قبل عامين، أصدر مركز بيو الشهير للأبحاث، في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تقريرا كان الأول من نوعه في عمر المركز حول الظاهرة الدينية في العالم، شمل 230 بلدا خضعت للدراسة اعتمادا على إجراء 2500 استمارة وإحصائية ووثيقة مدنية للسكان. وقد وجد المركز أن أزيد من خمسة بلايين من عدد سكان الأرض البالغ عددهم 6,9 بليون نسمة يربطون انتماءهم بالدين أكثر من أي انتماء آخر، أي ما نسبته 84 في المائة من عدد سكان العالم، وفق إحصاء عام 2010. وأكد التقرير السابق للمركز أن عدد المسيحيين يصل إلى 2.2 بليون بنسبة 32 في المائة، وعدد المسلمين 1,6 بليون، بنسبة 23 في المائة، يليهم الهندوس وعددهم بليون نسمة بنسبة 15 في المائة، ثم البوذيون وعددهم حوالي 500 مليون، بنسبة 7 في المائة، فاليهود وعددهم 14 مليونا بنسبة 0.2 في المائة. وبعد عامين من ذلك التقرير، أصدر المركز قبل أيام تقريرا جديدا يرتكز على نتائج التقرير السابق، في أفق معرفة التحولات الدينية في العالم وأثرها على العلاقات السياسية بين الشعوب ودورها في إذكاء الحروب والنزاعات، في عصر يعرف بأنه عصر الأديان، وذلك في إطار مشروع بحثي لدراسة تأثيرات الدين على المجتمعات في العالم، حسب مقدمة التقرير الأخير الذي يؤكد أن التقرير الجديد يعتبر المرحلة الثانية للبحث الذي أجري عام 2012. وبعد المؤشر الخاص بالتوزيع الديني في العالم، أنجز المركز مؤشرا جديدا حول التعددية الدينية في مختلف المجتمعات اليوم. وقد انطلق المركز من تعريف محدد لمفهوم التعددية الدينية من علم الاجتماع، يعتبر أن التعددية الدينية «تعددية الاعتقادات، بما في ذلك مدى الانقسام داخل المجتمع إلى مجموعات وأقليات، وحجم تأثير الأقلية، أي إلى أي درجة تتمتع الأقلية بالحضور داخل المجتمع المدني، وما هي المجموعة المهيمنة وما إن كانت هناك مجموعة واحدة مسيطرة أم مجموعات». وقسم المركز الدول التي شملتها الدراسة وعددها 232 دولة إلى أربع مجموعات: مجموعة الدول التي توجد فيها نسبة «عالية جدا» من التعددية الدينية وتتصدرها سنغافورة، ومجموعة الدول التي لديها نسبة عالية وتتصدرها فرنسا، ومجموعة الدول التي لديها نسبة متوسطة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأخيرا مجموعة الدول التي بها نسبة ضعيفة من التعددية الدينية، وتتزعمها إيران. ويلاحظ أن هذه المجموعة هي التي تشكل النسبة الأكبر، حيث تصل نسبتها إلى 60 في المائة من عدد البلدان المشمولة بالبحث، بينما تصل نسبة المجموعات الأخرى، كل على حدة، إلى 20 في المائة، وهو ما يعني أن ظاهرة عدم التعددية الدينية هي الظاهرة الأكثر انتشارا في العالم. وقد كشف المركز في تقريره أن منطقة جنوب المتوسط، التي يطلق عليها اسم «منطقة مينا»، وهي المنطقة التي شهدت الحراك العربي خلال السنوات الثلاث الماضية، هي المنطقة الأقل حضورا للتعددية الدينية فيها، علاوة على أمريكا اللاتينية والكاريبي، مقابل البلدان الآسيوية مثل سنغافورة وتايوان وفيتنام. ويفسر التقرير ظاهرة غياب التعددية الدينية في البلدان السابقة بقلة عدد المسلمين في أمريكا اللاتينية والباسيفيك، وقلة عدد المسيحيين في البلدان العربية جنوب المتوسط. أما المغرب، فقد احتل المرتبة ما قبل الأخيرة ضمن مجموعة الدولة التي لديها نسبة ضعيفة من التعددية الدينية، حيث احتل الرتبة 231 من أصل 232 دولة. ووفقا للتقرير، فإن المسلمين من يشكلون النسبة الأكبر في المغرب ب99.9 بالمائة، فيما الديانة المسيحية واليهودية لا تتعدى نسبة حضورهما 0.1 بالمائة، وخلافا للمغرب; كشف التقرير أن الجزائر أكثر تنوعا في الحقل الديني مقارنة بالمغرب، حيث وصل عدد المسيحيين إلى 0.2 بالمائة والبوديون إلى 0.3 بالمائة، واعتبرت السعودية حسب التقرير أكثر تنوعا من المغرب والجزائر، حيث يصل فيها عدد المسلمين إلى 93 بالمائة، ويرتفع عدد المسيحيين إلى 4.4 بالمائة، و1.1 بالمائة من الهندوس، بالرغم من التضييق الذي تمارسه على غير المسلمين، وانتهاج سياسة متشددة إزاءهم.