاث سنوات أنه كان يخدعني، إضافة إلى أنه كان يأكل لحم الخنزير والجيفة ويشرب الخمر، فهل هذا مسلم؟ على الأقل، زوجي كارلوس الذي غير اسمه إلى عبد الحميد ليتزوجني يحترم ديني ويشاركني صيام رمضان، فلا شيء ينقصه سوى الإسلام الفعلي». تعتبر حنان نفسها سعيدة لأنها تعيش حياة مطمئنة رفقة شاب يحبها ويحسن إليها، لكنها رغم ذلك تسعى إلى إقناعه بالإسلام. تحكي حنان ل«المساء» قائلة: «أبذل كل جهدي كي يصبح زوجي مسلما حقيقيا، لأنني أعرف أن زواج المسلمة بغير المسلم لا يجوز شرعا، لكنه يخبرني أنه يحافظ على دينه المسيحي لأجل والدته التي لا يريد أن يغضبها». لم تكن هذه الشابة لوحدها المتزوجة من شخص يعلن إسلامه ظاهريا، فالعديد من المغربيات يقبلن على هذا النوع من الزواج، حسب قول حنان، ومنهن من لها أطفال شبوا على المسيحية ولا تجد حرجا في ذلك، لكنها تؤكد على أنها لن تسمح بأن ينشأ أطفالها غير مسلمين. «شاد الوراق» هناك مغاربة يلجؤون إلى الزواج المختلط بأوروبا من أجل الحصول على وثائق الإقامة، لدرجة أن بعض المارة كلما شاهدوا مغربيا متأبطا ذراع امرأة أجنبية, خاصة إذا كانت تكبره سنا، يقولون «راه شاد في الأوراق». حالات عديدة لمغاربة تنكروا لزوجاتهم الأوربيات بعد حصولهم على الوثائق، فبدؤوا رحلة البحث عن «بنت البلاد»، والسبب، حسب قولهم، اختلاف في العادات والتقاليد. حكايات وقصص كثيرة حول صراع مغاربة مع زوجاتهم حول العادات والتقاليد، فنور الدين (38 سنة) الذي تزوج مواطنة إسبانية بهدف تسوية وضعه القانوني، ما زال ملفه معروضا أمام القضاء الإسباني للنظر في حضانة طفلته فاطمة الزهراء، فهو يصر على أن يتمتع بحق الحضانة حتى تنشأ ابنته في كنفه مسلمة، بينما زوجته تعتبر أن لها كامل الحقوق القانونية للتمتع كأي أم بحق الحضانة. يقول نور الدين: «لا أنكر أنني تزوجت بهدف الوثائق، لكن بعدها قررت مواصلة مسيرة الحياة مع زوجتي الإسبانية، وبعد أربع سنوات من الزواج بدت تطفو على السطح العديد من المشاكل الأسرية التي لم نجد لها حلا، إذ أصبحت زوجتي مدمنة على الخمر وترتدي ملابس عارية، وكلما طلبت منها احترامي كزوج لا تكترث بنصائحي وتصفني بالمتخلف، وتزداد حدة المشاكل عند عودتنا إلى المغرب، إذ لا تحترم عاداتنا وتقاليدنا». زواج عن حب لا يكون الزواج بأجنبي دائما بدافع اقتصادي محض، بل في بعض الحالات يكون السبب هو الاقتناع بالطرف الآخر، والرغبة في العيش إلى جانبه، غير أن هذه العلاقات قد تعرف بعض الرجات التي تنتهي بانقطاع حبل ميثاق الزواج. تزوج العربي، مهاجر بألمانيا، من مواطنة ألمانية بعدما أحبها حبا كبيرا، ولم يتصور أبدا العيش من دونها، كان يدرس الهندسة وهي تدرس الطب، قضيا أربع سنوات بعدما قررا عدم الإنجاب إلى حين تخرجهما، لكن سرعان ما أصبح العربي يفكر في إنهاء هذه العلاقة بأقل الخسائر، حسب قوله، وشرع في إجراءات فسخ ميثاق الزوجية لأنها تبين له أن الأصل هو الزواج بمغربية مسلمة، لأن «المسيحية» في رأيه ستربي أطفاله على دينها. وحول ما إذا كان هدف زواجه بداية هو التمتع بوضع قانوني ببلاد المهجر، قال العربي: « هذا غير صحيح، لم يكن زواجي