للمرة الأولى في فضاء لبنان تجمعت القنوات التلفزيونية المحلية الثماني المتناقضة في نشرة موحدة تضامنا مع غزة اتخذت شعار "فلسطين لستِ وحدك". ولطالما تنافست المحطات التلفزيونية اللبنانية فيما بينها وكانت كل واحدة منها تتصارع سياسيا وإعلاميا لارتباطها بأحزاب وتيارات مختلفة على الساحة المحلية. وجاءت المبادرة من ناشر صحيفة السفير طلال سلمان الذي اقترح ترتيب "صرخة تبلسم جرح غزة" وتوجه رسالة الى سائر العالم العربي والغربي مفادها أن الوحدة ممكنة إذا ما اجتمعت الارادة. وفاق عدد القتلى الفلسطينيين في الهجوم الذي تشنه إسرائيل في قطاع غزة 500 قتيل يوم الاثنين. وواصلت حماس التي قتلت أمس 13 جنديا إسرائيليا إطلاق الصواريخ في عمق إسرائيل. وفي سابقة من نوعها لبنانيا تولى تقديم افتتاحية نشرة الأخبار مذيعان من تلفزيون المنار التابع لحزب الله الشيعي والمستقبل التابع لتيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق المسلم السني سعد الحريري. وقدم المذيعان علي المسمار ومنير الحافي نصا كتبه طلال سلمان ويشير فيه إلى أن "العدو واحد والموقف من شعب فلسطين واحد" وتوجه سلمان بالتحية الى غزة من بيروت "التي أحرقتها النار الإسرائيلية ذات يوم ولم ترفع الاعلام البيضاء". يذكر ان القوات الاسرائيلية كانت قد وصلت الى العاصمة بيروت إبان الإجتياح الإسرائيلي عام 1982. وفي العام 2000 خرج آخر جندي إسرائيلي من جنوبلبنان بعد مقاومة ضارية أبداها مقاتلو حزب الله. وقال سلمان متوجها الى اطفال غزة الذين سقطوا عند شواطئها في غارة اسرائيلية "مساء الخير للذين ذهبوا الى البحر فتية يضجون بالحياة فاعتبرتهم طائرات العدو الاسرائيلي أهدافا عسكرية وطاردتهم حتى القتل". وعلى مدى نصف ساعة توالى مذيعو ومذيعات التلفزة اللبنانية على تقديم تقارير خاصة عن فلسطين وأمهاتها وأطفالها وشتاتها وعن شخصيات من العالم قدمت الدعم لقضية فلسطين مثل إلييتش راميريز سانشيز المشهور بكارلوس الثعلب والياباني كوزو اكانوتو والامريكية ريتشيل كوري التي قتلتها جرافة عسكرية اسرائيلية كانت تقوم بهدم مبان مدنية لفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزة. وكما في السياسة فان التلفزيونات المحلية اللبنانية تنقسم حول العديد من القضايا أبرزها اشتراك حزب الله في القتال الى جانب قوات الرئيس السوري بشار الاسد المنتمي إلى الطائفة العلوية المحسوبة على الشيعة. ويحارب متشددون لبنانيون سنة أيضا إلى جانب مقاتلي المعارضة في سوريا. وقد تجاوزت قناة المنار الحرم الشرعي لديها عبر ظهور مذيعات لا يرتدين الحجاب وذلك لكون قضية فلسطين تحتل الأولوية على شاشتها ولها تسقط المحظورات. هذه المبادرة شاركت فيها قناة ام تي في التي سبق أن لاقت انتقادات محلية واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاستخدامها على شاشتها تعبير "الحرب على اسرائيل" وقد اعتذرت المحطة لاحقا عن هذا الخطأ. وقالت كرمى خياط نائب رئيس مجلس ادارة تلفزيون الجديد "إن قناة الجديد ترجمت عمليا مبادرة طلال سلمان عبر اقتراحها تقديم النشرة الموحدة التي استلزمت تحضيرات مسبقة بين القنوات لثلاثة أيام." واضافت لرويترز ان "هذه العمل يحفز على التحرك الأوسع في الشارع العربي الذي مازال مستكينا ولا يرقى إلى حجم الماساة الانسانية وجرائم الحرب بحق الفلسطينيين". وقد تولت قناة المؤسسة اللبنانية للارسال ال بي سي ادارة النشرة الموحدة تقنيا. وقالت المذيعة ومقدمة البرنامج السياسي الصباحي في المحطة ديما صادق لرويترز إن هذه الخطوة هي عبارة عن "تضامن على المستوى اللبناني بالشكل أولا. نحن استطعنا أن نتجاوز خصوماتنا لنستطيع أن نتحاور وهذه رسالة بحد ذاتها من أجلهم. من أجل غزةوفلسطين يمكن ان ننسى خلافاتنا الداخلية." وقال طلال سلمان لرويترز إن المبادرة جاءت من لبنان "ربما لاننا عانينا طويلا من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وربما لاننا دائما نتوقع من اسرائيل الاعتداء والتدمير والقتل." أضاف "غزة كأنها جزيرة محاصرة كما لو أنها بقعة في المحيط الهادئ. على الأقل أن يشعر المحاصرون في غزة ان هناك من يقف الى جانبهم ويتضامن معهم من لبنان الذي يعاني من انقسامات سياسية أخذت أبعادا طائفية ومذهبية."