يرصد الكاتب عبد الرحمان السجلماسي، صاحب مؤلف «الجامعي رائد الكرة الخماسية» في فصول مؤلفه، مسار حياة تقاسمها في زنزانة بسجن القنيطرة مع محمد الجامعي، الرئيس السابق لفدرالية كرة القدم الخماسية، الرجل الذي حمل لقب أول لاجئ رياضي في تاريخ الكرة المغربية. تصنف هذه السيرة التي تنقل نبض حياة السجن، في خانة أدب السجون، لكن ما يميزها هو أنها تؤرخ لأول مرة لحياة رياضي حمل راية الوطن، قبل أن يجد نفسه في التشكيلة الأساسية لسجناء الحق العام. ينطلق الكاتب خلال هذا الفصل بوصف الأجواء التي تسبق الموعد اليومي الذي يجمعه برفيقه، فبعد أن يتناولا معا وجبة العشاء ويتابعا نشرة الأخبار التي يبدي كل منهما تعليقاته حول موادها، ينتظر كل منهما اللحظة التي يسود فيها الصمت لتنطلق رحلة الحكي. وبدأت من جديد رحلة الألف ليلة وليلة كما أسماها الكاتب وكانت البداية هذه المرة من مشاركة أجاكس في بطولة العالم التي دارت أطوارها بمدينة بوسادس الأرجنتينية بطلب من الجامعة الدولية «فيفوزا» التي انتخب الجامعي بالإجماع نائبا لرئيسها، وبعد عودته إلى المغرب طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوربي بصفة المغرب البلد الوحيد في القارة السمراء الممارس للعبة وانتخب عضوا في الاتحاد خلال المؤتمر الذي عقد في مدريد. ومنذ حصول الجامعي على هذه الصفة لم يتوان لحظة في إسماع صوت المغرب خارج الحدود، وكانت أولى خطواته التقدم بطلب تنظيم بطولة أوربا للأمم بالمغرب، طلب حظي بالمصادقة ليشرع الجامعي في التحضير للتظاهرة الرياضية، من خلال حجز الفنادق في كل من الرباط والدار البيضاءوالقنيطرة ووسائل النقل حرصا منه على توفير الأجواء المريحة للمشاركين في هذه البطولة، وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد وجد الجامعي نفسه أمام مشكل كبير تجلى في تملص الشركات التي تعاقدت معه على إتمام البطولة، فما كان منه إلا أن قام كعادته بمجموعة من الاتصالات في وقت كانت فيه الوفود المشاركة على بعد يومين من الوصول، مبادرة كلفت الجامعي بيع بيته وسيارتين كانتا في ملكه لتغطية المصاريف «وهذا كله كان لإسماع صوت فريقي أجاكس، الذي عشت له ومن أجله»، وانطلقت مباريات البطولة في جو حميمي رياضي خاض فيها فريقه المشوار حتى النهاية،التي انهزم فيها أمام فريق سلوفاكيا في مباراة نقلتها القناة الثانية، وكان نجاح الدوري على المستوى التنظيمي فرصة أعلن فيها الجامعي من جديد أن التحلي بسلاح الإيمان والتفاؤل خطوة تحول الفشل إلى نجاح وكان دليله على ذلك ثمرة مجهوداته لإتمام تنظيم الدوري. وإذا خان الحظ عناصر الفريق القنيطري بالمغرب فإنه حالفهم في دوري البرازيل الذي تغلب فيه أجاكس على النخبة البرازيلية بساوباولو بعد الحدث الذي احتضنه المغرب بشهرين. وجاءت سنة 1996 التي حملت دعوة إلى الفريق للمشاركة في دوري سيقام بإسرائيل، قبل النادي الدعوة شريطة السماح له بزيارة القدس الشريف والصلاة بالمسجد الأقصى «ليطلق زفرة معبرا فيها عن شعور فياض. وإحساس عميق» وحل أعضاء الفريق بمدينة القدس التي لمسوا فيها حب الفلسطينيين للراحل الحسن الثاني مستشهدين بالدعم والمساندة التي قدمهما. وحققت رغبة الفريق بزيارة المسجد الأقصى، ووجدت عناصره محافظ المسجد في استقبالهم مستعرضا أواصر المحبة والأخوة التي تجمع بين البلدين «كنا بلباس أبيض نعبر عن روح السلام الذي من أجله جعلنا الرياضة جسرا للتواصل بعيدا عن كل إيديوليجية سياسية» وواصل الجامعي الأجواء الروحانية التي عاشها الفريق خلال زيارة الأقصى، وكانت الزيارة موضوع مقالات العديد من الصحف الإسرائيلية التي تناولت موضوع الزيارة والبعد الذي حققته. وعاد الجامعي من جديد ليحكي عن الدوريات التي نظمها في المناسبات الوطنية، التي أصبحت تقليدا سنويا دأب عليه الفريق، وكعادته قاطع السجلماسي رفيقه بعد صمت طويل مستفسرا عن طبيعة الدول المشاركة التي أوضح الجامعي أن باب المشاركة كان مفتوحا في وجه كل الفرق، الشيء الذي جعل الفريق يحظى بالترحاب أينما حل وارتحل في إطار الدعوات المتبادلة ، و بعد انقضاء يوم جديد داخل السجن بصيرورته التي ألفها كلا الطرفين وخلافا للمألوف لم يلتق الرفيقان معا نتيجة إحساس السجلماسي بضيق لم يعرف مصدره وهو ما لمسه الجامعي الذي انزوى في ركن لمشاهدة شريط تلفزيوني تدور أحداثه حول موضوع الهجرة.