من أجنبية بهدف الحصول على وثائق الإقامة كما يفعل العديد من المغاربة، بل كان بدافع الحب، وبعدها اتضح لي أن الحب الذي كنت أبحث عنه تبخر في الهواء، لأنه شتان بين المرأة المغربية والأجنبية، فالمرأة المغربية على العموم تكون حريصة على أن توفر لزوجها كل أسباب السعادة، في حين أن المرأة تأتي طموحاتها في الدرجة الأولى». هذه بعض النماذج من الزواج المختلط، غير أن هذا لا يعني غياب زيجات مختلطة ناجحة، فكم من زوج ينعم بالمودة والرحمة رفقة زوجته الأجنبية، وكم من زوجة تعيش في طمأنينة وسلام رفقة زوجها الأجنبي. نزاع قانوني وترى الدكتورة جميلة أوحيدة، أستاذة جامعية في القانون الخاص، أن إقبال المغربيات على الارتباط بالأجانب خاصة الأوروبيين أصبح مرتفعا، موضحة أن السبب في بعض الأحيان يكون بدافع اقتصادي، غير أنه في بعض الحالات يكون عن اقتناع، وهناك فئة من المغربيات يفضلن العيش مع الأوروبي لأنهن يعتقدن أن حريتهن معه مضمونة، إلى جانب ممارستهن كل حقوقهن كيفما شئن، بينما يعتبرن أن الرجل المغربي مهما كانت درجة انفتاحه لن يصل إلى مستوى الرجل الأوروبي. غير أن لهذا الزواج العديد من المشاكل، تقول أستاذة القانون الخاص، تتجلى في اختلاف الثقافات وعدم وجود انسجام في العادات والتقاليد، وهو ما يؤدي إلى نوع من التنافر، إضافة إلى أن نسبة مهمة من المغاربة يعتبرون أن الزواج من أجنبية مجرد مرحلة في حياتهم، وأن مستقبلهم يكمن في الارتباط بزوجة مغربية. عندما تنتهي مثل هذه الزيجات بالطلاق، فإنها تترتب عنها العديد من المشاكل، منها حضانة الأطفال وحق الزيارة، حسب المتحدثة نفسها، فإذا كان الزوج مغربيا والزوجة أوروبية غير مسلمة فإن القاضي المغربي غالبا ما يعطي حق الحضانة للأب، ويستبعد الأحكام القادمة من الاتحاد الأوروبي لأنه يخشى على تنشئة الأطفال تنشئة غير مسلمة، في حين أن القاضي الأوروبي يستبعد حضانة الأب المغربي ويعطي حق الحضانة للأم الأوروبية. وفي حالة ما كانت المرأة مغربية متزوجة من أوروبي، فإن مدونة الأسرة تعطي حق الحضانة للمرأة، كما أن أحكام الدول الأوربية غالبا ما تكون لصالح المرأة، وهذا ما يجعل مشكل الحضانة بالنسبة للمرأة المغربية غير مطروح بالحدة نفسها التي يعرفها الرجل المغربي. ومن الانعكاسات تقول أوحيدة ل«المساء» أن «الأحكام القضائية لكل بلد على حدة يؤدي إلى ظاهرة اختطاف الأطفال ما بين موطني دول الشمال والجنوب، وتنازع القانون المغربي والأوروبي، مما جعل العديد من الدول الأوروبية تفكر في عقد اتفاقيات مع المغرب من أجل تقنين طرق حضانة الأطفال بعد انفصال الزوجين. وحسب موظف بإحدى محاكم قضاء الأسرة، فإن النزاعات التي تترتب عن الزواج المختلط تكون عادة حول الأبناء وحضانتهم، إضافة إلى موضوع الدين والتدين، ومن الوقائع التي يعرفها هذا النوع من الزواج وتدخل في باب الغرابة، حسب المصدر نفسه، هي أن بعض المغربيات يتزوجن أجانب بعد إعلانهم الإسلام ظاهريا، من أجل توثيق الزواج لضرورة توفر شرط الإسلام، وبعدها يصبح الزوج مسلما حقيقيا فيسارع إلى تطليق زوجته المغربية بمبرر أنها لا تطبق تعاليم الدين الإسلامي كما