يرصد الكاتب عبد الرحمان السجلماسي، صاحب مؤلف «الجامعي رائد الكرة الخماسية» في فصول مؤلفه، مسار حياة تقاسمها في زنزانة بسجن القنيطرة مع محمد الجامعي، الرئيس السابق لفدرالية كرة القدم الخماسية، الرجل الذي حمل لقب أول لاجئ رياضي في تاريخ الكرة المغربية. تصنف هذه السيرة التي تنقل نبض حياة السجن، في خانة أدب السجون، لكن ما يميزها هو أنها تؤرخ لأول مرة لحياة رياضي حمل راية الوطن، قبل أن يجد نفسه في التشكيلة الأساسية لسجناء الحق العام. أخذ كل منهما مكانه وبينما سرح فكر الكاتب في اتجاه أولاده وزوجته مستحضرا مجموعة من الصور في سلسلة ذكريات أوقفها سماع صوت من الزنزانة التي بجانبه ينادي أحد المسؤولين لإغاثة نزيل ابتلع «الزيزوارات» ظل الكاتب مشدوها لما حصل، متطلعا إلى مصير هذا السجين لكنه فوجئ به قادما رفقة أحد المسؤولين بعد تلقيه الإسعافات، فأثار قدومه بهذه الطريقة استغراب السجلماسي. وجاء صباح يوم جديد تجددت فيه حسرة الكاتب بعد سماع خبر مغادرة مجموعة من النزلاء، حسرة ألزمته قضاء ما تبقى من اليوم بين الصلاة ومطالعة الكتب علها تخفف عنه ما يخالج نفسه، وحل الليل بموعده المعتاد وبدأ الجامعي حديثه مؤرخا لسنة 1994 التي حملت في طياتها أعاصير كادت تعصف بالفريق لولا تماسك عناصره، وأوضح الجامعي خلال جلسة المسامرة هاته شرعية فريقه أجاكس الذي أسس وفقا لمفتضيات القانون الخاص بالجمعيات. واستحضر في لحظة استقراء للتاريخ، مشاركة الفريق في الدوري الدولي بكندا الذي تحمل فيه المسؤولية لإيصاله إلى هذه المشاركة، وتذكر لقاءه بشخص أجنبي على متن طائرة كان يستقلها لغرض شخصي أخبره خلالها عن كأس العالم الذي كان سيقام بالأرجنتين، وأخذ البادرة كعادته وكانت وجهته الجامعة الدولية قصد الانخراط فيها حاملا معه كل الوثائق سواء المكتوبة أو المرئية، وتلقى خلال هذه الزيارة وعدا بتزكية الطلب، وبالفعل اتبع الشروط اللازمة وأدى مبلغ 30 ألف درهم تسلم على إثرها وصل إيداع باسمه خول له حضور الجمع العام الذي تم انعقاده ببوينيس إيريس بالأرجنتين الذي تحقق خلاله مبتغاه وهو حصول أجاكس على حق المشاركة في كأس العالم. وقصد الجامعي من خلال هذا الحكي الذي أبدى تجاهه رفيقه كل الاهتمام توضيح الأطروحة التي تغالط واقع قانون الجمعية، ودحض الإدعاء الذي جاء بعد حفل توزيع الكؤوس على الأبطال المغاربة الذي أقيم في 26 من يوليوز 1994 بأحد فنادق الرباط، والذي تم بعده مباشرة تكوين جمعية رياضية تحمل اسم «اتحاد تكوين الشباب المغربي في كرة القدم داخل القاعة» بمجموعة من الأعضاء من بينهم الجامعي كاتبا عاما وتساءل الجامعي عن قانونية تكوين هذا الاتحاد وعن حضور رؤوساء الجمعيات الثلاث التي كونت الاتحاد خلال حواره مع السجلماسي في محاولة للتخفيف من آثار انفعاله، وظل الكاتب متتبعا الأحداث لكنه قاطع رفيقه ليتساءل عن الكيفية التي تمت بها معرفة مشاركة أجاكس العالمية وعن العلاقة التي تربطه بمكوني هذا الاتحاد. وفتح السجلماسي بسؤاله جرحا غائرا تجلى من خلال سرده، فبعد أن تناولت وسائل الإعلام مشاركة أجاكس في كأس العالم اتصل به شخص واقترح عليه الانضمام إلى الفريق، وبإيعاز من مجموعة من أصدقائه تمت الموافقة على طلبه، وأبان هذا الوافد الجديد عن رغبة كبيرة في الرفع من مستوى الجمعية الشيء الذي جعله يحظى بثقة الجامعي الذي اقترح عليه مرافقته إلى الأرجنتين، بل أكثر من ذلك فقد سلمه صورا شمسية للوثائق التي تضمن مشاركة أجاكس وسافرا معا. وبعد عودة الجامعي الذي انشغل بمصالح شخصية، فوجئ بخبر ينشر على صفحات الجرائد مفاده أن المشاركة العالمية «ستكون لهذا الاتحاد الوهمي وغير الموجود على أرض الواقع، وليس فريق أجاكس» نبأ فرض على الجامعي التحرك قصد توضيح الحقيقة فما كان منه إلا أن حمل كل الوثائق الأصلية التي سلمها لوزارة الشبيبة والرياضة وسفارة الأرجنتين، وانتظر شهرا كاملا إلى أن صدر القرار الوزاري الذي أكد مصداقية جمعية أجاكس وأحقيتها في التمثيل الشرعي، وختم كلامه بتوضيح أن تاريخ انعقاد الجمع العام التأسيسي لهذا الاتحاد في 26 يوليوز من 1994 صادف سفره إلى كندا، كما يثبت ذلك جواز سفره، وانتهى الموعد الليلي عند هذه المحطة بعد أن أخذ منهما التعب مأخذه.