تظاهرت العديد من العائلات بمدينة المضيق، أول أمس، على قرار إفراغها بالقوة من مكان تقيم به منذ أكثر من عقدين، بجوار «مرجة أسمير»، التي امتلكها هولدينغ عقاري وسياحي ضخم، لإنجاز فنادق فخمة، وملعب للغولف، وفيلات وشققا فاخرة. وعمت حالة من الغضب الشديد وسط الأسر التي شملها قرار الإفراغ من سكناها بالقوة من طرف القوات العمومية، فيما أصيب بعض النسوة والأمهات بانهيارات عصبية، جراء تشريدهن وأبنائهن من بينهم رضع، وإتلاف إصطبلاتهم. واعترضت أسرة الانجري وآخرون على القرار الذي سيشرد عائلات بأكملها من أجل استكمال بناء منتجع سياحي، أسال الكثير من انتقادات وغضب الحقوقيين والمدافعين عن البيئة، بعدما أجهز على آخر مكتسب بيئي بشمال المغرب، وهو «مرجة أسمير». من جهته قال أحمد المرابط السوسي، رئيس المجلس البلدي لمدينة المضيق، بأنه تدخل لدى عامل عمالة المضيق، حيث عمل على توقيف قرار إفراغ العائلات بالقوة، مشيرا إلى أنه أشعره بوجود مفاوضات مع الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حل مرضي، لأن القرار هو شأن قضائي وليس إداريا. وعرفت «مرجة اسمير» تنظيم العديد من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية من طرف فعاليات حقوقية، تنديدا بتفويت البحيرة إلى شركة عقار أجنبية، وهي كلها محاولات باءت بالفشل، حيث الأشغال جارية بها على قدم وساق من طرف الهولدينغ السياحي والعقاري، إذ من المرتقب الانتهاء من بناء 100 غرفة، و10 فيلات، و70 شقة تطل على الواجهة البحرية؛ و120 فيلا أخرى إضافة إلى مسالك للغولف، وذلك على مساحة تقدر ب 129 هكتار. وتقع «مرجة اسمير «بمحاذاة الطريق الرابطة بين تطوانوالفنيدق، بمساحة إجمالية تقدر ب 200 هكتار، 20 هكتار منها عبارة عن بحيرة و180 هكتار عبارة عن مستنقعات. حيث تعتبر المنطقة الرطبة الوحيدة المطلة على الواجهة المتوسطية لجبال الريف الغربية، والتي كانت «تتوفر على العديد من أنواع الطيور الأحياء والبرمائيات والنباتات»، إضافة إلى بعض أنواع النباتات المائية. وحسب خبراء البيئة فإن» مرجة اسمير» تلعب دورا مهمة من الناحية البيئية كتقليل التغييرات المناخية وتصفية المياه. وتعرف البحيرة التي تعتبر الرئة المتبقية التي يتنفس بها الساحل المتوسطي لجهة طنجةتطوان، حالة احتضار نتيجة زحف شركة العقار الإسبانية عليها، والتي توجه لها الجمعيات البيئية بالمنطقة تهمة «تغيير معالم جنة ومحمية طبيعية إلى بانوراما من الإسمنت والرافعات». كما تحتل موقعا منفردا عبارة عن منخفض يقع تحت مستوى سطح البحر، لاستراحة الطيور المتنقلة فيما بين أوربا وإفريقيا، حيث تعتبر مكانا موافقا لتوالد بعض الطيور المهاجرة النادرة ولإيواء حيوانات محمية كالزواحف النادرة جدا (بعض أنواع الحرباء(، وكذا الأسماك التي تتدفق إليها من البحر الذي تصب فيه. واستأثرت» مرجة اسمير» باهتمام العشرات من الباحثين ممن قدموا لدراسة تأثيرها في النظام الإيكولوجي من إسبانيا، وكندا وفلندا وإيطاليا. لكن يبدو أن آخر مكتسب بيئي لمدينة تطوان يعرف تدميرا ممنهجا جراء «تسونامي شركات البناء» على طول امتداد الشريط الساحلي اتجاه مدينة الفنيدق.