بالتزامن مع ما أثير حول مرور القطب العمومي بأزمة مالية خانقة تهدد بإفلاس هذا القطب، أشرت إدارة القناتين الأولى والثانية على تصوير العديد من الأعمال التلفزيونية، أعمال أثيرت حولها العديد من النقاشات حول تسويغ إنتاجها، وجاهزيتها، وقدرتها على تبرير الملايير من السنتيمات التي خصصت لها في زمن الأزمة وزمن التهديد بعدم أداء أجور العاملين فيها وزمن انهيار القطب العمومي. في هذا الإطار، قالت مصادر حضرت تصوير سلسلة «نسيب سي عزوز» لسعيد الناصري، إن سيناريو العمل لا يقدم للممثلين إلا في يوم التصوير، مما يعزز -تضيف المصادر- ما يروج عن عدم كتابة النصوص كاملة، بشكل يعيد ما عاشته دوزيم مع سعيد الناصري في سلسلة «العوني» التي كان الكوميدي يكتب حواراتها ليلة التصوير، ويقدمها ساعات قبل «التورناج»، وأحيانا يشارك الممثلون في «اختلاق» الحوارات بمبررات من قبيل الارتجال، دون وعي بمرجعية ووظيفة الارتجال الحقيقية والإبداعية. وهو ما يطرح السؤال حول قيمة لجن القراءة ووجودها وقدرتها وما يطرح السؤال بدرجة ثانية حول علاقة ما يصور بما يقدم للجن القراءة إن وجدت أصلا. وفي السياق ذاته، علمت «المساء» من مصادر مقربة من شركة إنتاج سلسلة «الكيشي» التي تنتجها شركة بنعبد الجليل، أن صراعا قويا نشب بين الناصري والجهة المنتجة، صراع قالت المصادر إنه متعلق بعدم اقتناع الممثل محمد الخياري بنصوص السلسلة، في وقت بررت فيه المصادر هذا الصراع برغبة الأخير في ممارسة ما تمت تسميته بالارتجال، بشكل شبيه بما قدم في سلسلة «كوميديا» و«كوميديا شو» و«مبارك مسعود»، وهو ما هدد بتوقيف العمل التلفزيوني، بشكل يعيد طرح السؤال «من المسؤول عن هذه المشاكل؟ أين تتموقع لجن القراءة في ضوء هذا الجدل الذي يتكرر كل سنة»؟ وغير بعيد عن هذه الفكرة،تتحدث بعض الجهات عن منح الشركة ذاتها حق إنتاج عمل تلفزيوني جديد، وتساءلت المصادر عن المعايير التي تسوغ هذا السلوك التفضيلي، وتتساءل كذلك عن اختيار أسماء بعينها (الخياري، الناصري، بنياز...) لتقدم النموذج للكوميديا المغربية، دون أدنى اعتبار للانتقادات التي لا تنظر بعين الرضا إلى الأعمال التلفزيونية المقدمة في السنوات الماضية. وكشف ممثل شارك في تصوير «بنت بلادي» لعزيز سعد الله وخديجة أسد عن مشاكل في نصوص العمل التلفزيوني، بالقول: «أحيانا لم نكن مقتنعين بما نقدم،نجد أنفسنا أمام نصوص لا تعبر عن حالاتنا، ولكننا كنا ملزمين بمتابعة التصوير، وأتذكر أن المخرج كان يفرض على الممثلين عدم إعطاء أي تصريح صحافي لعدم التأثير على العمل التلفزيوني الجديد ومخافة أن تخرج النصوص إلى الصحافة». وفي الوقت الذي خصصت فيه ميزانية تبلغ 500 مليون سنتيم كميزانية لسلسلة «بنت بلادي»، تحدثت مصادر أخرى عن أن بعض المشاركين منحوا مبلغا لم يتجاوز 500 درهم مقابل مشاركتهم في اليوم كله، وهو ما يفرض السؤال حول قيمة هذا العمل ومدى قدرته على الوصول إلى المشاهد المغربي بهذه المعطيات. وبعدما تمت الموافقة على تصوير سلسلة التلفزيونية «سعدي ببنتي»، لجأ الممثل الحسين بنياز، إلى طلب عبد الحق الزروالي، لتقديم منتوج تلفزيوني يمحو الصورة الباهتة التي برز بها بنياز السنة الماضية في سلسلة «خفيف ظريف» وكذلك لتبرير ميزانية قاربت 500 مليون سنتيم، وهو رقم مرتفع جدا في زمن أزمة دوزيم الخانقة. وبعيدا عن هذه الكوابيس التلفزيونية التي تنذر برأي متتبعين لمسار التلفزيون المغربي، بحدوث مشاكل كثيرة، بالنظر إلى رهان مسؤولي التلفزيون على عائدات الإشهار للخروج من الأزمة الخانقة، ترى مصادر من داخل التلفزيون المغربي أن الرهان على إنتاجات أثبتت لحد الساعة عدم جاهزيتها وعدم مرورها من القنوات الطبيعية للإنتاج وفي غياب المتابعة، سيساهم في زيادة هجرة الإشهارات المغربية نحو الخارج ويعمق جراح القطب العمومي ويرفع درجة احتجاج العاملين في التلفزيون المغربي ويواصل استفزاز المشاهد المغربي الذي يتابع استمرار انهيار تلفزيوناته، دون حسيب أو رقيب، تضيف المصادر.