يرصد الكاتب عبد الرحمان السجلماسي، صاحب مؤلف «الجامعي رائد الكرة الخماسية» في فصول مؤلفه، مسار حياة تقاسمها في زنزانة بسجن القنيطرة مع محمد الجامعي، الرئيس السابق لفدرالية كرة القدم الخماسية، الرجل الذي حمل لقب أول لاجئ رياضي في تاريخ الكرة المغربية. تصنف هذه السيرة التي تنقل نبض حياة السجن، في خانة أدب السجون، لكن ما يميزها هو أنها تؤرخ لأول مرة لحياة رياضي حمل راية الوطن، قبل أن يجد نفسه في التشكيلة الأساسية لسجناء الحق العام. يعود الجامعي في جلسة مسامرة جديدة عكست ولعه بالفريق الذي تبناه منذ ولادته وهو يلعب مع فرق الأحياء إلى حين الإبحار به خارج الحدود والغوص به في غمار اللقاءات العالمية، ويسستفيض في حكيه عن حبه للفريق الذي يتذكر كل كبيرة وصغيرة عنه» قد نقدس شيئا فنضعه فوق كل الأشياء» وهو الحب الذي عكسته مجهودات الجامعي الذي سعى إلى تأسيس الفيدرالية المغربية لكرة القدم، التي لم تكن مجرد فكرة فحسب وإنما كانت بإيعاز من طرف الفيفوزا الدولية لكرة القدم داخل القاعة، بعد مشاركة الفريق في كأس العالم بالأرجنتين سنة 1994 والتي فاز فيها المغرب وفور العودة من هذه المشاركة شرع في التهييء للجمع العام التأسيسي، فحينما قبلت الفيفوزا عضوية المغرب في شخص أجاكس القنيطري سنة1994في غياب جهاز تأطيري لهذه اللعبة، لم يكن في جعبته ما يؤهله للانضمام إلى فيفوزا إلا المشاركات الدولية التى كان يقوم بها، وكانت مشاركته في المونديال فرصة ثمينة أظهر فيها للهيئة أن كرة القدم المصغرة المغربية لا تقل مستوى عن باقي دول العالم رغم حداثة عهدها. وجاء ميلاد الفيدرالية المغربية لكرة القدم داخل القاعة، بغرفة التجارة والصناعة بمدينة القنيطرة، حيث حظر الجمع العام التأسيسي عدد كبير من الأندية والنائب الإقليمي لوزارة الشبيبة والرياضة وممثل السلطة المحلية، وبعد استيفاء الإجراءات القانونية نالت الفيدرالية كيانها القانوني من خلال تسليمها وصل الإيداع. ويستحضر الجامعي مسار الفريق في استقرائية تاريخية من اللعب بالأحياء إلى المشاركات الوطنية، فالمشاركات الأوربية التي وصلت إلى رحلة ستين درجة تحت الصفر وكانت روسيا هذه المرة وجهة الفريق، إذ عمل الجامعي على تهييء كل الإجراءات الإدارية التي يستوجبها السفر بداية من الحصول على تأشيرة الدخول إلى روسيا وبما أن المسافة كانت طويلة فكان لازما أن يتوقف النادي بأحد المطارات فكان مطار فرنسا هو محطة التوقف وقبل انطلاق الرحلة واجهت الجامعي مشكلة من نوع آخر فقد أخبر من طرف الموظفين بالمطار بطلب تغيير الإجراءات وذلك بضرورة الحصول على تأشيرة من الدولة الفرنسية ولو كان التوقف بها ولو لساعة واحدة. فوجئت عناصر الفريق بمن فيها الجامعي الذي كان همه أكبر نظرا إلى ضيق الوقت الذي حددته جامعة الاتحاد الأوربي لوصول الدول المشاركة إلى مطار موسكو قصد نقلها في رحلة خاصة إلى مطار تيرونكي بولاية ياكوتيا نظرا لسوء الأحوال الجوية. عقبة جديدة تواجه الفريق من جديد لكنها لم تعرقل مسيرته، إذ حاول الجامعي التدخل لدى المسؤولين بمطار سلا الذين لم يجدوا سوى حل وحيد تمثل في تحويل الاتجاه والسفر عبر دولة أوربية أخرى، وكانت كل الخطوط الجوية مملوءة نظرا لتزامن الرحلة مع حلول رأس السنة لكن الفريق تمكن أخيرا من السفر من مطار محمد الخامس إلى روما التي كانت محطة بديلة لفرنسا. ووطأت أقدام الفريق أرض سيبريا وابتدأت المقابلات، وكان أجاكس القنيطري في المستوى المطلوب إذ احتل الفريق الرتبة الثانية وتوجت مشاركته كسابقاتها بشرف الاستقبال من طرف المسؤولين «وكانت رحلة أجاكس إلى أقصى منطقة في الكرة الأرضية وساما توشح به صدر مجدها الكروي». وكانت أول خيبة أمل مني بها الفريق هي عدم مشاركته في بطولة إفريقيا للأمم بالقاهرة، التي كان من المقرر بعد إجراء مقابلاتها النهائية حصول الفريق المنتصر على حق المشاركة في كأس العالم الذي سيقام بإسبانيا، وحاول الجامعي مباشرة بعد انتهاء الدوري مراسلة الجامعة المصرية قصد إجراء مباراتين وديتين الأولى بمصر والثانية بالمغرب قصد الاحتكاك معا وتبادل الخبرات، لكن طلبه قوبل بالرفض لأن الجامعة لا تتعامل مع الفرق بل مع الجامعات وهو رفض عمق من جراح الفريق النفسية. وتقرر تنظيم أول بطولة عربية على أرض الشقيقة مصر وللمرة الثانية سنة 1998 وسلك الجامعي من جديد سلسلة الإجراءات وأولها مراسلة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي أبدت موافقتها التي كانت بمثابة الضوء الأخضر لأبراز قدرات الفريق بعد أن حرم من ذلك قبل سنتين.