يرصد الكاتب عبد الرحمان السجلماسي، صاحب مؤلف «الجامعي رائد الكرة الخماسية» في فصول مؤلفه، مسار حياة تقاسمها في زنزانة بسجن القنيطرة مع محمد الجامعي، الرئيس السابق لفدرالية كرة القدم الخماسية، الرجل الذي حمل لقب أول لاجئ رياضي في تاريخ الكرة المغربية. تصنف هذه السيرة التي تنقل نبض حياة السجن، في خانة أدب السجون، لكن ما يميزها هو أنها تؤرخ لأول مرة لحياة رياضي حمل راية الوطن، قبل أن يجد نفسه في التشكيلة الأساسية لسجناء الحق العام. استمر الحديث بينهما بعد أن أكلا معا قطع الحلوى التي أحضرها أحد أقارب الجامعي، وأطلق الجامعي العنان لذاكرته التي استحضرت اسم الفريق الذي يعتبره فلذة كبده، وخليلته التي من أجلها عاش، والتي من خلالها التقى أشخاصا وازنين في مختلف المجالات، وأخذ يستحضر مجموعة أسماء كمحمد دومو وعبدالله دومو والحاج العلمي وغيرها من الأسماء التي يعترف بجميلها وفضلها في نجاح الدوري الأول في سلسلة من الدوريات. وبعد النجاح الذي لقيه الدوري الأول، فكر الجامعي في تنظيم بطولة محلية تحت لواء الاتحاد القنيطري لكرة القدم داخل القاعة، وحينها تساءل السجلماسي، حول ماهية اللعبة، فأخبره بأنها لعبة ليست حديثة العهد لها قوانينها وأنظمتها كما هو الشأن بالنسبة إلى كرة القدم، واستفاض في حكيه عنها بأن أصولها من الأروغواي، موضحا أن أول جامعة لها كانت بالبرازيل قبل أن يعلن عن ميلاد أول جامعة دولية لكرة القدم المصغرة سنة1971. وواصل الحديث الذي كشف عن حب وولع للعبة التي كان الإقبال عليها سببا في نشأة الاتحاد الأوروبي والأمريكي الذي نظم مقابلات للفوز بكأس العالم، وانقضت الليلة وحل الصباح حيث تلقى فيه الجامعي زيارة من أحد أقربائه، وجاء موعد المسامرة اليومي في نفس المكان والزمان «زمن الألم والآهات والشعور الملتهب بلوعة فراق الأهل». وبعد النجاح الذي لقيه الدوري الذي سهر على تنظيمه، فكر بطل الأقصوصة في خلق الاتحاد القنيطري لكرة القدم داخل القاعة، وأعطيت الانطلاقة للبطولة ب 26 فريقا توفرت فيهم الشروط القانونية تحت إشراف اللجان التي سايرت التنظيم إلى غاية سنة 1989 حصد خلاله أجاكس، فريق الجامعي، كل الألقاب من الفرق المشاركة نتيجة جهود متضافرة و إنجازات خيرة اللاعبين الذين طمحوا رفقة الجامعي إلى إيصال صوت النادي إلى ما وراء البحر ووراء الحدود، رغم الإمكانيات والمعطيات التي لم تفلح في إدخال اليأس إلى البطل الذي حرص على سرية النبأ، الذي فوجئ به من طرف أحد الأصدقاء، الذي جمعته به جلسة نقاش انتهت بعبارات تعجيزية كادت تجهض أمله لولا يقينه وتمسكه بفكرته. وعزم على مواصلة المشوار واتخذ قرارا حاسما، كان سنده الوحيد هو التفاؤل، فقام بمراسلة مجموعة من الأندية الألمانية لنفس اللعبة، والتي أبدت موافقتها من خلال دعوة للمشاركة، وتوجه بعدها إلى السفارة الألمانية للحصول على المعلومات المتعلقة بالوثائق اللازمة، وتم اختيار أجود عناصر فريق أجاكس للقيام بهذا التحدي. وفي مواصلة لسلسلة الجهود التي قام بها الجامعي اتصل بأحد الأصدقاء الذي يملك حافلة نقل لحمل الستة عشر عنصرا، كانت مجهزة بتلفزيون بغية خلق جو من المرح خلال هذه الرحلة الطويلة. وبدأت الرحلة نحو برشلونة ثم إلى ليون وكان الوصول إلى جنيف الذي صادف الاحتفال بأعياد الميلاد، الشيء الذي أضفى على نفوس اللاعبين غبطة وبهجة، ولم تنته رحلة النادي هناك لأنه تابع السفر إلى فرنكفورت الألمانية حيث كان بيت أخت الجامعي مقر إقامة الفريق، الشيء الذي وفر عليهم مصاريف المبيت والمأكل، وخاض الفريق المباريات الودية التي كان الانتصار حليفه فيها «وهذا ليس من باب إبراز الذات أو التفاخر ولكنها الحقيقة التي يشهد بها التاريخ في أول مشوار لهذا الفريق أجاكس» وجاءت العودة وفق ما تقتضيه التأشيرة التي منحت لكل واحد، وكانت المفاجأة أكبر حينما سبق خبر الفوز نبأ الوصول بعد أن نشرته الصحف. وفي الوقت الذي غمرت فيه الفرحة نفوس عناصر الفريق، كانت المشاركة بمثابة الشرارة التي أوقدت الحماس وبالفعل فبعد مرور شهرين على المشاركة في ألمانيا توصل فريق أجاكس بدعوة من طرف السفارة المغربية للمشاركة في الدوري الأوربي الذي يقام بمناسبة عيد العرش والذي كان من نصيب عناصر أجاكس ، وتحولت مشاركة الفريق إلى تقليد ضروري كان مناسبة لمد جسور التواصل مع عناصر الجالية المغربية «التي كنا نرى بريق الحب للوطن في عيونهم». وتوالت مشاركات الفريق القنيطري في كل اللقاءات الدولية التي حظي فيها بالحفاوة والترحاب في جميع المحافل وعلى جميع المستويات من 1989 إلى حدود 1998 حقق خلالها الفريق ألقابا رياضية.وظل رفيقه السجلماسي طيلة فترة الحكي صامتا إلى حين مقاطعته للتساؤل حول مشاركة الفريق في كل من روسيا وصربيا وجاء الرد الذي كان سببا في توقف خيط الحديث بعد ما أثاره لدى الجامعي «نعم ولقد كان لها طعم حلو ومر سأحكيه وأرويه لك».