يجب، أو العكس تدخل الكتابية إلى الإسلام عند زواجها بمغربي فتطلب الطلاق بدعوى أنه يشرب الخمر ويقرب المحرمات. من شروط السماح للزواج المختلط : شهادة عدم السوابق العدلية للجميع وإذن من الداخلية للقطريين والعمانيين بلغ عدد رسوم زواج معتنقي الإسلام والأجانب خلال السنة الماضية 5994، وهو رقم يضم عدد رسوم الزواج المختلط. وارتفع عدد رسوم زواج الأجانب ومعتنقي الإسلام من 4119 رسما خلال سنة 2005 إلى 5240 رسما سنة 2006 ، لترتفع عقود الزواج سنة 2006 إلى 6156 عقدا. ومن أجل توثيق هذا النوع من الزواج فإن وزارة العدل حددت العديد من الوثائق الواجب الإدلاء بها من أجل الحصول على الإذن بالزواج من قاضي الأسرة المكلف بالزواج. وحسب مطوية لوزارة العدل، فإنه للحصول على الإذن المذكور يتعين الإدلاء بوثائق طلب في الموضوع يتضمن هوية المعني بالأمر كاملة وموضوع الطلب ونسخة من رسم الولادة وصورة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية أو ما يقوم مقامها وتضاف إليها وثائق أخرى حسب الحالات التالية: الحالة الأولى: إذا كان صاحب الطلب مغربيا اعتنق الإسلام فإنه يتعين عليه الإدلاء بوثيقة اعتناق الإسلام. الحالة الثانية: إذا كان صاحب الطلب أجنبيا، فإنه يتعين عليه الإدلاء، بالإضافة إلى الوثائق العامة، شهادة الكفاءة أو ما يقوم مقامها، وشهادة الإقامة إن كان مقيما بالمغرب أو ببلد غير بلده الأصلي مع مراعاة مدة صلاحيتها ، وصورة من جواز السفر وكذا الصفحة التي تبين تاريخ دخوله إلى المغرب، إضافة إلى أربع صور فوتوغرافية شخصية حديثة وشهادة الجنسية مع إمكانية الاكتفاء في الحالات الصعبة مما يفيد جنسية المعني بالأمر، كشهادة الكفاءة في الزواج وبطاقة التعريف الوطنية وشهادة اعتناق الإسلام إذا تعلق الأمر بمعتنق له. أما الحالة الثالثة: والتي تهم الزواج المختلط، فإنه إذا كان أحد طرفي الزواج مغربيا والآخر أجنبيا فيجب على الطرف الأجنبي الإدلاء، بالإضافة إلى الوثائق المذكورة، «شهادة عدم السوابق العدلية مسلمة له من السلطات الوطنية لبلده أو بلد إقامته، وشهادة من السجل العدلي الخاص بالأجانب تسلم له من المصلحة المختصة بوزارة العدل وشهادة تبين مهنته ودخله، والإدلاء بإذن من وزارة الداخلية العمانية أو القطرية بالنسبة للشخص العماني أو القطري الراغب في الزواج من مواطنة مغربية يرخص له بهذا الزواج. أما الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على الإذن بالزواج، حسب المصدر ذاته، فإنه إذا كان الإذن بزواج معتنقي الإسلام المغاربة والأجانب لا يتطلب سوى الإدلاء بالوثائق المشار إليه أعلاه، حسب كل حالة، فإنه في حالة الزواج المختلط فإن قاضي الأسرة المكلف بالزواج أو المحكمة، في حالة دعوى الزوجية، يوجه كتابا مرفقا بصور الوثائق المطلوبة إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التابع لها قسم قضاء الأسرة، من أجل إجراء بحث بواسطة الجهات المختصة للتحقق من انتفاء موانع الزواج والتأكد من كون الطرف الأجنبي ذا سلوك حسن، ولا تحوم حوله شبهات بالنسبة للأمن والنظام العامين، وكذا التأكد من نشاطه المهني ومصدر دخله.