ما الذي نعرفه عن غزة؟ على سبيل المثال ما هو عدد التلاميذ الذين أنهوا الثانوية هناك؟ والجامعة؟ وبالأساس إلى أين يسير الجيل القادم من الغزاويين؟ غزة مثل شقيقتها سديروت غابت عن الخارطة. منذ أن توقفت صواريخ القسام عن القدوم إلينا انحل تحالف المدينتين التوأمتين سديروت وغزة. التهدئة غير الرسمية القائمة منذ نصف عام أعادت الحياة إلى مسارها «الطبيعي»: غزة تحت الحصار كالعادة وسديروت عادت إلى المخزن. ولكن إذا كانت الحياة في غزة «تسير كالمعتاد» رغم الحصار وعرفت الاستخبارات الإسرائيلية كيف تعد كميات الإسمنت والفولاذ والحديد والوقود التي تصل من مصر وحجم الصفقات والضريبة التي تفرضها حماس على التهريبات، فلماذا لا يفعلون ما يجب منذ مدة طويلة: فتح بوابات غزة والسماح للجميع بالاستيراد والتصدير والكسب والبناء، وإتاحة المجال للطلاب للوصول إلى جامعاتهم في الأردن ومصر وانتزاع الاحتكار الاقتصادي الذي تمتلكه حماس، وبالأساس – الكف عن التزييف والخداع. ذلك التزييف الذي يواصل بنيامين نتنياهو تسويقه بنجاح ومفاده أن فتح المعابر يعتمد على إطلاق سراح شليت. شليت في أسره منذ ثلاث سنوات. ثلاث سنوات من العقوبات والحرب القاسية على غزة من أجل إطلاق سراحه، ولا شيء. ولكن بطريقة ما تكرست معادلة المعابر الكاذبة، على قاعدة المعابر تساوي شليت. ليس من نافلة القول أن نذكر بأن ثمن شليت يتمثل في إطلاق سراح سجناء فلسطينيين وليس الثمن في المعابر والبضائع. ثمن فتح المعابر مختلف: إيقاف إطلاق النار على التجمعات السكانية الجنوبية. هاتان صيغتان لم تتغيرا منذ أن اختطف شليت وإنما يحاول نتنياهو فقط طمس هذه الحقيقة الواضحة. ولأن نتنياهو يعرف الحقيقة، يساورنا الشك بأن شليت يخدم جيدا ما اعتبر مصلحة إسرائيلية. طالما بقي مخطوفا سيكون من المتاح مواصلة الضغط على حماس وعزل غزة وتكريس القاعدة القائلة إن في الضفة فلسطينيين لطفاء وبعد قليل سيبنون مدينة جديدة، أما غزة فيقطنها الإرهابيون. هنا يتمتعون بالحياة في ظل الاحتلال وهناك يعانون وعلى الفلسطينيين بعد ذلك أن يجروا الحساب بأنفسهم. من هنا، طالما بقي شليت في غزة فليست إسرائيل مطالبة بتوضيح سياستها القاسية ضد هذه المدينة. فالأمر واضح جدا وإنساني جدا – فرض الحصار على غزة بسبب جندي مخطوف. من المنطقي جدا تجاهل التهدئة التي تطبقها حماس لأن هناك جنديا مخطوفا. ولكن هذا تحديدا ليس الشرط الذي حددته لنفسها حماس المتشككة. هي تريد السجناء، لأنه من الذي يضمن عدم قيام إسرائيل بإغلاق المعابر مرة أخرى بعد إطلاق سراح شليت بيوم واحد؟ كلمة نتنياهو؟ أيهود باراك؟ طالما كانت سياسة إسرائيل عدم الاعتراف بحماس وتقييد خطواتها وحذر نشاطاتها و«تدمير بنيتها التحتية» سيكون من الطبيعي أن ترغب إسرائيل في مواصلة إبقاء المعابر مغلقة حتى بعد إطلاق سراح شليت. وهكذا تكون إسرائيل قد سجنت نفسها مرة أخرى حتى الاختناق داخل سياستها. ولكن المهم أن الوضع رائع في غزة، هل شاهدتم الطائرات الورقية؟