منعت سلطات مرتيل نهاية الأسبوع الماضي بعثة بيئية وطبية إسبانية من دخول حي «الديزة» دون الكشف عن أسباب المنع. ووصلت البعثة الأندلسية، التي يضم طاقمها أكثر من 12 عضوا، منهم أطباء بيطريون وأخصائيون في علم الأحياء، إلى منطقة الديزة بهدف إجراء فحوصات طبية على عينات من الطيور، خصوصا بعد نفوق أكثر من 3000 طائر بواد مرتيل. لكن السلطات منعت بعثة المجموعة البيئية «طيور اللقلاق الأسود» (COCN)، ومقرها في طريفة بإقليم قادس، بعدما قطعت مسافة 500 متر بالقرب من الواد، حيث كانوا يريدون أخذ عينات من الطيور النافقة بهدف تشريحها ومعرفة الأسباب الكامنة وراء موت هذا العدد الهائل من الطيور التي تشمل البط البري، والطير المائي، والنوارس سوداء الرأس، وغيرها من الطيور التي توجد بأراضي مرتيل الرطبة، بالقرب من مدينة تطوان، والتي يجب حمايتها والاعتناء بها. ولم تعرف لحد الآن أسباب موت الطيور بواد مرتيل، ويرجح أغلب الخبراء أنها تعود إلى تلوث مياه الواد جراء مخلفات كيماوية تابعة للمنطقة الصناعية، فيما يتخوف آخرون أن يتعلق الأمر بأنفلونزا الطيور، حيث لم تقم السلطات البيطرية المغربية المختصة لحد الآن بأي نوع من الاختبارات الطبية والتحاليل البيطرية لمعرفة أسباب مرض ونفوق الآلاف من الطيور النادرة. وانتقلت هذه الطيور، حسب مصادرنا، من محميتها السابقة مرجة «اسمير»، التي كانت تعتبر الرئة المتبقية التي يتنفس بها الساحل المتوسطي لجهة طنجة تطوان، بعدما دخلت حالة احتضار نتيجة زحف شركات العقار عليها، والتي توجه إليها الجمعيات البيئية بالمنطقة تهمة «تغيير معالم جنة ومحمية طبيعية إلى بانوراما من الإسمنت والرافعات». واضطرت هذه الطيور التي ماتت مؤخرا إلى مغادرة المرجة، التي تعتبر موقعا منفردا عبارة عن منخفض يقع تحت مستوى سطح البحر لاستراحة الطيور المتنقلة فيما بين أوروبا وإفريقيا، حيث تعتبر مكانا ملائما لتوالد بعض الطيور المهاجرة النادرة ولإيواء حيوانات محمية كالزواحف النادرة جدا (بعض أنواع الحرباء) وكذا الأسماك التي تتدفق إليها من البحر الذي تصب فيه. واستأثرت مرجة «اسمير» باهتمام العشرات من الباحثين ممن قدموا لدراسة تأثيرها في النظام الإيكولوجي من إسبانيا، وكندا وفلندا وإيطاليا. لكن يبدو أن آخر مكتسب بيئي لمدينة تطوان عرف تدميرا ممنهجا جراء تسونامي شركات العقار التي اجتاحت الشريط الساحلي في اتجاه مدينة الفنيدق، لينتهي مآل هذه الطيور النادرة بالموت على ضفاف واد مرتيل بالديزة في غياب الجمعيات المحلية المهتمة بالمحافظة على البيئة، والفعاليات المختصة بحماية الكائنات الحية النادرة.