تقلص الزواج السياحي بين السعوديين والمغربيات بشكل كبير، منذ فرض السلطات المغربية شرطا أساسيا لإبرام عقد الزواج، وهو موافقة الزوجة الأولى على ارتباط زوجها بأخرى، مما أثر كثيرا على نسبة زواج الأجانب بالمغربيات، وخصوصا السعوديين الذين جاؤوا في المرتبة الأولى من بين البلدان العربية التي اقترن رعاياها بمغربيات حسب أحدث إحصاء رسمي، ويصعب على الرجل السعودي الذي يأتي أساسا للمغرب من أجل السياحة أو العمل الحصول على جميع الوثائق اللازمة لارتباطه بمغربية في وقت قصير، حيث يفاجأ السعودي بشروط كثيرة وإجراءات معقدة تستلزم وقتا طويلا، مما دفع وزارة الداخلية السعودية إلى نشر تعميم للاشتراطات التي وضعتها السلطات المغربية للمواطنين السعوديين الراغبين في الزواج من مغربيات. حيث لم يقتصر تأثير قانون مدونة الأسرة المغربية الذي دخل حيز التنفيذ عام 2004 على المغاربة. بل طال الأجانب الذين يرغبون في الارتباط بمغربيات، وفرضت السلطات المغربية على جميع المتزوجين موافقة زوجاتهم قبل إبرام عقد الزواج، مما قلص نسبة ارتباط السعوديين بالمغربيات، حيث أصبح من اللازم على العريس إظهار وثيقة تفيد موافقة زوجته الأولى مصدقة عند السفارة المغربية، إضافة إلى وثائق أخرى تختص وزارة الخارجية بالمغرب بإعدادها، وتفيد بكفاءة الزوج وقدرته على تكوين أسرة. وتدنت بشكل كبير نسبة ارتباط السعوديين بالمغربيات مقارنة مع السنوات الماضية، أمام رفض المغربيات للزواج العرفي وتمسكهن بالزواج الرسمي الذي يحفظ حقوقهن. وتؤكد مريم بنجلون (باحثة اجتماعية)أن قانون الأسرة ينسحب على السعوديين الذين يرغبون في الارتباط بمغربيات، وتشير إلى أنه من أجل إبرام عقد زواج أجنبي بمغربية لابد من القيام بسلسلة من الإجراءات التي تقف حاجزا في وجه إبرام عقود الزواج المختلط، وتحيطه بظروف صعبة قد تصيب المخطوبين بالضجر، وتفقدهم الأمل في الارتباط. وتضيف بنجلون أن هذه الإجراءات صعبت على السعودي الذي يأتي في العادة من أجل السياحة لفترة قصيرة، الارتباط بمغربية، كما أنها وقفت حاجزا أمام رغبة المغربيات وطموحهن في الارتباط خاصة بالرجل السعودي لاعتبارات دينية وللسمعة الطيبة التي يتمتع بها السعوديون في المغرب. وتقول الباحثة إن السلطات حين فرضت هذه الإجراءات لم تكن تقصد منع ارتباط الأجانب بمغربيات. بل حفظ حقوق المرأة والأطفال من عواقب الزواج المختلط، وتؤكد أن "هذه الإجراءات سلاح ذو حدين، فهي من جهة تقف حاجزا أمام زواج الأجانب من مغربيات، وتزيد من نسب العنوسة في المجتمع المغربي، ومن جهة أخرى تحفظ حقوق المرأة والأطفال، وتقلص من نسبة الزواج السياحي إن لم تكن تقضي عليه، لأنها ببساطة تدفع كلا الطرفين إلى التفكير في قرار الارتباط، وفي الأخير فإن الذين لديهم رغبة كبيرة وإصرار على الارتباط يتمكنون من إتمام الزواج". ويفيد أحدث إحصاء أنجزه قسم قضاء الأسرة بالعاصمة الرباط حول الزواج المختلط بين مغربيات وأجانب، بأن هناك 334 حالة سجلت العام الماضي بالرباط فقط، تتوزع فيها جنسيات الأجانب على 34 دولة، منها 15 دولة عربية، وتأتي السعودية في مقدمتها، و11 دولة أوروبية، و7 دول أفريقية، و6 دول آسيوية، و2 من أميركا الشمالية. ويفرض القانون المغربي على العزاب والمطلقين شهادة تفيد بوضعهم العائلي، ومن بين الوثائق التي يشترطها القانون الجديد بطاقة الأحوال المدنية وشهادة الراتب من جهة العمل، وإذا كان الشخص غير موظف، فيطلب منه خطاب بالراتب مصدق من الغرفة التجارية، وصورة صحيفة الأدلة الجنائية، وأصل فحص الزواج للأمراض الوراثية. ورغم وجود حالات ناجحة لزيجات بين سعوديين ومغربيات وقفت في وجه الاختلاف بين البيئتين، إلا أن نسبة مهمة من هذا النوع من الزيجات انتهت بالفشل، لأنها لم تكن مبنية على التفاهم والرغبة في تكوين عائلة، بل كانت في الغالب زيجات سياحية تمت في ظروف يطبعها الاستعجال. ويؤكد باحثون أن تراكم التجارب الفاشلة للزواج السياحي، وما نتج عنه من مشاكل اجتماعية مثل الطلاق أو هجر الأب أبناءه وإهماله لهم، دفع السلطات إلى تقنين الزواج المختلط والحد منه عبر فرض هذه الشروط. ويستفيد أبناء المغربيات من سعوديين من الجنسية المغربية طبقا لقانون الجنسية الجديد الذي يسمح للمرأة المغربية المتزوجة من رجل أجنبي بمنح جنسيتها الأصلية لأبنائها بشكل تلقائي، شريطة أن يكون الزواج قد جرى وفقا للتدابير القانونية التي تتضمنها مدونة الأسرة. وإذا كان الأب حاملا لجنسية بلد لا يسمح بازدواجية الجنسية، فإن القانون الجديد يعطي الأولوية للطفل، من خلال تمكين الأم المغربية التي منحت جنسيتها لابنها من التقدم بطلب التخلي عن الجنسية المغربية للطفل قبل بلوغه سن الرشد من جهة، وتمكين الطفل بعد بلوغه سن الرشد من التخلي عن جنسيته المغربية، أو المطالبة باسترجاعها إذا كانت أمه تقدمت بطلب التخلي عن جنسيته المغربية قبل بلوغه سن الرشد. عن الوطن السعودية ""