وصل ميشيل تاو تشان، منافس الكوري الجنوبي بان كي مون على الأمانة العامة للأمم المتحدة، إلى المغرب عام 2006، في أول زيارة له، دون أن يعرف ماذا ينتظره بعد عام واحد. نزل في الرباط ضيفا على أحمد عبادي، أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء، للمشاركة في أول ملتقى تنظمه هذه الأخيرة للحوار مع البوذية. كان الحوار مثمرا وشرع تشان في الاقتراب من الإسلام. في العام التالي، زار تطوان للمشاركة في ملتقى الطريقة القادرية البودشيشية، ممثلا للبوذيين، إلى جانب مذاهب أخرى حضرت الملتقى الذي رعته الرابطة. قال تشان، حفيد الزعيم الروحي للقائد الفيتنامي الشهير هوشي مينه، المعروف باسم«فان بوي تشاو»، إنه رأى رؤيا تمثل له فيها شيخ الطريقة البودشيشية حمزة بن العباس، وأصر على زيارته في مقر زاويته بمداغ، القريبة من بركان، وكانت المناسبة عيد المولد النبوي، الموسم الأكبر الذي يتجمع فيه مريدو الطريقة في مهرجان صوفي ضخم. وعندما تناول تشان الكلمة، روى قصة الرؤيا التي أوريت له في المنام فصدق قلبه ولم يكذب عينيه. بايع تشان الشيخ حمزة وأخذ عنه الورد البودشيشي، وفاتح شيخه الجديد برغبته في العودة إليه مرة ثانية مرفوقا باثنين من كبار زعماء الفيتنام، البلد الذي حير الأمريكان ودوخ استوديوهات هوليود وصنع أبطالا من ورق على الشاشة مثل سيلفستر ستالون، ما إن يحركوا رشاشاتهم في الهواء حتى تتساقط قرية بكاملها جثثا. في الأسبوع الماضي، حقق تشان وعده وعاد إلى المغرب، وبرفقته نغويان هيي دونغ وتونغ تاهن خان. دونغ هو قائد أشهر انقلاب في الفيتنام في الفاتح من نوفمبر عام 1963، الذي أصبح يوما وطنيا في البلاد منذ ذلك التاريخ، أما تونغ فهو أمير شعب الشمس، إحدى الطائفتين اللتين تتكون منهما الفيتنام: شعب الشمس المسلم وشعب الشمس البراهماني. استطاع تونغ غزو قلوب أبناء شعب الشمس المسلم، البالغ عددهم تقريبا حوالي 150 ألفا داخل الفيتنام وأكثر من 600 ألف في آسيا الشرقية كلها، معاهدا إياهم على السير بهم نحو النور وفق ديانة «باني»، الذي يقال إنه ابن البني لدى سكان هذه الطائفة، وهو يقود، إلى جانب نغويان هيي دونغ، مشروعا لنشر السلم والأمن في المنطقة الآسيوية، من خلال«مركز التفكير في الأمم» الذي يوجد مقره بباريس. كان نغويان هيي دونغ، البالغ من العمر 72 عاما، أصغر معتقل سياسي في الفيتنام في الخمسينيات، وهو ابن 13 سنة؛ وعندما بلغ الثلاثين، قاد الوحدة المركزية للجيش الثوري في الفيتنام، وتزعم انقلاب 1963، لكنه انسحب من السلطة بعد عشرة أشهر تاركا مكانه لحكومة عسكرية قادت البلاد لفترة محدودة في مرحلة استثنائية. وعندما نالت الفيتنام استقلالها عام 1975، كان أول صوت سمعه الفيتناميون في الإذاعة هو صوته، عندما قال على أمواج الأثير يوم 30 أبريل من نفس العام: «إن هذا نصر الاستقلال في جميع الفيتنام.. لا ينبغي أن تلطخه أقل قطرة دم، لا دم الحق ولا دم الانتقام». نظمت الزاوية البودشيشية ليلة على شرف وفدها الفيتنامي الجديد، حيث ألبس حفيد الشيخ منير القادري لأفراده اللباس الصحراوي، في مقام طبعه الذكر والوجد الصوفي، واجتمع بهم الشيخ حمزة الذي وجه كلامه إلى دونغ، الرئيس الفيتنامي السابق، قائلا: «قضيت عمرك في الدفاع عن حوزة بلدك والحرب ضد الاستعمار، واليوم عليك أن تخوض حربا ضد نفسك»، فرد عليه دونغ: «قدري، يا شيخي الكبير، بعد أن كنت أجر العربة من أجل شعب الفيتنام، أن أجرها اليوم من أجل الإنسانية جمعاء».